كتب صلاح سلام في” اللواء”: الإجماع الوطني على رفض توطين النازحين السوريين، أو على الأقل بقائهم في لبنان دون سقف زمني، يجب أن يُترجم إلى خطوات عملية في معالجة أزمة النزوح، وتطويق مضاعفاتها الإقتصادية والإجتماعية والمعيشية، وإتخاذ الخطوات اللازمة لإعادة ضبط الإنفلاش السوري العشوائي، تحت سلطة النظام العام، وبإشراف الأجهزة الأمنية في البلد.
Advertisement
لا أحد من اللبنانيين يرغب ببقاء السوريين في لبنان، ولكن في الوقت نفسه لا أحد يريد أن تدخل معاملة السوريين في متاهات التمييز العنصري، وما يمكن أن تفرزه من تحديات وتوترات، تُسيء للعلاقات الأخوية بين الشعبين، وتزرع الكراهية والحقد والبغضاء، مكان المحبة والإلفة، والتضامن الإنساني معهم في محنتهم، التي لا خيار لهم في إستمرارها.
الف باء المعالجة الصحيحة يجب أن تبدأ من إعادة الداخلين بطرق غير شرعية، ولا يحملون إقامة رسمية، وغير مسجلين في الوكالات الأممية. على أن تترافق هذه الخطوة مع تدابير صارمة لإقفال المعابر غير الشرعية، وتفعيل مهمات أبراج المراقبة التي بُنيت بمساعدات بريطانية، والتي من شأنها بعد تشغيلها أن تحصي أدنى حركة على الحدود المشتركة مع سوريا، حتى ولو كانت من كلب شارد في المنطقة.
بموازاة التدابير الأمنية الصارمة، لا بُدَّ من فتح قنوات الحوار الجدّي مع دمشق، للتوافق على آلية العودة وشروطها، تمهيداً لخوض معركة التسهيلات الضرورية مع الإتحاد الأوروبي ، بما فيها التمويل اللازم، لتأمين متطلبات العودة، والحصول على إستثناءات معينة في العقوبات المفروضة على النظام السوري، تُتيح الحصول على دعم لعملية إعادة الإعمار في سوريا، ولو في حدودها المعقولة.
إن التعاون اللبناني ــ السوري في وضع خطة واقعية لإعادة النازحين، من شأنه أن يعزز خطوات التفاهم بين البلدين، ويُفسح المجال لمعالجة بعض المشكلات العالقة بين البلدين، مثل مسألة الرسوم السورية المرتفعة على شاحنات الترانزيت اللبنانية.
كما من المفترض أن يساعد هذا التفاهم على وضع روزنامة لتبادل المنتوجات الزراعية والصناعية بين الدولتين، بما يؤدي إلى إنتفاء مبررات وجود معابر التهريب في الإتجاهين عبر الحدود المشتركة.
ويجب أن لا ننسى أن أبرز عقبات جرّ الكهرباء من الأردن، والحصول على الغاز من مصر، هو التنصل الأميركي من التعهد في تنفيذ إستثناءات معينة في «قانون قيصر» العقابي ضد سوريا، مقابل توقيع لبنان على إتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.
إعادة فتح أبواب الحوار والتعاون مع دمشق يبقى أهون، وأجدى نفعاً من البحث في فتح البحر أمام هجرة النازحين السوريين إلى أوروبا، خاصة وأن حزب الله بالذات، قادر أن يساعد على تحقيق بعض الخطوات الملموسة، من خلال علاقته التحالفية القوية مع الرئيس بشار الأسد.