منذ انطلاق شرارة حرب غزة في السابع من تشرين الأول سارعت المستشفيات في جنوب لبنان، لا سيما تلك المنتشرة على طول الخط الحدودي إلى رسم خطط للطوارئ الصحية استعداداً لمواجهات قد تعنف وتتفاقم.
دخلت القذائف الإسرائيلية أعمق في الجغرافيا الجنوبية، ويتواصل القصف المتقطع والمحدود على الحدود اللبنانية، وسط فرضيات عديدة في توسع رقعتها. الاحتمالات مفتوحة وهاجس الخوف يتمدد.
Advertisement
وبعد مرور أكثر من 7 أشهر على بداية المواجهات على جبهة الجنوب، تواجه هذه المستشفيات الحكومية، واقعا صعبا، لكنها ما زالت صامدة وتواصل تقديم خدماتها الطبية والاستشفائية.
ولكن الخطورة جدية والوضع غير مستقر، حيث تنبع المخاوف من أنّ إسرائيل عادةً لا تنهي أي حرب إلاّ بضربة قوية وبعدها يتدخّل طرف خارجي لوقف الحرب، لكن حينها تكون الأذيّة قد وقعت.
الجميع يترقَّب، في الداخل والخارج. وكلّما طال زمن الحرب، ارتفعت قيمة الفاتورة الصحية، وهذا ما يؤكد أن هناك “حالة انعدام اليقين بشأن المستقبل” في جنوب لبنان.
الوضع اليوم يختلف تماماً عمّا كان عليه سابقاً وآخرها في حرب تموز 2006. لم تكن المستشفيات آنذاك تعاني من أيّ مشاكل مادية واقتصادية، ومع ذلك واجهت المستشفيات صعوبات في تأمين المحروقات والأوكسجين واللوازم الطبية.
وتؤكد ممرضة في مستشفى ميس الجبل” أن المستشفى يعتبر اليوم صمام أمان صحيا وحيويا في المنطقة، وتعمل كافة الأقسام بشكل كامل، وقد وزعنا كادرنا الطبي على أكثر من فريق للمناوبة، ذلك من أجل سلامة الأطباء خصوصاً في حركة تنقلاتهم على الطرقات.
وأشارت إلى أن “حتى الآن الوضع متماسك ومنذ بدء الحرب وضعت خطة طوارئ ونحن في استنفار تام تحسباً لأي حوادث متفاقمة”.
ولكن شددت على أنّه “لا توجد جهوزية مطلقة لأنه في حال تمّ قصف المستشفيات عندها لا تنفع خطة الطوارئ في شيء، وكل شيء يتوقف على درجة ومستوى العمليات العسكرية التي ستحصل، والخوف الأكبر عند كل المستشفيات هو موضوع الفيول لأن لا احد يعرف كمية المخزون الذي يكفي والخوف الثاني عدم تأمين المخزون الكافي من الأدوية والمستلزمات الطبيةالخاصة بالجراحة والأمصال”.
وسألنا الممرضة عمن يقدم إسعافات الطوارئ للناس القاطنين في المناطق الخطرة، فأجابت أن هناك تعاون دائم للهيئة الصحية الإسلامية والدفاع المدني التابع لكشافة الرسالة الإسلامية، وهم يتولون نقل الإصابات أو المرضى إلى المستشفيات الآمنة.
وأكدت البرجي أن “هناك نقصا في عدد الأطباء والموظفين، نتيجة هجرة بعضهم منذ بداية الأزمة الاقتصادية في عام 2019، وقد تفاقم هذا الوضع مع بداية العدوان الإسرائيلي في الجنوب”.
من جهة رأى صاحب صيدلية “الأميري” في كفررمان إن هناك صعوبات كبيرة بسبب الوضع الأمني الحالي، الذي حال دون وصول مندوبي شركات توزيع الأدوية إلى القرى الجنوبية، مما أسفر عن نقص ملحوظ فيها.
وأكد أنه “عندما نتحدّث عن الصمود، يجب أن تكون لدينا خطة متكاملة تشمل الطاقم الطبي، وعملية إستيراد الأدوية والمعدات الطبية، وكيفية إيصالها إلى المراكز”.
ويشكو الأميري من أن “الشركات الكبرى لا ترسل المستلزمات الطبية والأدوية إلى المنطقة، مما يجبر الإدارة على تكليف شخص بتأمينها من صيدا أو العاصمة بيروت”.
وأشار إلى أن “نصف الصيدليات في مناطق الجنوب أغلقت بسبب الوضع الأمني على الحدود، وتعرض بعضها لإصابات مباشرة، في حين يواصل البعض الآخر العمل. فالإمكانيات غير متوفِّرة والمرحلة حسّاسة”.
في السياق، أكد مندوب لتوزيع الأدوية في الجنوب الى أنهم توقفوا عن توزيع الأدوية في المنطقة الحدودية منذ بداية إندلاع الحرب.
ويوضح “أننا نسلّم الأدوية ضمن منطقة وسطية آمنة، أو يأتي الزبون إلى الشركة”.
ولفت إلى مدى الخطورة على حياة مندوبي توزيع الأدوية في الجنوب في التنقّل من المستشفى واليه، خصوصاً أن العدو لا يفرّق بين الأهداف.
هكذا، يبدو أن الأمور لا تزال عالقة ففي حال شهدت مستشفيات لبنان ما حصل في مستشفيات غزّة فعندها سيطرح السؤال: ما هي المدة التي ستصمد فيها هذه المستشفيات؟ وهل نشهد انهيارها تباعاً، أم يكون هناك حلّ عاجل ينقذها في زمن الحرب؟