كتب وليد شقير في” نداء الوطن”: قد يكون بروكسل مناسبة للعودة إلى ما يسميه مسؤولون لبنانيون «التفكير خارج الصندوق» حول سوريا بالتنسيق مع الدول المتوسطية، مثل الحوار الذي سبق أن اقترحوه على مفوضية شؤون اللاجئين من أجل تحديد مناطق آمنة للعودة. إذ يسأل المسؤولون هؤلاء: أليست مناطق تواجد القوات الأميركية آمنة للنازحين؟ وهو سؤال يقابله آخر لدى الأطراف المشككة بنوايا النظام وحلفائه: لماذا لا ينسحب «حزب الله» من مناطق شاسعة يتواجد فيها كي يطمئن النازحون منها ويعودوا إليها؟
الجانب اللبناني يأمل بالإفادة من انعقاد المؤتمر من أجل عرض موقفه الذي دأب على تكراره في السنوات القليلة الماضية، الداعي إلى نقل النازحين لأسباب اقتصادية، إلى مناطق أصبحت آمنة في سوريا، وبالتالي إلى رفع التحفظ الأوروبي عن هذه الخطوة بحجة أن سوريا ما زالت غير آمنة.
وهو أمر لا يحصل أثناء انعقاد المؤتمر بذاته، بل خلال اللقاءات الثنائية التي يعقدها الوفد اللبناني برئاسة وزير الخارجية عبدالله بو حبيب مع الوفود الأوروبية الأخرى التي بات بعضها يدعو إلى إعادة النظر بالموقف من العلاقة مع النظام في سوريا، بهدف التعاون معه لإعادة النازحين كحل جذري لتسربهم إليها بالطرق غير الشرعية. فهناك زهاء عشر دول متضررة من الهجرة غير الشرعية إليها، وتريد الحدّ منها. وهذا يتطلب رفع العقوبات على التعامل مع النظام في الدرجة الأولى، أو غض النظر عن تطبيق بعضها إذا كان تمويل تلك العودة يعرقلها.
هذا، ودأب لبنان في السنوات الماضية على تكرار المطلب نفسه في ما يخص أولوية اعتبار عدد من المناطق آمنة، وعلى الدعوة إلى رفع العقوبات عن سوريا. وفي اعتقاد الجانب اللبناني (بغض النظر عن التباين في المقاربات بين فريق وآخر) الذي بلغ درجة متقدمة من التوافق على إنقاص أعداد النازحين، أنّ أوروبا وأميركا تفرض العقوبات كعامل ضغط على نظام الأسد، وأنها تستخدم ورقة النازحين في هذا السياق، بينما مفاعيل الضغط تلقي بثقلها على كاهل لبنان، لأنّ النظام لا يكترث للحل السياسي الذي تشترطه الدول التي وضعت العقوبات، ولا يهمه بقاء النازحين حيث هم، على رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها سوريا. هذا مع أن عودتهم قد تساهم في إعادة تحريك الاقتصاد السوري لأنّ معظمهم يعمل في الزراعة، فيما سائر قطاعات الأعمال تعاني من نقص في العمالة جراء التهجير.
مؤتمر بروكسل محطة قد تطلق مقاربة مختلفة لأزمة النازحين، لكن العارفين يرون أنّ الأمر سيأخذ وقتاً.