تزايدُ النشاط العسكريّ للتنظيمات الفلسطينية داخل لبنان خلال الفترة الأخيرة، بات يطرحُ تساؤلات عن “أمن مناطق لبنانية” قد تُصبح في دائرة التوتر رغم أنها بعيدة عن المنطقة الجنوبيّة.
المسألة هذه تحدّثت عنها مصادر معنية بالشؤون العسكرية لـ”لبنان24″ إذ قالت إن المنظمات الفلسطينية لم تُوقف تدريباتها داخل لبنان حتى في ذروة الإستهدافات التي طالتها، والأساس لذلك هو منطقة البقاع التي تحولت إلى معسكر تدريب.
Advertisement
تلفت المصادر إلى أنَّ حركة “حماس” تُكثف حراكها الأمني والعسكريّ استعداداً لـ”سيناريو المعركة المفتوحة” الذي بات مطروحاً بشدة بعد الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل قبل يومين، وتهديد تل أبيب بالرّد.
لا يمكن للفصائل الفلسطينية في لبنان أن تجدَ نفسها بعيدة عن المشهد، حتى وإن خفّضت من نطاق وعدد عملياتها ضدّ إسرائيل في جنوب لبنان. إلا أنه في المقابل، فإنّ ذلك لا يعني “تجميد” الحراك العسكري، وتلفت المصادر إلى أنّ الجهة الأكثر تنظيماً لما تقوم به المنظمات الفلسطينية هي “حزب الله” وتحديداً في مناطقه التي تعتبرُ بعيدة عن الجنوب وتكمن فيها قدرة تنفيذ تدريبات عسكرية متواصلة.
رغم الرقابة الإسرائيليّة، يمكن لتلك التنظيمات الفلسطينية إجراء مناورات عالية المستوى، فيما تتحدث المعلومات عن انخراط خبراء متخصصين بالعمليات الهجومية في تلك العمليات على اعتبار أنّ هناك جبهة مفتوحة، وتحتاج إلى تحضيرات عالية المستوى وذلك في حال قرّرت إسرائيل شنّ هجمات موسعة ضد لبنان.
ضربة “غولاني” رسالة
وإن تم النظر أكثر في عمق الأمور، قد تكون الضربة التي نفذها “حزب الله” ضد لواء “غولاني” الإسرائيلي أثناء محاولته التوغل داخل الأراضي اللبنانية، بمثابة مقدّمة لنشاط عملياتي يضع سيناريوهات الإجتياح الإسرائيلي البرّي على المحك. إلا أنه في المقابل، يمكن أن يحمل استهداف “غولاني” في الجنوب رسالة يتلقفها الفلسطينيون بالدرجة الأولى، إذ أن للمنظمات الفدائية الفلسطينية تجربة مع هذا اللواء داخل جنوب لبنان في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي خصوصاً أن دوره كان يتمحور في مهاجمة حركة “فتح” وغيرها من الفصائل التي كانت تتمركز في الجنوب قبل دحرها من هناك بفعل التوغل الإسرائيليّ المقترن بإجتياح برّي حصل عامي 1978 و 1982.
أما اليوم، فإن “البندقية” إنتقلت إلى حركة “حماس” وحلفائها من التنظيمات الفلسطينية العسكرية، مع العلم أنَّ المعلومات تقول أيضاً إن هناك فصائل فلسطينية “تقليدية” تسعى لفرض نفسها عسكرياً على ساحة التدريبات المستمرة خصوصاً في ظل المرحلة الحالية.
أين فلسطينيو لبنان من الرّد الإيراني؟
وفي ذروة الإستعداد الإسرائيلي لإسداء ردّ ضد إيران، تُجمع مختلف التقارير الإسرائيلية على أنّ “حزب الله” في لبنان شارك بشكلٍ متواضع في الرّد الإيراني، بينما هناك من يعتبر أن الحزب “حيّد” نفسهُ عن تلك الضربة لأسباب عديدة أبرزها أنه لا يريد استنزاف قوته في الوقت الراهن، ولأن إيران لا تريد حالياً إقحامه في معركة قد تعتبرها إسرائيل عنواناً لشنّ حرب عليها، وبالتالي توسيع المواجهة ضدّ الحزب في لبنان.
“النأي بالنفس” الذي اعتمدهُ “حزب الله” نسبياً خلال اليومين الماضيين، رغم الضربات التي أسداها لإسرائيل ضمن قواعد الإشتباك المُعتمدة، قد يجعل لبنان مُحيّداً عن أي ردّ إسرائيلي ضد إيران. إلا أنه في المقابل، فإنّ هذا الأمر قد لا يستمرّ طويلاً، فطالما إسرائيل بادرت إلى مهاجمة طهران مباشرة وقصفت مواقع هناك، عندها قد يكون الحزب نفسه مُضطراً للرد وقصف إسرائيل بشدة، وستكون المعركة الفعلية قد بدأت سواء من لبنان أو من البلدان الأخرى المحسوبة على “محور الممانعة”.
هنا، وفي هذا الإطار، لن يكون الفلسطينيون بمنأى عن الإستهداف الإسرائيليّ في حال حصول حرب شاملة، فالمسألة ستكون مفتوحة، ولهذا السبب يحصل الإستعداد بقوّة لاسيما أنّ ما قد يحصل على صعيد المنطقة سيعني الفلسطينيين داخل لبنان بشكلٍ مباشر بغض النظر عمّا سيواجهه “حزب الله” من معارك عسكريّة.
في خلاصة القول، يتضحُ تماماً أن مسار المنظمات الفلسطينية في لبنان لم يأخذ منحى إنحدارياً حتى وإن تقلص نطاق عملياتها، وهذا الأمر سيعني تكريساً جديداً لقوة أكبر يمكن أن تفرض نفسها خلال مواجهات جديدة قد تكون محتملة.