منظمات إنسانية في بيروت: ذوي الاحتياجات الخاصة هم الأكثر حاجة للحماية والانقاذ في قطاع غزة

25 أبريل 2024
منظمات إنسانية في بيروت: ذوي الاحتياجات الخاصة هم الأكثر حاجة للحماية والانقاذ في قطاع غزة
عبد معروف

أعلنت منظمات إنسانية وطبية في بيروت، أنها ترصد بقلق شديد العمليات العسكرية الاسرائيلية في قطاع غزة خاصة منذ الثامن من أكتوبر الماضي، وحرب الابادة التي يشنها الجيش الاسرائيلي في القطاع دون رحمة بالمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة.

وأشارت المنظمات في تقارير منفصلة أن ذوي الاحتياجات الخاصة يتعرضون على يد الجيش الاسرائيلي لأبشع أنواع التنكيل والحرمان والتجويع والقتل بصورة غير مسبوقة في التاريخ البشري، ما يعد خرقا فاضحا للقوانين والشرائع والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة.

ففي قطاع غزة، يعاني جميع السكان من عمليات القتل والحصار والتدمير والتهجير، إلا أن 58 ألف شخص من ذوي الإعاقة – 6.2 % من السكان – يواجهون تحديات أكثر حدة وهم يعانون من الضروريات الأساسية مثل السلامة والغذاء والسكن والحصول على المواد الأساسية للحفاظ على صحتهم. لذلك فإن كرامتهم وحقوقهم الانسانية مهددة بشكل مباشر.

وبالإضافة إلى ذلك، فحالة الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة والذين لا يستطيعون الحصول على الرعاية الطبية وحالة كبار السن مثيرة للقلق للغاية، في هذا السياق أصدرت المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان، تقريراً حقوقياً يستعرض معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة، حيث يواجهون تحديات حادة في الحصول على الضروريات الحياتية والرعاية الطبية، فهم يواجهون صعوبات كبيرة في النزوح والوصول إلى المساعدات، ما يجعلهم أكثر عرضة للموت.

شدد تقرير المنظمة التي تتخذ من بيروت مقرا لها، على ضرورة حماية المدنيين ذوي الإعاقة في قطاع غزة وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إليهم، ويبيّن مسؤولية الاحتلال الاسرائيلي تجاه هذه الفئة بناءً على توقيعه ومصادقته على الاتفاقية في العام 2012.
كما عرض التقرير مجموعة من التحديات التي تواجههم، لاسيما صعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية، والنزوح القسري الذي يفرض عليهم تحديات إضافية في سبيل البقاء على قيد الحياة، ويعرضهم للإصابة أو القتل، فضلاً عن عدم توفر أماكن إقامة مناسبة، حيث تفتقر مراكز الإيواء إلى التجهيزات الملائمة لهم.

وخلص التقرير إلى مجموعة من التوصيات من شأنها تحسين أوضاع هذه الفئة، أهمها دعوة لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لإرسال بعثة تقصي حقائق إلى غزة، وأيضاً دعوة المجتمع الدولي للعمل على وقف دائم لإطلاق النار، وتحسين وصول الخدمات الأساسية إلى سكان قطاع غزة بشكل عام ولهذه الفئة بشكل خاص.

ورصد التقرير تفاقم معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة خلال الحرب الاسرائيلية الجارية على قطاع غزة منذ 8 من تشرين الثاني 2023 ، وازدياد أعدادهم بشكل ملحوظ، لافتا إلى تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) الذي يفيد بأن “1000 طفل في غزة فقدوا إحدى ساقيهم أو كلتيهما” منذ بداية العدوان الاسرائيلي.

وأن معظم العمليات الجراحية التي أجريت للأطفال، تمت دون تخدير.

وقال جيمس إلدر – “Elder James – “المتحدث باسم (اليونيسف)، إن قطاع غزة هو أخطر مكان في العالم للطفل خاصة منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة”، مضيفا أنه يوما بعد يوم “يتعزز هذا الواقع الوحشي”، وتبين منظمة إنقاذ
الطفولة، إلى أن ما لا يقل عن 10 أطفال يفقدون سيقانهم كل يوم في قطاع غزة.
من جهتها، حذرت منظمة دلتا المعنية بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، من العمليات التي وصفتها بالاجرامية التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي ضد ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة، وأكدت المنظمة في تقرير لها، أن الجيش الاسرائيلي يقتل ويلاحق المعوقين الفلسطينيين في محاولة إرهابية لتعذيب وإبادة هذا الشعب.

وطالبت المنظمة بتدخل دولي عاجل لوقف الارهاب الاسرائيلي ضد المرضى والمعوقين الفلسطينيين خاصة الأطفال، وأشارت إلى أنها على تواصل دائم مع الجمعيات المعنية ومرضى من سكان القطاع الذين يتحدثون عما تعرضوا له من عمليات إجرامية إسرائيلية تشكل خرقا للقوانين الدولية.

