هل ينفتح حزب الله على السعودية؟

24 مايو 2024
هل ينفتح حزب الله على السعودية؟


طرحت الصورة التي إنتشرت لحديث السفير السعودي في بيروت وليد البخاري مع مسؤول العلاقات العربية والخارجية في “حزب الله” عمار الموسوي في خلال العزاء في السفارة الايرانية الكثير من التساؤلات بشأن مستقبل العلاقة بين حارة حريك والرياض، وما إذا كان هناك إمكانية فعلية لتوطيد العلاقة بينهما أو تطبيعها بعد كل الخلافات التي سيطرت في السنوات الماضية، حتى منذ حرب تموز 2006؟ وهل من مصلحة الطرفين فتح صفحة جديدة ام الإستمرار بالتباعد والتنافس على النفوذ في لبنان والمنطقة؟

تكمن مصلحة “حزب الله” الكاملة في المصالحة مع السعودية، أولاً لأن العلاقة الإيرانية – السعودية باتت إيجابية وتتقدم بشكل مستمر نحو تعاون إقتصادي وسياسي حول ملفات المنطقة، وهذا يسهّل على الحزب التعاون مع الرياض في الملف اللبناني خصوصاً إذا توصلت مع طهران الى تسويات شاملة في مناطق النزاع، عندها تصبح الساحة اللبنانية ذات قابلية عالية للجنوح نحو الإستقرار السياسي، ويصبح التلاقي او التقارب بين الحزب والرياض له شرعية كاملة يمكن البناء عليها.

كما ان “حزب الله” وفي حال عزز حضوره داخل المؤسسات الرسمية وفي الدولة والحكومة، او حتى لو وصل به الأمر الى رفع مستوى موقعه داخل النظام اللبناني بعد الحرب الحالية، وحصلت تسوية شاملة مع الاميركيين، فإن من مصلحته أن تكون المملكة العربية السعودية غير معرقلة، لأن أي إنتعاش اقتصادي في لبنان لديه مدخل شبه وحيد وفق المعايير الحالية، وهو الخليج العربي. هكذا سيصبح التعامل الودي مع الرياض منتج سياسياً من خلال تفاهمات داخلياً وإقتصادياً من خلال دعم مالي من هنا وهناك.

الأهم من وجهة نظر “حزب الله”، هو إستكمال مشروع دفن الخلاف السياسي السنّي – الشيعي في المنطقة، اذ ان الحرب الحالية أعادت اللحمة إلى جزء لا بأس به من الرأي العام، كما ان علاقة ايران والحزب من جهة بالأخوان المسلمين من جهة ثانية تحسنت إلى حدّ كبير، وعليه فإن تطبيع العلاقات مع السعودية سيشكل إستكمالاً علنياً للمصالحة، وهذا بحد ذاته يعد هدفاً إستراتيجياً، يخفف الأعباء السياسية على طهران وحارة حريك ويعيد تشكيل الوعي الجماعي لجزء كبير من الجمهور العربي والاسلامي.

في المقابل لا تبدو السعودية بعيدة عن توجه المصالحة هذا، لكن وفق توقيتها، لانها تعتبر أنها تمتلك عناصر قوة وقدرة صمود أكبر من خصومها في المنطقة، وهذا يعني أنها ستستثمر في العمل لتحسين وتعزيز شروطها ومكاسبها في اي تسوية ستعقد مع “حزب الله” في لبنان، لان ما يقدمه الحزب اليوم سيقدم اضعافه من تنازلات بعد مرور المزيد من الوقت، وعليه ستكون النتيجة ذاتها، استقرار في العلاقة وتفاهمات شاملة وتعايش لمرحلة غير قصيرة من الزمن تنتج ايجابيات على أكثر من صعيد.

قد تكون العلاقة التي فٌتحت بين الإمارات و”حزب الله” قبل مدة منفصلة عن التوجهات السعودية، لا بل قد تكون في اطار “الزكزكة” الموجهة ضدّ الرياض، لكن الاكيد أن هكذا خطوة ما كانت لتحصل لولا ان الجوّ السياسي العام بات يسمح بتحسين علاقة دول الخليج بحارة حريك، وهذا سينطبق عاجلاً أم آجلاً على علاقة السعودية بالحزب، خصوصا انها عملت في الاشهر الماضية على فتح باب التواصل مع معظم خصومها في المنطقة بمن فيهم اليمنيون.