ورأى المرتضى في كلمته أن “السياسة ثقافة والعيش الوطني ثقافة والحياة اليومية ثقافة والقانون ثقافة، وكذلك الطب والهندسة وسائر العلوم، ومقاومة الظلم والعدوان أيضا ثقافة، ولعل الأصل الجامع لها كلها، هو أنها معا تشكل العناصر الأساسية والضرورية لتحديد هوية الوطن، تماما كما تشكل الأغصان معنى الشجرة”.
أضاف: “ليس هذا المؤتمر العلمي العالمي سوى إعلان صريح من نقابة أطباء الأسنان في طرابلس، بأنها متجذرة في الحراك الثقافي المتأصلِ في ألق الفيحاء ووهج نقاباتها، وذلك منذ أول نشوء الدولة وقيام مؤسساتها الرسمية، وتكون مجتمعها المدني، حراك توجته العروبة هذا العام بأن جعلت من طرابلس عاصمة ثقافتها، اعترافا بما تختزن المدينة من إرث أزمنة وأقوام وحضارات”.
وتابع: “لكنني قبل الخوضِ في مضامين الخطاب، لا بد لي من التشديد على نقطتين: أُولاهما أن المجتمع المدني في أي دولة ديمقراطية لا يقوم حقيقة إلا بالعمل النقابي؛ وبخاصة ذاك الذي تتولاه نقابات المهن الحرة المنظمة بقانون، ومنها طبعا نقابة طب الأسنان. فإن نمو الدولة اللبنانية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإداريا كان لحقبة خلت، نتيجة الصراع الذي قادته النقابات، وصوبت في كثير من مفاصله أداء السلطة وتوجهاتها. أما خلال العقدين الأخيرين فقد شهد لبنان طفرة من جمعيات تنسب إلى نفسها انتماء إلى المجتمع المدني، لكن بعضها في الحقيقة كان قناة لتنفيذ أجندات خارجية، لها سياسات دولها ومنظماتها التي لا تأتلف في كثير من الوجوه مع قيمنا ومصالحنا وحقوقنا. ولأني لا أرغب ههنا في أن أنتقد أحدا، أو أفتح، ولو بالذكرى أبوابا أغلقناها منذ حين بإحكام، أنظر الآن بإيجابية إلى الدور البناء الذي قامت وتقوم به نقابات المهن الحرة وسائر التجمعات العمالية والقطاعية في نضالها المطلبي لتحسين واقع الوطن والمواطنين من جوانبه كافة، وما مؤتمر اليوم إلا ثمرة من ثمرات هذا النضال”.
واردف: “أما النقطة الثانية التي أود التشديد عليها، فهي أن فسطاط الثقافة واسع يحتضن الأنشطة البشرية كلها، وليس مقتصرا على الفنون الجميلة وحدها. السياسة ثقافة، العيش الوطني ثقافة، الحياة اليومية ثقافة، القانون ثقافة، وكذلك الطب والهندسة وسائر العلوم، ومقاومة الظلم والعدوان أيضا ثقافة، ولعل الأصل الجامع لها كلها، هو أنها معا تشكل العناصر الأساسية والضرورية لتحديد هوية الوطن، تماما كما تشكل الأغصان معنى الشجرة”.
وقال: “نعم أيها السادة نحن بحاجة إلى ثقافة نقول عبرها من نحن. هل نحن مواطنون في دولة واحدة ننتمي إليها فردا فردا؟ أم شعوب متجاورة تبحث دائما عن خصائص تفرق وتميز؟ هل نتوق فعلا إلى وطن سيد، قادر بقوة أبنائه وقدراتهم الذاتية روحيا ونفسيا وماديا، على حفظ سيادته وحريته وحقوقه وثرواته من اعتداءات أهل الظلم والعدوان؟ هل نسعى إلى بناء مجتمعٍ يحفظ التنوع ويحافظ على القيم، ويعالج الأمراض والاعوجاج وينقي البياض، كما يفعل أطباء الأسنان؟ هل نحن مقتنعون بأن التغيير الحقيقي يبدأ بالعلم والثقافة، وخصوصا باكتناه تراثنا، والخروج به لملاقاة الآخر في العالمين القريب والبعيد وفهمه والتأثير عليه والتأثر به؟ هل نحن واثقون من أن تجذرنا في وطنيتنا هو المفتاح الذي يفتح أمامنا باب الدخول إلى حداثة حقيقية، نكون فيها فاعلين لا مستجيبين فقط؟”.
