كتب طوني فرنسيس في”نداء الوطن”: كانت مجزرة عيترون الأحد رسالة دموية من إسرائيل إلى سكان شريط القرى الجنوبية تقول لهم فيها: الزيارات ممنوعة وللعودة شروط.
منذ بداية حرب غزة وإدخال حزب الله فيها من باب الإشغال والمساندة، بدأت قرى الجنوب الحدودية تفرغ من سكانها شيئاً فشيئاً. لم يكن في ذهن السكان أنّ حرباً ستفتح بإسمهم، ستقلب حياتهم رأساً على عقب. كان هؤلاء مطمئنين إلى نوع من توازن ردع يقيمه حزب الله مع إسرائيل، يجعلها تفكر كثيراً قبل شنّ أي عدوان، وهم لذلك انصرفوا إلى اعمالهم وبناء البيوت والقصور على طول الحدود وفي أنحاء القرى، يستقبلون فيها الاهل والاصدقاء وهم مطمئنون لواقعهم، ولا ينغصّ هذا الاطمئنان سوى تصاعد الخلافات الغربية مع ايران بشأن برنامجها النووي.
كان تصاعد الخلاف هذا يجعل جلسات الحدود محفوفة بالقلق، وعندما بدأت حرب غزة رأى البعض فيها ردّاً ايرانياً على الخصوم، ولذلك تحوّل قلق الجنوبيين إلى حقيقة واقعة.
لم ينتظر اسرائيليو المستوطنات على الحدود اللبنانية قصفاً من حزب الله كي يغادروا مساكنهم واعمالهم. درس هجوم غلاف غزة كان قاسياً وحاسماً، وهذا الهجوم قبل أن يحصل في جنوب فلسطين سمعوا وقرأوا سيناريوهات مماثلة له، سبقته بسنوات، يتم تنفيذها على يد حزب الله من لبنان.
هرب الاسرائيليون في الشمال باكراً الى الفنادق والمنتجعات على حساب دولته ومجالسها المحلية. وفي الجنوب اللبناني دار مسلسل قتل ودمار منهجي من دون أن يشرح احد للسكان المغزى والهدف والفائدة، وبالطبع من دون أن ينصحهم احد ببرّ أمان، أو بالإقامة في منتجعات أركان الدولة واصحابهم، بضيافتهم وعلى حسابهم.
لذلك تستمر المجزرة. اليوم عيترون وغداً غيرها، ولا احد يعنيه الأمر. لا دولة غير موجودة، ولا مقاومة تقرر لها إيران حدود تحركاتها.
وفي المناسبة اشتكت إيران في آخر رسائل مندوبها في الأمم المتحدة الى مجلس الامن، سعيد ايرواني، من أن إسرائيل تواصل اعتداءاتها على لبنان “ورفضها الالتزام بتنفيذ القرارين الدوليين ١٥٥٩ و١٧٠١”.