قطعت مواقف وتصريحات رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل شوطا متقدما في انتقاد تعاطي حزب الله في الجنوب والحديث عن انتصاراته وربطه الساحات ، حتى خيل للبعض انه ناطق أساسي لقوى المعارضة، فما لم تقله هذه القوى قاله باسيل لاسيما عندما سأل: لا اعرف كيف يمكننا ام ننتصر على إسرائيل ودولتنا منهارة واقتصادنا بالأرض ومؤسساتنا متحللة ووحدتنا الوطنية مهددة وشراكتنا على المحك… ولكن رئيس التيار لم يتوقف عند هذا الحد.بل أضاف: “عندما يعتقد أحد أن بامكانه التحكم ببقية اخوانه المواطنين وينتصر على إسرائيل فهو واهم ” .
وظهر باسيل متفوقا على المعارضة ، وواضعا علاقته مع الحزب في واقع متأزم، رغم محاولاته اللاحقة تخفيف وطأة انتقاداته. والواضح أنه لم يعد يريد مجاراة حليفه لسبب من الاسباب، وهو لو فعل ذلك مرارا وتكرارا، لا يعني أنه لبس عباءة الفريق المناهض لقوى الممانعة، ذلك أن هذا الفريق نفسه لا يمكنه استيعاب فك ارتباط “التيار والحزب”، على أنه في المقابل لا يمكن التغاضي عن مواقف باسيل الأخيرة التي عكست رفضا مباشرا لما يقوم به حزب الله .
وانطلاقا من ذلك ، يجوز السؤال عن موقع “التيار الوطني الحر” الجديد ،وتوجهه، ورغبته في الأنضمام إلى المعارضة أو تفضيله البقاء في موقع مغاير أو سرب منفصل عن باقي القوى . ربما يصعب التصنيف حتى وإن كان البعض لا “يقبض جد”ما يفعله أو يقوله رئيس التيار البرتقالي.
وبالنسبة إلى أوساط معارضة، فإن باسيل لم يعلن أن تياره هو تيار معارضة، وتؤكد ل “لبنان ٢٤ ” أنه في الأصل ما من حوارات بين هذه القوى والتيار، وما جرى في ما خص التقاطع الرئاسي لا يصلح لأن يتحول إلى تقاطع لملف آخر ،فالمسافات لا تزال بعيدة ،كما أن ملاحظات المعارضة لا تشبه ملاحظات “التيار” في أي ملف ، أما الالتقاء على رفض ما يجري في الجنوب وتوريط لبنان فهو مجرد التقاء ولا يعني تحميله أي أمر آخر ،خصوصا أن “التيار” قرر في وقت من الأوقات سلوك طريق آخر وربما يصعب عليه العودة إلى نهج “الرابع عشر من آذار” ، وهو في قرارة نفسه ولاسيما عند بعض جماعته غير راغب في قطع” شعرة معاوية” مع فريق الممانعة، ومن هنا جاء ايفاد ممثلين عن باسيل إلى قيادات هذا الفريق، معلنة أن التيار يميل إلى الشعبوية” في اغلب الاحيان ويعود إلى مبادئ محددة كلما وجد نفسه محشورا،في حين بات مؤكدا أن التيار يلعبها وفق ” المصلحة”وحيثما تديره.
وتنفي الاوساط نفسها أن تتوسع جبهة المعارضة لتضم “التيار”، لكون معارضته لا تشبه المعارضة السيادية وفي كل الأحوال فإن هذه الجبهة ترحب بمن يتشارك معها الثوابت نفسها لجهة رفض الاستئثار بالحكم والتفرد في القرارات ولاسيما قرار السلم والحرب وتغييب الدولة اللبنانية.وتعتبر الاوساط أن “التيار” يبرر لنفسه أي استدارة كما فعل في عدة مرات ، وعند أي استحقاق تتظهر نواياه أكثر فأكثر ،لافتة إلى أنه بالنسبة إلى الملف الرئاسي فإن التقاطع الذي حصل مع “التيار” على الوزير السابق جهاد ازعور قد يتكرر أو لا يتكرر، وأن المسألة لم تناقش بعد ، خصوصا أن هناك معطيات تفيد أن ل”التيار” مرشحا ينوي طرحه.
وتتحدث الاوساط عن خطوط عريضة رسمها “التيار” لن يتجاوزها، بالنسبة إلى هذا الملف وكذلك الأمر في ما خص بعض الأسماء، وترى أن استحقاق الانتخابات البلدية والأختيارية يشكل محور اختبار لتحالفات “التيار” ، علما ان لا شيء واضحا بعد .
وفي خلاصة ما سبق فانه إذا كانت العلاقة بين “التيار الوطني الحر” وحزب الله تشهد تأزما فليس بالضرورة أن ينتعش التحالف بين المعارضة والتيار، أو تفتح صفحة جديدة بينهما، كما أن مسار الأمور وحده من يتحكم بأي توجه أو خيار لهما .