أبدى وزراء خارجية مجموعة السبع المكونة من كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الاميركية فضلا عن الممثل السامي للاتحاد الأوروبي، خلال اجتماعهم يوم الجمعة الماضي امتنانهم لدول المنطقة لاستمرارها في استضافة اللاجئين السوريين، داعين النظام السوري إلى تهيئة الظروف لعودة اللاجئين الطوعية وكذلك الآمنة والكريمة. لم يأت الوزراء على ذكر أن مناطق كبيرة في سوريا أصبحت آمنة لعودة السوريين إليها، علما ان قبرص أسوة بلبنان تواصل دعوة الاتحاد الأوروبي إلى إعلان “مناطق آمنة” في سورية، من أجل إعادة اللاجئين السوريين إليها، ووقف التدفق المستمر للاجئين.
وليس بعيدا عن معاناة قبرص فإن لبنان يواجه خطرا كبيرا جراء النزوح على كل المستويات، ونظرا لتفاقم الأحداث الامنية، انعقد اجتماع سياسي وأمني وقضائي برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يوم الثلاثاء الماضي، حيث تم تكليف المدير العام للأمن العام بالإنابة، اللواء الياس البيسري، بإعادة التواصل مع السلطات السورية لإيجاد حل لملف السجناء والمحكومين السوريين في السجون اللبنانية، وخلال الاجتماع حصل اتصال بين رئيس الحكومة ونظيره السوري حسين عرنوس لابلاغ الأخير بتكليف البيسري بمتابعة هذا الملف من دون الدخول في التفاصيل التقنية، ومن دون أن يتحدد أي موعد لزيارة البيسري الى سوريا.
وتجدر الاشارة، إلى أن اللواء البيسري زار دمشق في نيسان العام 2023، بالتنسيق مع رئيس الحكومة ووزير الداخلية حيث التقى عددًا من المسؤولين الأمنيين السوريين بهدف التنسيق في ما يتعلق بعودة النازحين السوريين وضمان عودتهم الآمنة والطوعية وتمّ التوافق على خطوات عمليّة في هذا الملفّ.
وبحسب مدير عام الأمن العام بالوكالة، اللواء البيسري، يبلغ العدد التقديري للنازحين السوريين في لبنان مليونين و100 ألف، أي ما يعادل 43 في المائة من عدد المقيمين في البلاد. وفي كانون الأول الماضي، تسلم “الأمن العام” قاعدة بيانات من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تشمل أسماء مليون و486 ألف نازح، دون تصنيفٍ أو تحديد لتاريخ التسجيل أو الدخول إلى لبنان؛ ما يُعقّد تحديد الوضع القانوني لهؤلاء.
ويقول رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية في بيروت والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ المحامي الدكتور بول مرقص ل “لبنان24” إن السجون اللبنانية تشهد نسبة 31% من مجموع الموقوفين والمحكومين السوريين، والذين يبلغ عددهم حوالي 2500 سجين، حيث يُنفذ معظمهم أحكاما قضائية أو تجرى بحقهم محاكمات أمام المحاكم اللبنانية بتهم تتعلق بالقتل والسرقة وتهريب المخدرات. وفي ما يتعلق بالمعارضين السياسيين، فإن عددهم لا يتجاوز 600 سجين، وقد تنطبق عليهم إتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 1984 التي تمنع تسليم أي شخص يمكن أن يتعرض للتعذيب في بلده.كما تنص الاتفاقية القضائية بين لبنان وسوريا، التي تم توقيعها عام 1951، على تسليم المجرمين اذا كان الشخص المطلوب تسليمه مدعى عليه او متهما او محكوما بجناية معاقبا عليها في قانون الدولة طالبة التسليم، أو كان الشخص المطلوب تسليمه مدعى عليه او ظنينا بجنحة معاقب عليها في قانون الدولة طالبة التسليم بعقوبة لا يقل حدها الاعلى عن الحبس مدة سنة او كان محكوما بالحبس لمدة لا تقل عن الشهرين أو الذين لم يحاكموا بعد أو الذين حُكم عليهم بتنفيذ العقوبة في سجون بلادهم، باستثناء الجرائم ذات الطابع السياسي.
وفي السياق، يشير مرقص إلى وجود بعض الخلافات القانونية بين القانون اللبناني والاتفاقية القضائية بخصوص المجرمين الأجانب الملاحقين على الأراضي الللبنانية، بما في ذلك من يحملون الجنسية السورية، إلا أن الاتفاقية تسمو على القانون المحلي بحسب المادة 2 من قانون أصول المحاكات المدنية اللبناني التي تنص “على المحاكم ان تتقيد بمبدأ تسلسل القواعد. عند تعارض احكام المعاهدات الدولية مع احكام القانون العادي, تتقدم في مجال التطبيق الاولى على الثانية. لا يجوز للمحاكم ان تعلن بطلان اعمال السلطة الاشتراعية لعدم انطباق القوانين العادية على الدستور او المعاهدات الدولية”.
إن مبادرة تسليم السجناء السوريين إلى بلادهم تعد جزءًا من الخطة الشاملة لتأمين عودة آمنة وطوعية للنازحين، وتتطلب، بحسب مرقص، تعاوناً فعّالا من الجانب السوري. ولا يمكن تحقيق هذا الهدف إلا من خلال التزام الجميع بالآليات القانونية والقضائية المعمول بها لضمان كرامة المعنيين بهذا الملف مع تأمين مقتصيات العدالة.
ويأمل مرقص في أن يؤدي التعاون المشترك بين البلدين إلى تحقيق التقدم المرجو في هذا الشأن مثنيا على دور الأمن العام اللبناني في هذه المبادرة خصوصا”، كما وعموماً في اطار خارطة الطريق لتنظيم الوضع القانوني للسوريين في لبنان وعودتهم والتي كان أطلقها الأمن العام مشكوراً بالتعاون مع المجتمع المدني ممثلاً بجمعية “بيت لبنان العالم ” والتي كانت موسسة JUSTICIA من المشاركين في دعمها.