جميع اللبنانيين متفقون على حلّ هذه الأزمة

13 أبريل 2024
جميع اللبنانيين متفقون على حلّ هذه الأزمة


أن يُطالب اللبنانيون على مساحة كل الوطن بأن يكون أمنهم مصانًا، وبعدم قتل أولادهم لأسباب تافهة، وبعدم سرقة بيوتهم حتى في وضح النهار، وبوضع حد لمن يسابقهم إلى لقمة الخبز، ليس تعصبًا أو عنصرية. فهذا اللبناني المنفتح على الجميع معروف عنه حبّه للضيف والغريب، وكيف يكرمهما متى حلّا في ضيافته، فيقول لهم “أنتم أهل البيت ونحن الضيوف”، لم تكن لتراوده فكرة “تنظيف” مناطقه من الوجود غير الشرعي لبعض السوريين، الذين أصبحت أعدادهم في بعض المناطق ضعفي عدد سكانها، لو لم يصبح هذا الوجود خطرًا داهمًا وقنبلة موقوتة.

Advertisement

فما حصل مع القيادي القواتي باسكال سليمان، وقبله جريمة الاشرفية، وغيرهما من الحوادث الأمنية المتفرقة في أكثر من منطقة، أعاد فتح ملف النازحين السوريين على مصراعيه، وهو ملف وطني بامتياز، أي أنه لا ينحصر بطائفة أو بفئة لبنانية دون غيرها، بل هو ملف يجمع عليه جميع اللبنانيين، على رغم أنهم يختلفون على أمور كثيرة، ولكنهم يتفقون على اعتبار أن هذا الوجود المتنامي للسوريين في لبنان هو خطر وجودي، خصوصًا أن الدول الغربية تعمل على إبقائهم حيث هم، مما يعني، ولو بصورة غير مباشرة أو علنية، توطينهم في لبنان وفي الأردن وفي تركيا، مع فارق كبير، وهو أن وجود السوريين في كل من الأردن وتركيا منظّم ومضبوط من قِبل السلطات الأمنية والإدارية، وأن وجودهم محصور في المخيمات، ويخضعون لمراقبة شديدة، إذ من غير المسموح لأي نازح مغادرة مخيمه إن لم يُعطَ تصريح رسمي بذلك. أمّا في لبنان فإن وجودهم بهذا الشكل الفوضوي بات همًّا جديدًا يزاد على الهموم الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، التي يعيشها كل لبناني من أقصى الشمال إلى العمق البقاعي مرورًا بكل أقضية جبل لبنان.
فما يُتهم به اللبناني من أنه متعصّب وعنصري ليس سوى محاولات خبيثة من قِبل بعض الدول الأوروبية، وذلك لتغطية السماوات بالقباوات، لأن  ما لدى الأجهزة الأمنية من معلومات وما ترد إليها من تقارير مخابراتية يدعو إلى عدم الاطمئنان وإلى القلق، خصوصًا أنها تتضمن كمًّا هائلًا من المعلومات الأكيدة عن وجود نسبة كبيرة من الإرهابيين والمجرمين من بين النازحين السوريين، مع ما تشير إليه الاحصائيات من أعداد متزايدة من السوريين، إذا أنه مقابل كلّ لبنانيَين أثنين هناك نازح سوري واحد، ومقابل كلّ ولادة لأم لبنانية، هناك 4 ولادات لأمهات سوريات من دون أوراق ثبوتية، علماً أنّ نمو اللبنانيين يُسجّل 1 % سنوياً، في حين يصل لدى النازحين السوريين الى 4%، وهنا يكمن الخطر الحقيقي في إمكانية أن يفوق عددهم عدد اللبنانيين خلال السنوات المقبلة في حال لم يتمكّن المجتمع الدولي من إيجاد حلّ لأزمة العصر.
والأخطر من هذا هو أن المعلومات لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية تشير إلى أنّ 85% من الجرائم يرتكبها سوريون بالتعاون مع بعض الفلسطينيين أو اللبنانيين، وأنّ 40% من الموقوفين من حاملي الجنسية السورية، فضلاً عن وجود أكثر من 3 آلاف سجين سوري في السجون اللبنانية، فضلًا عن الكلفة الاقتصادية لهذا النزوح، حيث بلغت كلفته بالمباشر ما يقارب المليار ونصف المليار سنوياً، وفق آخر تقرير للبنك الدولي، في حين بلغت الكلفة غير المباشرة 3 مليار دولار في السنة الواحدة. وهذا يعني أنّ كلفة استضافة النازحين السوريين على الخزينة اللبنانية وصلت الى 4 مليارات ونصف المليار دولار سنوياً، أي ما مجموعه 58 مليارا خلال السنوات الـ 13 المنصرمة. وهذا الرقم كبير جدّاً، وليس في إمكان لبنان تحمّله.
فهذا الوضع غير الطبيعي للنزوح السوري، الشرعي وغير الشرعي، مع ما يخلقه من مضاعفات اقتصادية وديموغرافية واجتماعية وأمنية، لم يعد مقبولًا. وهذا الرفض هو رفض لبناني جامع، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وليس رفضًا فئويًا أو طائفيًا. فهل يمكن الاستفادة من وحدة الموقف هذا لتعميم ثقافة الوحدة الشاملة، التي تبدأ حتمًا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.