أقفلت كل صالات سينما شارع الحمرا، وعادت سينما الكوليزيه بعد غياب دام أربعة عقود. وتم إطلاق مبادرة شبابية لافتة أبصرت النور في بيروت، في محاولة لإعادة الحياة الثقافية إلى شوارع العاصمة اللبنانية. وقد حوّلت هذه الخطوة اللافتة أحد أقدم المسارح ودور السينما التاريخية إلى “مسرح وطني” مجاني بعد إعادة تأهيله.
يقول جبران، رجل ستيني لـ”لبنان24″: “ما أعرفه عن سينما الكوليزيه أن اغلب افلامها كانت كوميدية وفرنسية، وان قصدتها يعني انني قصدت الضحك”.
ويضيف: “كنت أذهب الى السينما كل نهار جمعة بعد المدرسة مع أصدقائي، وكنا نقرأ في الجريدة ما تعرضه الصالات، وأكثر ما يجذبنا كانت افلام الكوليزيه الفرنسية الكوميدية التي كانت اولى خياراتنا. أما سعر البطاقة فكان يتراوح بين الاربعة والخمسة ليرات”.
أما ريما، امرأة سبعينية، من سكان منطقة الحمرا، فعبرت عن سعادتها بعودة الكوليزيه لما يعني لها شارع الحمرا من ذكريات جميلة، وتقول: “لقد كان الشارع متنفسا لمعظم سكان مناطق بيروت الغربية في أيام الحرب، وكان يحوي على أرقى وأشهر المقاهي والمطاعم والمحال التجارية وأشهرها، وكان يعج بصالات السينما اذ يكاد لا يخلو شارع في منطقة الحمرا من صالة سينما. وكم أود اليوم معاودة الدخول الى صالة الكوليزيه ودعوة أصدقائي الى استرجاع ذكريات جميلة من زمن المراهقة”.
وأشارت الى أن “ما يميز سينما الكوليزيه عن غيرها أنها كانت تهتم أكثر براحة المشاهد، فعلى سبيل المثال كانت كراسيها فخمة، ويمكن لكل شخص أن يمر براحة تامة من دون ازعاج الاخرين بسبب وسع المساحة بين الصف والاخر”.
ستتحول الى مسرح وطني
كشف صاحب المبادرة ومؤسس “المسرح الوطني اللبناني” الممثل والمخرج قاسم إسطنبولي عن قيام كل من “جمعية تيرو للفنون” المحلية و”مسرح إسطنبولي” بإعادة تأهيل هذا الصرح الثقافي التاريخي المعروف قديماً بـ”سينما كوليزيه” التاريخية.
وقال إسطنبولي في حديث صحفي: “تعتبر هذه الصالة واحدة من أقدم دور العرض السينمائي في لبنان وقد تأسست في عام 1945 وعملنا اليوم ورغم الظروف الصعبة على تحويلها إلى المسرح الوطني اللبناني لتكون مساحة ثقافية حرة ومستقلة ومجانية للناس”.
وأوضح المخرج اللبناني، أن المسرح الجديد سيضم مساحة لتنظيم ورشات تدريبية ومهرجانات وعروض فنية ومكتبة عامة إضافة إلى مقهى فني.
وأشار إسطنبولي إلى أن “حلم الجمعية بدأ يكبر مع تأسيس المسرح الوطني اللبناني في مدينة صور جنوب البلاد قبل 7 أعوام ويستكمل الآن في بيروت.
وأضاف “بفضل جهود مجموعة من الشبان و الشابات المتطوعين، نعمل تحت شعار الفن حق للجميع لنكسر الجدار الوهمي بين المناطق اللبنانية عبر الفنون وبالتالي ربطها ببعضها البعض عبر المساحات الثقافية المشتركة”.
وتابع إسطنبولي “نعيش الحلم في بيروت التي تعتبر ثاني مدينة في الشرق الأوسط تحوي على صالات سينما”.
وأوضح أنه من خلال ذلك سيتم العمل على توفير الفرص للمخرجين الشباب لعرض أفلامهم وتعريف الجمهور بتاريخ السينما والعروض المحلية والعالمية، وعروض الأفلام للمكفوفين والصم، وتنظيم الورشات التدريبية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة.
ان الحنين دائما يعيدنا الى شارع الحمرا الذي كان روح بيروت النابض بالحياة، شارع الفن والثقافة والسينما والمسرح، شارع لا يعرف النوم ولا التعب. فمبادرة إعادة إحياء سينما الكوليزيه انطلقت، لكنّها مهمة شاقة لا تخلو من التساؤلات المشروعة، والمخاوف المرتبطة بالقدرة على الاستمرار مع كل الظروف الصعبة.