منذ انسحاب وزراء “القوات اللبنانية” من حكومة الرئيس سعد الحريري بعد احداث 17 تشرين، راهنت معراب على الوقوف في موقع المعارضة ورفع خطاب تصعيدي ضد القوى السياسية الموجودة في الحكومة والسلطة عموما والهدف من ذلك كان تعزيز واقعها الشعبي في الشارع المسيحي وانتظار الانتخابات النيابية في ذلك الحين للفوز بكتلة نيابية كبرى تجعلها اقدر على التفاوض مع خصومها عندما تحين لحظة الحل في لبنان.
شكك خصوم “القوات” في قدرتها على تحقيق نقلة شعبية كبرى بسبب خطابها المعارض،على اعتبار أن الانقسام في الشارع المسيحي عميق والانتقال من ضفة الى اخرى من قبل الافراد او التكتلات الشعبية يصبح صعبا، لكن ما حصل كان صادما، اذ تمكنت معراب من التقدم شعبيا في اكثر من منطقة وقضاء ودائرة انتخابية وفازت بكتلة نيابية وازنة، الا ان التطورات السياسية في لبنان ادت الى فشل “القوات” بالدخول الى السلطة، ما دفعها الى الاستثمار اكثر بالخطاب المعارض.
باتت “القوات” اليوم عالقة في ازمة اعلامية وسياسية، فقد ابتعدت كثيرا في معارضة السلطة “واحزابها” ولم يعد في إمكانها بسهولة اعادة التموضع السياسي امام بيئتها وجمهورها وبيئتها الحاضنة، وعليه قد تكون المكاسب التي ستحصل عليها معراب اقل من الخسائر التي ستتكبدها في حال وافقت على مشاركة خصومها في السلطة، اذ ان الشارع المسيحي بعكس شوارع اخرى في لبنان يتمتع بحيوية كبيرة ويمكن ان تصيب التحولات الايجابية والسلبية هذه القوة او ذاك التيار.
بعض الاوساط القريبة من”قوى الرابع عشر من اذار” تقول بأن “القوات اللبنانية” قد تجد صعوبة في الدخول في اي تسوية لاسباب مصلحية او مبدئية، وهذا سيدفعها الى الاستثمار مجددا بالخطاب المعارض، والبقاء في مواجهة السلطة والحكومة، وتاليا في مواجهة “حزب الله” الثابت الاكبر داخل المؤسسات خصوصا في حال عقد تسوية مع الاميركيين بعد المعركة المندلعة جنوبا، وعليه، في هذه الحالة ستكون معراب مرتاحة اكثر لناحية الخطاب الاعلامي.
وترى المصادر ان الرهان الفعلي لمعراب سيكون عندها على تعزيز واقعها الشعبي اكثر فأكثر للحصول على كتلة نيابية تظهر معراب بوصفها الممثل الاكبر للمسيحيين من دون منازع، في محاولة لتكرار تجربة الرئيس السابق ميشال عون في انتخابات العام 2005، وهذا سيؤدي الى فرضها شروطها اولا والى الحد من قدرة خصومها على تجاوزها لان الميثاقية ستكون عندها مرتبطة بكتلة “القوات” بشكل كبير وعليه يجب ان تمر كل الاستحقاقات الدستورية عبرها.
وبحسب المصادر فإن قرارا كهذا، ومع كل التحولات التي يمكن ان تحصل في لبنان والمنطقة، سيكون مخاطرة غير محسوبة، اذ لا يمكن الرهان في السياسة على المدى الطويل في ظل وجود تنافس فعلي بين القوى السياسية المسيحية، فهل تكرر “القوات” اخطاء بداية التسعينيات؟ ام انها ستكون اكثر ليونة وستتعامل بهدوء وواقعية مع المرحلة المقبلة الحافلة بالتسويات المرتقبة.