القوّة الثالثة ضائعة بين المبادرات

22 يونيو 2024
القوّة الثالثة ضائعة بين المبادرات


كتب نقولا ناصيف في” الاخبار”:ما غدا عليه الاستحقاق الرئاسي أن لا جدوى من مبادرة تنجده: أخفقت حتى الآن على الأقل دعوة الرئيس نبيه برّي إلى الحوار، تعثّرت اجتماعات الخماسية الدولية بوزراء خارجية دولها في الخارج أو تنقّل سفرائها بين مقارّهم في لبنان، فشلت جلسة 14 حزيران 2023 بعدما رامت منها المعارضة كسر حاجز التوازن بين مرشحيْن كليْهما حيل دون حصوله على الأكثرية المطلقة، تهاوت مبادرة كتلة الاعتدال الوطني ومن بعدها تبخّرت تلك التي قادها الحزب التقدمي الاشتراكي كي يؤول المطاف بمبادرة التيار الوطني الحر إلى الاحتضار.دارت المبادرات تلك، منذ ما قبل حرب غزة بوقوع الشغور ثم ما بعدها، من حول منطق يقول إن إياً من طرفَي الانقسام يقتضي أن يخسر معركته. ذلك ما عناه أن يتمحور الاستحقاق من حول العقبة الأساس فيه: ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية و استبعاده.

Advertisement

مع أن أصحاب المبادرات الثلاث الحالية لانتخاب الرئيس يوحون مباشرة أو مداورة بأنهم يرومون الاضطلاع بدور «قوة ثالثة» بين الثنائي الشيعي والمعارضة المسيحية، توصلاً إلى الخروج من عقدة فرنجية أياً تكن المخارج، بما فيها «المرشح الثالث»، إلا أن واقع كلّ منهم لا يؤهله إلى دور كذاك:
ـ لا يتردّد نواب في كتلة الاعتدال الوطني في إظهار تأييدهم انتخاب فرنجية عند الاقتضاء، رغم تلطيها بالحياد السلبي الناجم في الأصل عن فقدان الطائفة التي تمثلها مرجعيتها القادرة على اتخاذ قرار.
ـ لم يقل الحزب التقدمي الاشتراكي مرة إنه على الحياد في الاستحقاق الرئاسي، ولم يكن كذلك بعدما اقترع في الجلسات الماضية للنائب ميشال معوض ثم للوزير السابق جهاد أزعور. موقعه الحالي أن لا يصطف مع أحد الفريقين بينما يقف إلى جانب حزب الله في حرب غزة وجبهة الجنوب. ما يقول به الحزب، بدءاً من رئيسه السابق وليد جنبلاط، جهوزه للذهاب إلى أي تسوية يتفق عليها الطرفان المتناحران. الأصح أن الحزب لا يملك ما يمكّنه من الإتيان بالفريقين إلى تصوّر أو حلّ لانتخاب الرئيس ينهي الشغور.
ـ ربما الصائب القول إن باسيل أكثر أطراف المبادرات الثلاث ابتعاداً عن «الوسطية» ومكانة «القوة الثالثة». رفضه المسبق ترشيح فرنجية لا انتخابه فحسب، أحاله طرفاً مباشراً في خوض معركة ببعديْن دستوري وسياسي وإن اقتضى التقاطع مع عدوه الأول حزب القوات اللبنانية. أضف أنه أقرب إلى حزب الله منه إلى فريق المعارضة المسيحية بدعمه أولاً احتفاظ الحزب بسلاحه وتمايزه عنه ـ لا عصيانه عليه ـ في حرب غزة لشدّ العصب الحزبي.