لطالما اعتبرت الجامعات ركائز المجتمع، فهي مسؤولة عن تثقيف الجيل القادم من القادة ودفع التقدّم العلمي والتكنولوجي. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، برزت أهمّية التصنيف الجامعي إلى الواجهة كعاملٍ رئيسيٍّ في تحديد سمعة ومكانة مؤسّسة التعليم العالي.
يعتبر تصنيف مؤسّسات التعليم العالي نظاماً جديداً نسبياً. وتسعى الدول القليلة التي تطبّق هذا النظام إلى تحقيق نظام تعليم عال متميّز. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أوّل دولة تصدر تصنيف الجامعات في عام 1983. ظهرت لاحقاً مجموعة من خطط التصنيف الدولية والمحلّية والعلمية لمؤسّسات التعليم العالي. يمثّل التصنيف طريقة لتقييم الجامعات من خلال تقييم برامجها الأكاديمية وأنشطتها البحثية وجودة نتائج التعلم الخاصّة بها. يتم توفير هذه الأنشطة للطلاب المستهدفين الذين يرغبون في الانضمام إلى الجامعة لمساعدتهم على اتّخاذ القرار الصحيح، ولإدارة الجامعات التي تحرص على التعرّف على نقاط القوّة في جامعاتها والمجالات التي تحتاج إلى تحسين بغرض تحسين الوضع التنافسي لهذه المؤسّسات.
تعتبر التصنيفات العالمية شنغهاي، تايمز، وكيو اس الأطول رسوخاً والأكثر تأثيراً حاليّاً بين مؤسّسات التعليم العالي.
إنّ تصنيف كيو اس العالمي للجامعات يوفّر مصدر مستقل للبيانات المقارنة حول الأداء الجامعي ويعدّ تصنيف كيو اس للعام 2025 الذي تمّ نشره في 4 حزيران 2024 الأكبر على الإطلاق حيث يضم 1503 جامعات تمثّل 105 أنظمة للتعليم العالي والولايات المتحدة الأميركية هي الدولة الأكثر تمثيلاً من خلال 197 مؤسّسة مصنّفة تليها المملكة المتحدة بــــ 90 والصين بــــ 71.
تسيطر الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة على لائحة أفضل عشر جامعات من خلال 4 مؤسّسات لكل منها بالإضافة إلى مؤسّستين من سويسرا وسنغافورة.
للعام الثالث عشر على التوالي يحافظ معهد مساشوستس للتكنولوجيا على المركز الأوّل في اللائحة.
أمّا بالنسبة للدول العربية فقد سجّلت الجامعات فيها تقدّماً استثنائيّاً حيث تحسّن تصنيفها بنسبة 78% وقد تبوأت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أعلى مركز حقّقته جامعة عربية في التصنيف وهو 101 ويشكّل ذلك ارتفاعاً كبيراً على أساسٍ سنويٍّ حيث تحسّنت من المرتبة 180 إلى مشارف أفضل 100 جامعة في العالم. وفي المجمل تمّ تصنيف خمس من جامعات المنطقة ضمن أفضل 200 جامعة في العالم.
أمّا بالنسبة للبنان فقد تمّ تصنيف ستّة من جامعاته ضمن أفضل 1000 جامعة في العالم على الشكل التالي:
- الجامعة الأميركية في بيروت في المرتبة 250.
- الجامعة اللبنانية في المرتبة 567.
- جامعة بيروت العربية في المرتبة 641-650.
- الجامعة اللبنانية الأميركية في المرتبة 701-710.
- الجامعة اليسوعية في المرتبة 711-720.
- جامعة الروح القدس الكسليك في المرتبة 771-780.
يعتبر هذا العدد الذي تمّ تصنيفه في كيو اس 2025 قليل نسبيّاً مقارنةً مع العدد الإجمالي لمؤسّسات التعليم العالي المرخّصة في لبنان، وفي هذا الصدد لا بدّ من الإشارة إلى التوصيات التالية لتشجيع مؤسّسات التعليم العالي اللبنانية ووزارة التربية والتعليم العالي في لبنان إلى تحسين مكانة الجامعات اللبنانية في التصنيفات الدولية المرموقة:
- إنّ المشاركة في هذه التصنيفات المرموقة عالمياً يعتبر وسيلة هامّة لتعزيز وتحسين ثقافة الجودة في الجامعات اللبنانية.
- إنّ تحسين مكانة الجامعات اللبنانية في التصنيفات الدولية يساهم في توفير فرص عمل أكبر لخرّيجيها.
- تساعد هذه التصنيفات مؤسّسات التعليم العالي في تحسين قدرتها على جمع بياناتٍ ومعلوماتٍ شاملةٍ حول الأداء المؤسّسي وإجراء حوار داخلي لتحسينه المستمر.
- إنّ تصنيف الجامعات أصبح من أكثر المؤثّرات عند اختيار الطلاب للجامعات بعد تكلفة التعليم تبعاً للعديد من الدراسات الحديثة التي تمّ نشرها مؤخّراً حول هذا الموضوع.
- تمكّن التصنيفات صناّع القرار من إطلاق سياساتٍ تعليميّةٍ مثاليّةٍ تؤدّي إلى التميّز الأكاديمي على مستوى الدول.
- إنّ وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان مدعوّة لوضع معاييرٍ وإجراءاتٍ لتصنيفٍ لبنانيٍّ للجامعات يهدف إلى تقييم الوضع الحالي للجامعات اللبنانية وتوفير الحافز لها للمشاركة في التصنيفات العالمية بغرض تحسين مكانة الجامعات اللبنانية وتضييق الفجوة بينها وبين أفضل الجامعات في العالم.
د. باسم القيسي
نائب رئيس مجلس الأمناء
الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم