مسكينة بكركي… كم تُرتكب باسمها المعاصي في حقّ الوطن

8 أبريل 2024
مسكينة بكركي… كم تُرتكب باسمها المعاصي في حقّ الوطن


احتارت بكركي في تعاملها مع هكذا نوع من السياسيين، وبالأخصّ مع أبنائها المفترض بهم نظريًا أن يكونوا تحت عباءة بطريركهم، أيًّا يكن هو المعطى هذا المجد، الذي لم يُعطَ لغيره، لا من أبناء كنيسته ولا لغيرهم من اللبنانيين المنتمين نظريًا أيضًا إلى وطن واحد، ويعيشون في ظل دستور وقوانين واحدة. فمهما حاولت هذه المرجعية المسيحية، والتي هي باعتراف الجميع مرجعية وطنية، ولها حضورها الآسر في الحقل الوطني والحقل السياسي بمفهومه العميق وليس الضيق، أن تقوم بمبادرات وطنية توحيدية، بدءًا من نظرية وحدة المسيحيين وصولًا إلى توحيد كلمة جميع اللبنانيين ضمن موازين وطنية لا يمكن لأحد أن يختلف على عناوينها العريضة، يطلع لها من يعارضها، أو من يعمل عكس ارادتها وتوجهاتها.

Advertisement

فبكركي لا تفكرّ في اتجاه واحد عندما يتعلق الأمر بمصير الوطن. فهي لا تحابي الوجوه، بل تكون كلمتها نعم نعم ولا لا. وعندما نقول بكركي يعني ما يصدر عن مجلس المطارنة الموارنة من مواقف وطنية مبنية على ثوابت غير قابلة للتغيير مع هبوب كل ريح. ولكن هذا لا يعني أن المطارنة والأساقفة عندما يجتمعون مرّة كل شهر لا يتناقشون ولا يتجادلون، إذ لكل مطران أو أسقف رأيه الخاص ونظرته إلى الأمور الوطنية والسياسية، ولكن عندما يصدر بيان عن اجتماعهم الدوري يصدر باسم الجميع، وليس باسم بعض المطارنة دون الآخرين، حتى ولو كان هؤلاء معارضين أو معترضين داخل الجدران الأربعة على بعض العناوين والتفاصيل.
ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن يكون كل ما يصدر عن بكركي غير قابل للنقاش، وهو أمر له علاقة بالديمقراطية وبحرية الرأي واحترام الرأي الآخر حتى ولو كان مختلفًا. وهذا ما تعترف به بكركي، مع إقرارها بأن المجتمع اللبناني المسيحي هو من بين المكونات الرئيسية في البلد، الذي تُمارس فيه الديمقراطية بأبهى مظاهرها، وذلك استنادًا إلى واقع معيوش، ويترجم بتعدّد الخيارات السياسية داخل هذا المجتمع الواحد، وإن كان البعض يميل إلى القول إن هذه التعددية في الخيارات والتوجهات السياسية قد يكون ضررها أكثر بكثير من فوائدها. وهذا ما يفسرّ حال الخلاف السائد بين الأحزاب المسيحية إلى حدّ الخصومة، إذ نادرًا ما يرى المرء اجتماعًا لزعيمي حزبين مسيحيين، حتى ولو كانت توجهاتهما السياسية متقاربة إلى حدّ ما. وهذا ما يفسّر التشرذم الحاصل بين الأحزاب المسيحية، والتي يترأسها موارنة.
جرت محاولات لتوحيد الصفوف وتصفية القلوب بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” لتتويج مصالحة بينهما انتهت بما سمي بـ “اتفاق معراب”، الذي سقط بمجرد وصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا. وكذلك شهد الصرح البطريركي “لقاء مصافحة” بين الدكتور سمير جعجع ورئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، وهو لقاء يتيم أعقبته لقاءات عدّة على مستوى اللجان المشتركة. ولكن كل طرف بقي في مكانه وعلى مواقفه السابقة. فلا “اتفاق معراب” كان كافيًا لتقريب المسافات بين “معراب” و”ميرنا الشالوحي”، ولا “لقاء المصافحة” كان كافيًا لردم الهوة القائمة بين “معراب” و”بنشعي”.
فـ “وثيقة بكركي” تتضمن في عناوينها العامة نظرة مستقبلية عن لبنان الغد، الذي يؤسس لمرحلة جديدة قائمة على الحياة الوطنية التشاركية بين كل مكوناته، ولكن ممثلي الأحزاب المسيحية، باستثناء تيار “المردة” الذي لم يشارك.اجتمعوا في الصرح البطريركي بدعوة من البطريرك الراعي واتفقوا على الا يتفقوا، وهذا ما اعطى النائب طوني فرنجية ذريعة لتبرير عدم مشاركة “المردة” بلقاء بكركي.
مسكينة بكركي كم تُرتكب باسمها المعاصي في حقّ الوطن.