تشهد الجبهة الجنوبية سباقاً محموماً بين التصعيد والتهدئة، مع تزايد الرسائل الديبلوماسية إلى لبنان من دول شقيقة وصديقة بأهمية الاستجابة إلى المساعي الدولية الهادفة تجنيب لبنان حرباً واسعة، قد تؤدي إلى تداعيات خطرة على كل المنطقة.
وكتبت “النهار”: على رغم ان الجزم باي احتمال في شأن اقتراب خطر اندلاع حرب كبيرة بين إسرائيل و”حزب الله” لا يزال محفوفاً بهامش واسع من التسرع الاستباقي للتطورات فان المؤشرات المثيرة لتعاظم القلق من هذا الاحتمال اتسمت بوتيرة سريعة وكثيفة لا يمكن تجاهلها .
ولعل ما يعزز الانطباعات عن اتساع حال القلق داخليا وخارجيا في شأن الانفجار المحتمل لحرب واسعة المعطيات التي تتخوف من ان تكون كثافة اللقاءات والمحادثات التي تجريها وفود ومسؤولون إسرائيليون يتوافدون تباعا الى واشنطن بمثابة مقدمات لما تنوي إسرائيل القيام به في استعداداتها لشن عملية كبيرة على لبنان باتت الشغل الشاغل وأولوية لا تتقدمها أي أولوية أخرى في الإعلام العالمي.
وقال مصدر سياسي لـ “الديار” أمس ان قرع طبول الحرب الواسعة لا يستند الى سيناريو مكتمل، خصوصا ان العدو الاسرائيلي الذي رفع وتيرة تهديداته يواجه تعقيدات سياسية وعسكرية كبيرة، فهناك خلافات داخل المؤسسة العسكرية واخرى بين الجيش والحكومة، عدا عن الخلافات على المستوى السياسي.
وأضاف أن هذه الحقيقة لا تعني استبعاد توسع الحرب على جبهة لبنان، خصوصاً في ظل سياسة الهروب الى الامام الذي يتبعها نتنياهو الذي لم يتمكن من تحقيق اهدافه في حرب غزة رغم تدميرها والمجازر التي ارتكبها العدو.
الداخل اللبناني بدأ يشهد مؤشرات تعكس تصاعد المخاوف من حرب كبيرة محتملة ومن ابرز التحركات الاستثنائية التي ترددت معلومات امس انها ستحصل لقاءً ظهر الثلاثاء المقبل في الصرح البطريركي في بكركي يضمّ رؤساء الطوائف المسيحيّة والإسلاميّة، بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، للبحث في الاوضاع العامة في البلاد لاسيما التطورات في الجنوب والاستحقاق الرئاسي ويتبع اللقاء غداء الى مائدة الصرح البطريركي.
ويأتي ذلك فيما يصل أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين إلى بيروت بعد ظهر اليوم الاحد ويغادر صباح الخميس المقبل، ملبيا دعوة من جمعية فرسان مالطا.
وسيلتقي بارولين رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وفي اجندته ايضا لقاء في بكركي مع البطريرك الراعي ورؤساء الطوائف المسيحية، وقد يشارك المطارنة في اللقاء.
اما المؤشر الأبرز في شأن ما يحدثه التصعيد على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية من ترددات استراتيجية في المنطقة فظهر مع اعلان مسؤول دفاعي في المكتب الإعلامي في عمليات سلاح البحرية في البنتاغون، من إن حاملة الطائرات “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور”ستغادر البحر الأحمر وتتوجه إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، في مهمة تقضي بدعم أي عمليات عسكرية قد تفرضها التطورات بين لبنان وإسرائيل.
ويأتي هذا القرار ضمن التحركات الاستراتيجية للقوات الأميركية في المنطقة، حيث يرتقب أن تحل محلها الحاملة “روزفلت”، وفقا لموقع معهد البحرية الأميركية.
وذكر موقع قناة “سي ان أن” الاميركية ان مسؤولين أميركيين أكدوا لوفد من كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين زاروا واشنطن هذا الأسبوع بأنه إذا اندلعت حرب شاملة بين إسرائيل و”حزب الله” فإن إدارة الرئيس جو بايدن مستعدة تماما لدعم اسرائيل وذلك وفقا لما قاله مسؤول أميركي رفيع المستوى شارك في تلك الاجتماعات.
وفي المؤشرات الى قلق خارجي من تدهور الامور أعلنت امس الخطوط الجوية الكويتية، زيادة أحجام طائراتها المتجهة إلى بيروت، لزيادة السعة الاستيعابية للركاب الراغبين بالعودة إلى الكويت.
وقالت الخطوط في بيان لها نشرته عبر حسابها على منصة “إكس” أن إجراءاتها تأتي بالتنسيق مع وزارة الخارجية في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة. وفي وقت سابق دعت وزارة الخارجية الكويتية، مواطنيها الى “العدول عن التوجه إلى لبنان في الوقت الحالي وذلك نظرا للتطورات الأمنية المتعاقبة التي تمر بها المنطقة”. ودعت الوزارة من تتعذر عليه المغادرة للتواصل مع سفارتها بـ”شكل فوري” .
من جانبها، أكدت مصادر ديبلوماسية أن دعوة السفارة الكندية لمواطنيها بوجوب مغادرة لبنان، هو طلب منشور على موقع السفارة منذ تاريخ ٧ تشرين الأول وليس جديداً، إضافة إلى أنه إجراء روتيني تحذيريّ يترافق مع الأحداث الأمنية في البلد فقط لا غير.
وفي السياق اوضح وزير الإعلام زياد المكاري أن مواقع إلكترونية تبثّ أخبارا لا أساس لها من الصحة، زاعمة ان دولا أوروبية وغربية منها ألمانيا والنمسا وبلجيكا وهولندا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا تسحب سفراءها من لبنان.
وأشار الى أن “هذا النمط من الاخبار الكاذبة يندرج في إطار الحرب النفسية التي غالبا ما يلجأ اليها العدو الاسرائيلي ويغذّيها بمختلف الوسائل”.