نصف عام على اندلاع الحرب في الجنوب.. الأرقام تجسّد الكارثة

21 أبريل 2024
نصف عام على اندلاع الحرب في الجنوب.. الأرقام تجسّد الكارثة

 

وعلى الرغم من فرض موازين كبيرة، إلا أنّ “جبروت إسرائيل” لم يسمح لها أن تظهر بصورة الخاسرة أمام “مواطنيها”، وهذا ما دفعها خلال الأشهر الأولى من الحرب الى أن تعود إلى عقلية التدمير، والإبادة، والقتل.. ففي 5 تشرين الثاني، استهدفت إسرائيل بمسيّرة سيارة مدنية على طريق عيناتا – عيترون، جنوب لبنان، وهذا ما أدى إلى استشهاد الجدة سميرة عبد الحسين أيوب وحفيداتها ريماس التي تبلغ من العمر 14 عامًا، وتالين التي تصغرها بعامين، وليان التي أكملت العشرة أعوام. احتاجت إسرائيل فقط 16 يومًا لتوجّه صواريخها على فريق قناة “الميادين”، لتستشهد في 21 تشرين الثاني مراسلة “الميادين” فرح عامر والمصور ربيع المعامري ومدنى آخر في طيرحرفا جنوب لبنان، بعد أن قتلت إسرائيل قبلها بشهر تقريبًا وتحديدًا في 13 تشرين الأول الصحافي عصام عبدالله من وكالة رويترز، وجرحت 4 صحفيين آخرين.

 

وإلى يوم 23 تشرين الثاني، أي بعد يومين من استهداف فريق “الميادين” نفذ حزب الله 22 عملية نفذها قبل بدء الهدنة اليتيمة، ليكون الجنوب على موعد مع جولة قتالية ثانية كانت أشدّ عنفًا من الأولى، ربما لأنّها ستكون الأخيرة مع بوادر انتهاء حرب غزة.

 

ففي 24 كانون الأول الماضي بدأت إسرائيل بتوسيع نطاق أعمالها مع وصولها إلى عمق مدينة بنت جبيل للمرة الأولى، ثم تبعها الوصول إلى عمق الضاحية مع استهداف صالح العاروري، ومن بعدها سلسلة ارتكاب المجازر، أولها في النبطية في 14 شباط بعد استشهاد 10 مدنيين، وثانيها في 27 آذار بعدما اتكبت مجزرة بحق 7 مسعفين من جمعية الإسعاف اللبنانية ببلدة الهبارية وذلك بعد 24 ساعة على أعمق هجوم جوي وصلت إليه إسرائيل وهو استهداف جرود الهرمل قرب الحدود مع سوريا والتي تبعد 120 مترًا عن الحدود الجنوبية.

 

الفاتورة البشرية قاسية

 

أكبر فاتورة ممكن التكلم عنها في هذه الحرب هي الفاتورة البشرية، إذ أشارت أرقام الدولية للمعلومات إلى أنّ 356 شخًصا استشهدوا ودفعوا فاتورة الحرب، وتوزعوا بين 264 شهيدًا للحزب، 9 شهداء من الهيئة الصحية الاسلامية التي هي أيضا تابعة للحزب، 59 مدنيًا، 16 شهيدا من حركة أمل، 3 شهداء من كشافة الرسالة الاسلامية، 3 شهداء من الجماعة الإسلامية، 3 شهداء من الفرق الصحافية، شهيد للجيش وشهيد للحزب السوري القومي الإجتماعي. واللافت أن أكثر من نصف هؤلاء الشهداء (52%)هم من الفئة العمرية الشابة والتي تتراوح بين 20 و35 سنة.

 

على مقلب آخر تمثلت الخسائر البشرية الاخرى بنزوح أكثر من 91 ألف شخص، توزعوا على مراكز إيواء رصدتها الدولة، وتحاول الأحزاب الفاعلة قدر الإمكان أن تؤمن المساعدات اللازمة لصمود هؤلاء. بالتوازي، فقد علم “لبنان24” أن عشرات الجمعيات انخرطت بعملية رصد المساعدات، حيث أنّها تؤمّن وبشكلٍ يوميّ أكثر من ألفي وجبة طعام توزّع على المراكز يوميًا.

من الرابح حتى الآن؟

 

مع استمرار الحرب إلى حدّ اللحظة، وارتفاع وتيرة التهديد الإسرائيلي لا أحد استطاع إلى اليوم أن يصل إلى أهدافه، فلا حزب الله تمكن من لجم الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة باعتبار أن جبهته هي جبهة مساندة إذ إنّ غزة سوّيت بالارض، إضافة إلى تدمير مناطق جنوبية عديدة، ومنها ما أصبح منكوبًا بشكلٍ كاملٍ؛ ولا إسرائيل أيضا تمكنت من الوصول إلى هدفها الكبير الذي يتجلى بإبعاد الحزب نهائيًا إلى شمال الليطاني، إلا أنّها أثبتت قدرتها العسكرية مرة أخرى، واتجهت الى نوع جديد من الحرب استطاعت أن تتفوق من خلاله على حزب الله، ألا وهي الحرب التكنولوجية التي مكّنتها من الوصول إلى أهمّ القادة على الأرض اللبنانية.

 

وفي اذار سياسة الأرض المحروقة لم تقتصر استهدافات إسرائيل على البشر، بل تبعها الشجر أيضًا، إذ إنّ الفوسفوري المحرم دوليًا، والتي أكّدت تقارير جهات عالمية غير حكومية على استخدامه من قبل العدو، فتك بأراضي أهالي الجنوب الذين يعتمدون بشكل كبير على الاراضي التي تعتبر مصدر رزقهم الاول، إذ طال القصف إلى حدّ اليوم 800 هكتار تضررت بشكل كامل، أضف إلى فقدان أكثر من 340 ألف راس ماشية، وهذا ما شكّل هنا ضربة قاسية جدًا للمَزارع الأساسية التي كانت تتواجد في الجنوب، علمًا أنّ بعض هذه المزارع قد تم قصفها عن سابق تصورٍ وتصميم من دون أن يكون هناك أي شبهات عن أنّها تعتبر مركزًا لحزب الله أو تحتوي على أي مستودعات للأسلحة.

 

وبحسب أرقام وزارة الزراعة التي تظهر الكارثة الكبيرة، فإنّ الفوسفوري تسبب بنشوب 707 حرائق في 55 بلدة، قضت على 55 ألف شجرة زيتون معمّرة، و310 قفار نحل احترقت بشكل كليّ، و3000 قفير تضرر بشكل جزئي، كما دمّر 600 متر من مستودع أعلاف واحد، بالاضافة إلى استهداف 8 مزارع.

 

وحسب معلومات “لبنان24” فإنّ استهداف المزارع ونفوق الماشية ارتدّ بشكلٍ واضحٍ على عمل المصانع والمعامل في الجنوب، حيث توقفت أكثر من 10 معامل عن العمل، ما تسبب بانقطاع الانتاج الكلي، إذ كانت تغذي هذه المعامل المنطقة الجنوبية بالكامل لناحية إنتاج الأجبان والألبان والحليب، وهذا ما طرح أولا مسألة الحالة الإجتماعية لمئات العمال الذين توقفوا عن العمل، بالاضافة إلى مسألة الأمن الغذائي التي بدأت على ما يبدو تدقّ ناقوس الخطر.