كتب طوني عيسى في” الجمهورية”: مع إطالة الحرب في غزة والجنوب إلى آجال غير معروفة، تتعمق الخيبة في أوساط المعارضة. فالقوى الدولية والإقليمية لا تبدو مستعدة للتدخل الجدي وفرض الحلول على الطرفين المعنيين بالصراع، إسرائيل وإيران، في آن معاً. راهنت قوى المعارضة على أن مصالح الأميركيين والأوروبيين والعرب ستحتم عليهم أن يتدخلوا ويفرضوا الحل السياسي في غزة وجنوب لبنان، ما يؤدي إلى حسم الوضع على الحدود وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة لا تكون خاضعة لـ «الحزب وحلفائه. وتحظى هذه التركيبة السياسية الجديدة بجرعة دعم سياسي
واقتصادي تخرج البلد من وضعية الانهيار.
يوما بعد يوم، يتنامى الانطباع لدى أركان المعارضة بأن التوازن الذي يبحثون عنه بات بعيداً، وأن لعبة المصالح الإقليمية والدولية ربما تقود إلى صفقة ما بين إسرائيل والحزب» برعاية واشنطن، وفق نموذج الترسيم بحراً. فاللاعبون الكبار لهم مصالحهم، ويفضلون مفاوضة الطرف القوي ويهملون الضعفاء. وهنا يجدر التفكير في مسار التطبيع الذي سلكته العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران وانعكاساته على الواقع في لبنان. لقد راهنت المعارضة على إعادة خلط الأوراق في الداخل اللبناني من خلال انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، لكنها فشلت أو أفشلت. ثم اعتقدت أن زلزالاً بالحجم الذي شهدته بيروت في 4 آب 2020 سيتكفل بتفجير نقمة الجماهير على ذوي
القرار والنفوذ، لكن ذلك لم يتحقق. ثم راهنت على تغيير سياسي بالانتخابات النيابية، فتحقق هذا التغيير نسبيا في صناديق الاقتراع والمقاعد لكنه لم يبدل شيئاً في الواقع، واليوم، تأمل المعارضة في أن تؤدي الحرب إلى تغيير الواقع
السياسي. لكن هذا الاحتمال يتضاءل تدريجاً. ولأن القلة تولّد النقار»، فإن أركان المعارضة يتباعدون بدلاً من أن يتجمعوا. ويتنامى التمايز بين «الصقور والحمائم» و«المستقلين» والمعتدلين وقوى المعارضة المسيحية، فيما اختار وليد جنبلاط تموضعاً وسطياً»، من جديد مع ميل واضح إلى التقرب من «الحزب» وحلفائه.
وبهذا، يكون خصوم «حزب الله» على وشك الاقتناع بأن لا فرصة جديدة ستفرزها الحرب. ما يعني أنّ «المعارضة»، بتشكيلاتها وتسمياتها الفضفاضة، وصلت مرة أخرى وربما أخيرة إلى طريق مسدود. وهذا ما سيدفع أركانها جميعاً إلى مراجعة حساباتهم، والبحث عن سبل الإمرار المرحلة بأقل ما يمكن من الأضرار.