غير مبال باصوات القذائف والمسيّرات، وبمشاهد دخان الصواريخ والحرائق الواضحة أمام عينيه، يجلس أبو فريد على شاطئ الناقورة، محاولاً أن يؤمّن “أكلة سمك” لأولاده الذين طلبوها منه.. فهو اعتاد أن يأكل مع عائلته بشكل أسبوعي سمكا طازجًا من بحر الناقورة قبل أن تفتح جبهة الجنوب على مصراعيها.
وحدها المعارك تطوف في الجنوب، وتطوف معها أصوات المدفعية والطائرات والصواريخ التي قتلت كلّ شيء، إلا أنّها لم تقتل بعد عناد أصحاب الأرض الذين يرفضون أن يتخلوا عنها.
الأزمة الإقتصادية التي ضربت المنطقة من عيتا إلى علما، فالناقورة، ويارون وبليدا، و… و…، لم توفّر أيضاً القرى المجاورة، التي، إلى حدّ ما لم تدخل ضمن بنك الإستهدافات الإسرائيلية المباشرة.. أبرزها، مدينة صور، التي تحاول أن تنجو بنفسها، وباقتصادها، رغم أنّها خارج المعادلة إلى حدّ ما.
فالحرب العبثية التي هدمت أحياء ومنازل، وقتلت وشرّدت، طالت آثارها صور، التي علّقت عملها السياحي مؤقتًا، بانتظار إعلان وقف إطلاق النار، علّها تتدارك ما فاتها، بعد لوحة سياحيّة جميلة رسمتها السنة الماضية داخل أحيائها، وشاطئها ومعالمها الأثرية. إلا أن الوضع مغاير كلّيًا اليوم ، إذ إن صور تُعاني الأمرين سواء اقتصاديًا أو سياحيًا، وهذا ما انعكس بشكل سلبي على الأهالي الذين يحاولون الصمود بالوسائل الممكنة.
وفي رصد قام به “لبنان24” على الأرض، فانه عمليًا الحركة السياحية في صور شبه معدومة، خاصة داخل المعالم السياحية التي تعبّر عن تاريخ المدينة، حيث باتت كمدينة أشباح، يتناوب الموظفون دوامات العمل المفقود داخلها.
وحدهُ الشاطئ، هو الذي بقي صامدًا، على الرغم من أصوات طائرات الإستطلاع، التي تحوم فوق قرى الجنوب. هذا الشاطئ، إلى حدّ اليوم، يُعتبر المتنفس الوحيد لأبناء صور، الذين يحاولون أن يسرقوا بعضا من الوقت للتمتع بالرمال الذهبية التي تناقلت صورها أهم المجلات والمواقع العالمية السنة الماضية. فالبلدية افتتحت وكالمعتاد الخيم البحرية، على الرغم من قرب صور من القرى التي تشهد القصف العنيف.
إلا أن مشهد شاطئ صور الذي يكتظ غالبًا باللبنانيين بعد الساعة الثالثة بعد الظهر لا يعكس فعليًا حجم السياحة التي لا تقارن مع أرقام السنة الماضية.
وفي هذا السياق يقول رئيس بلدية صور حسن دبوق ” إن القطاع السياحي تأثر بشكل مباشر إذ إن المرافق السياحية لا تعمل بالشكل اللازم، إضافة إلى أن الفنادق مقفلة، حيث لا حركة تُذكر”.
ولفت دبوق خلال اتصال مع “لبنان24″ إلى أن المطاعم والأسواق هي التي لا تزال تعمل، وتعتمد على الاهالي فقط، إذ إن الحركة من خارج صور ليست بالمستويات المطلوبة، كما أن حركة التسوق بشكل عام قد انخفضت في المدينة”.
وأشار دبوق بالتوازي إلى أن الحركة بشكل عام تتأثر بحجم الضربات الإسرائيلية التي من دون أدنى شك لها تأثير على الحركة الإقتصادية داخل المدينة.
وإلى الناقورة التي تحمل بين شوارعها 37 دولة، نسبة إلى استضافتها مراكز اليونيفيل، فإن شاطئها أيضا تلقى نصيبه من الخسائر، بعدما عبثت المدفعية الإسرائيلية به، وحرمت السكان المجاورين للبلدة، بالاضافة إلى أهلها من إمكانية الإستجمام عليه، أو حتى استخدامه لتأمين لقمة العيش. إلا أن البعض منهم، والذين لا يأبهون هذه المدفعية التي تُطلق من 3 مراكز عسكرية تقابل الناقورة، يصرون على تشغيل قواربهم بغض النظر عن النتيجة التي سيواجهونها، مؤكدين أن مهنتهم هي أصلا مهنة مخاطر، ومن غير الممكن أن تثنيهم مدفعية إسرائيلية عن ممارستها.