وختم: “أسئلة كثيرة من هذا القبيل تطرح نفسها على اللبنانيين، وتشكل لهم تحديات على الصعيدين الشخصي والعام. وإني من هذا المنظور أرى أن مؤتمر أطباء الأسنان الذي نحن فيه، مناسبة للإجابة على بعض الأسئلة المطروحة، ولو ضمن الإطار العلمي البحت. فبمقدار ما ننمو في المهن والمواهب التي لنا، نرفع من قيمة وجودنا المعرفي ومن رؤيتنا الثقافية الشاملة، وتاليا من شأن وطننا لبنان. وهذا المؤتمر الذي اعتادت النقابة أن تقيمه عاما بعد عام، يكتسب اليوم معنى جميلا إضافيا باعتباره يشكل فصلا من فصول طرابلس، عاصمة الثقافة العربية لعام 2024. وهي باعتقادنا فرصة لإعادة وضع المدينة والشمال كله على سكة تنمية، نأمل أن تصير مستدامة وتشمل جميع الميادين”.
حايك
بدوره، ألقى نائب النقيب رئيس لجنة المؤتمر جوزيف حايك كلمة أعرب فيها عن فخره للقاء مجتمع أطباء الأسنان، مؤكدا “السعي في قصة تحد وإصرار في مواجهة الأوضاع في لبنان وغزة، التي كانت مقيدة بوقف أي جهود، ومع ذلك أردنا أن نؤكد ان التحديات تزيد جرأة كبيرة لتنفيذه”.
وأوضح أن “أبرز الانجازات التي تحققت من خلال المؤتمر والمحاضرات العالمية من خلال مشاركة ممثلين من انحاء العالم، دليل على التزام أحدث المعلومات لمجتمعنا”، لافتا الى ما يتضمنه المؤتمر على مستوى أحدث التقنيات كمنصة للتواصل لما يحتويه. وأعلن “الحصول على اعتماد دولي لأول مرة في النقابة التي تخول المشارك في المؤتمر الإفادة دوليا”.
وشكر النقيب حفار ومن شارك من أطباء الأسنان في إنجاح المؤتمر، كما خص بالشكر رئيس غرفة طرابلس توفيق دبوسي.
الحفار
من ناحيته، ألقى النقيب حفار كلمة، شكر في مستهلها الرئيس ميقاتي والوزير مرتضى، ونقيب أطباء اسنان فلسطين وقدومه من القدس الغربية.
ولفت الى الأحداث الهمجية في المنطقة موجها التحية الى المجاهدين في غزة والجنوب، والسلام الى غزة حتى تبرد جراحها”، داعيا الى الوقوف دقيقة صمت لأرواح شهدائها.
وشكر شريك المؤتمر رئيس الجامعة، ورئيس فرع طرابلس وشركات التجهيزات الطبية ورئيس غرفة طرابلس، وخص اللجان المنظمة ومن شارك والنقباء السابقين، وقال: “لقد عملنا بجهد لنرفع من المستوى العلمي للزملاء ونتوج ذلك بالمؤتمر، ويحب أن نتجه الى تطبيق قانون الاعتماد ونثبت أنه عندنا كفاءات عالية بفعالية علميا واجتماعيا ووطنيا، الى جانب نقابات المهن الحرة في طرابلس”.
كذلك، تحدث حفار عن فعاليات طرابلس عاصمة للثقافة العربية مهديا الحفل الى طرابلس في هذه المناسبة “لأن طرابلس الكبرى نحبها ونحب أن يراها الناس باعيننا الغنية والقوية والعظيمة الجميلة، وهكذا نريد أن يراها الجميع”.
الشعراني
وتناول ممثل رئيس جامعة بيروت العربية مدير حرم طرابلس هاني شعراني، أهمية المؤتمر لطلاب الأسنان والأطباء والباحثين، مشدداً على “أهمية التعليم الطبي المستمر، الذي يسمح بتوفير فرص التواصل ويسهم في بناء شبكات اجتماعية قوية، ويعزز دور ومكانة طرابلس كمركز مهم في المجتمع الطبي العالمي”.
وأكد شعراني أن خبرة وكفاءة لجان أطباء الأسنان هي على قدر من الأهمية، إذ ترفع مستوى الجودة الصحية، شاكراً “الجهود التي تضعنا أمام تحديات كثيرة طبية تسهم في نجاح التشخيص والعلاج وفي التخصيص للعلاج التي يوفرها التطور التكنولوجي الذي يضمن تحسين الرعاية الصحية”.
كذلك، شدد شعراني على أن “جامعة بيروت العربية تدعم النقابات ومختلف الهيئات وتسعى إلى فتح اختصاصات جديدة من من صيدلة والتسويق وهندسة الكومبيوتر”.
يذكر أن المنظمين أضافوا الى بطاقات الدعوة والى الملصقات واللافتات الخاصة بالمؤتمر، وعلى الشاشة الرئيسية خلال جلسات المؤتمر، شعار “طرابلس عاصمة للثقافة العربية” الذي تعتمده وزارة الثقافة، وأضافوا الى برنامج الاحتفال مقطوعات موسيقية وغنائية.
وفي ختام المؤتمر، قدم النقيب حفار وحايك باسم المؤتمر درعا تقديرية للوزير المرتضى عربون تقدير واحترام، كما خصصت دروع للرئيس ميقاتي ونقيب أطباء فلسطين.