بالرغم من الضغوط الأميركية على اسرائيل لوقف حربها على قطاع غزة وعلى جنوب لبنان، لا تزال المعارك مندلعة في اكثر من جبهة اساسية وتحديدًا في الجنوب اللبناني بين “حزب الله” وقوات الاحتلال الاسرائلية وكذلك في قطاع غزة، ما يؤشّر حتماً الى أنّ الضغوط الاميركية لا تهدف فعليًا لإيقاف الحرب، انما لوضع سقف للطموحات العسكرية الاسرائلية ومنعها من توسيع المعركة.
هذا التطور في مستوى الاشتباك تحديدًا في غزة وفي الايام السابقة في جنوب لبنان يوحي بأن الأطراف، وإن كانت لا تزال غير راغبة بالذهاب نحو حرب اوسع، باتت تشعر بحاجتها الملحّة لفتح اشتباك اكبر بهدف تحصيل مكاسب إضافية في التسوية او لدفع خصمها للقبول بالحل المطروح على الطاولة.
الأكيد بأن الأميركيين لا يرغبون بالمخاطرة بتوسيع الحرب او رفع مستوى التصعيد، على اعتبار ان هذا التصعيد سيؤدي بشكلٍ واضح إلى تفلت الأمور وخروجها عن السيطرة بشكلٍ كامل من بين ايدي الولايات المتحدة الاميركية، وهذا الامر يشكّل لها قلقاً جدياً في ظلّ اشتعال الشرق الأوسط الذي تريد واشنطن الخروج منه بأقل خسائر ممكنة وبأقل الاضرار.
ترى مصادر عسكرية متابعة ان كل ما تقوم به الولايات المتحدة اليوم من اجل وقف الحرب أو وضع سقف زمني لها مختلف عن السقف الزمني الذي يضعه نتنياهو سيؤدي لاحد امرين اولاً؛ اما هروب نتنياهو إلى الامام بشكلٍ سريع ربّما في الأسابيع القليلة المُقبلة وتصعيد معركته في “رفح” لتجنّب استمرار الضغوط والتي حصل جزء منها من اللحظة الأولى لبدء العملية البرية و شاركت فيه دول أوروبية واميركية من اجل دفع نتنياهو لإيقاف المعركة، وإمّا ان تحسم الولايات المتحدة الاميركية امرها وتذهب بعيدًا في فرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة ما من شأنه أن ينعكس أيضاً على الجبهة اللبنانية التي تعيش مخاطر حقيقية اذا استمر التصعيد وفق الوتيرة ذاتها.
كل ما تقدم بات يؤكّد بما لا يحتمل الشكّ بأن الحرب ستطول وأنّ كل ما يحصل اليوم هو عملية تحسين الشروط الميدانية والعسكرية وكذلك السياسية والدبلوماسية.