وكانت “هيومن رايتس ووتش” ذكرت في تقرير لها، أن القصف، والحصار، والهجوم البري الكبير من جانب الجيش الاسرائيلي على قطاع غزة يتسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين الفلسطينيين ذوي الإعاقة. كما أنهم يواجهون صعوبات أكبر في الفرار من الهجمات وتلبية الاحتياجات الأساسية والحصول المساعدات الإنسانية التي هم في أمس الحاجة إليها.

وأضافت، المخاطر الجسيمة التي يواجهها جميع المدنيين في غزة جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية تتضاعف على الأشخاص ذوي الإعاقة. فالأمر الذي أصدرته حكومة تل أبيب لجميع المدنيين في شمال قطاع غزة بالإخلاء إلى الجنوب لم يأخذ بعين الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، إذ لا يستطيع الكثيرون منهم المغادرة. وقد عرّضهم أمر الإخلاء لمخاطر الحرب ولم يضمن توفير سكن مناسب وظروف مقبولة لهم.

قالت أمينة تشيريموفيتش، باحثة أولى في حقوق ذوي الإعاقة في هيومن رايتس ووتش: “يزيد الهجوم البري الكبير الذي شنه الجيش الإسرائيلي في غزة بشكل لا يوصف الصعوبات الخطيرة التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في الفرار، والعثور على مأوى، والحصول على المياه والغذاء والدواء والأجهزة المساعِدة التي يحتاجون إليها بشدة. على الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل الآخرين الضغط على إسرائيل لاتخاذ جميع الخطوات اللازمة لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة ورفع الحصار”.

وأشارت هيومن رايتس إلى أنها أجرت اتصالات هاتفية بين 18 و29 أكتوبر/تشرين الأول، مع 13 شخصا من ذوي الإعاقة في غزة، عشرة منهم قالوا إنهم نزحوا داخليا، واثنان من أفراد عائلات الأشخاص ذوي الإعاقة، وأخصائي نفسي.

وصف أولئك الذين تمكنوا من الإخلاء الرعب الذي شعروا به لاضطرارهم إلى مغادرة منازلهم، والتي صممت لتتكيف مع احتياجاتهم، إضافة إلى الأجهزة المساعِدة، كالكراسي المتحركة، وأجهزة المشي، وأجهزة السمع. كما أثاروا مخاوف بشأن عدم حصولهم على الأدوية الأساسية وتأثير ذلك على صحتهم النفسية. وقد اضطروا هم ومئات الآلاف غيرهم إلى اللجوء إلى مراكز إيواء طارئة مكتظة؛ ومعظمها في المراكز الصحية والمدارس، حيث يوجد شح في المياه والغذاء ومرافق الصرف الصحي.

كما أن النقص العام في الأجهزة المساعِدة في غزة، كالكراسي المتحركة والأطراف الاصطناعية والعكازات وأجهزة السمع، نتيجة القيود المرتبطة بالحصار غير القانوني الذي تفرضه إسرائيل على غزة منذ 16 عاما، يؤثر أيضا على قدرة الناس على الفرار. الأشخاص ذوو الإعاقات البصرية أو السمعية أو النمائية أو الذهنية قد لا يسمعون ما يحدث أو يعرفون عنه أو يفهمونه.

إشار إلى أن القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان يحمي حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في النزاعات المسلحة. وتنص “اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”، التي صادقت عليها إسرائيل في 2012، أن على الدول الأعضاء، وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، اتخاذ “كافة التدابير الممكنة لضمان حماية وسلامة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يوجدون في حالات تتسم بالخطورة، بما في ذلك حالات النزاع المسلح”.

ويحث قرار “مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة” رقم 2475 جميع أطراف النزاع المسلح على اتخاذ تدابير لحماية المدنيين ذوي الإعاقة؛ والسماح بالمساعدات الإنسانية وتسهيل وصولها بشكل آمن وفي الوقت المناسب ودون عوائق إلى جميع الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة؛ ودعم تقديم مساعدة مستدامة وملائمة وشاملة في الوقت المناسب وميسّرة للمدنيين ذوي الإعاقة، من بين مسؤوليات أخرى.
ويتفاقم الوضع المزري للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة، بسبب العمليات العسكرية العنيفة وحالة الحصار وحرب الابادة، كما أدى منع جيش الاحتلال الاسرائيلي المساعدات الإنسانية عن قطاع غزة إلى نقص خطير في المعدات والإمدادات الطبية والأدوية.

تؤثر حروب الابادة والعمليات العسكرية الوحشية والنزوح القسري بشكل غير متناسب على الأشخاص ذوي الإعاقة، ولا شك بأن إجبارهم على مغادرة منازلهم أمر مروع بشكل خاص، ولا يستطيع الجميع الامتثال لأمر الإخلاء الإسرائيلي.

المصدر بيروت نيوز