تزداد التكهنات باندلاع حرب في جنوب لبنان، والتي ستكون بحساب الخسائر والمكاسب، أقرب لمصالح قائد حماس في غزة، يحيى السنوار، أملا في تخفيف الضربات التي تواجهها الحركة في القطاع، بينما لا يرغب في الانغماس فيها حسن نصر الله، زعيم حزب الله المدعوم من إيران، لحسابات داخلية وإقليمية معقدة.
وبحسب تقديرات خبراء عسكريين ودوليين تحدثوا إلى موقع “سكاي نيوز عربية”، بالتزامن مع اشتعال جبهة لبنان، فإن ما يريده السنوار حالياً، لا يريده نصر الله، رغم الخطاب الموحد بشأ وحدة الساحات”.
وعلى مدار 9 أشهر، يحدث تبادل إطلاق نار شبه يومي على طول الحدود اللبنانية مع شمالي إسرائيل منذ أن شنت حركة حماس هجوما على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر ، قبل أن يعلن الجيش الإسرائيلي في 18 يونيو الجاري أنه أقر خطط عمليات وهجمات في لبنان.
ولم يهرع حزب الله بعد السابع من أكتوبر إلى دعم حماس التي تعرضت إلى هجوم إسرائيلي كاسح في قطاع غزة، واكتفى بما وصفه باستراتيجية “المشاغلة”، التي اعتبرها الأمين العام للميليشيا اللبنانية مجهودا كبيرا يزيل جانبا من الضغط الإسرائيلي العسكري على قطاع غزة.
تهديدات حزب الله وممطالة السنوار
وفي محاولة لتهديد إسرائيل ومنعها من شن أي عملية، نشر حزب الله اللبناني، فيديو عرض فيه مجموعة من اللقطات والصور الجوية تظهر إحداثيات لمواقع عسكرية وحيوية إسرائيلية.
ومن بين المناطق الحيوية التي أظهرها الفيديو منطقة تبعد بـ 36 كلم جنوب مدينة حيفا في إسرائيل، ومنها محطة أوروت رابين لتوليد الكهرباء التي تقع في مدينة الخضيرة (حديرا)، والتي تبعد عن الحدود اللبنانية الجنوبية نحو 73 كلم.
والخميس، أفادت وزارة الخارجية الأميركية بأن الوزير أنتوني بلينكن أبلغ مسؤولين إسرائيليين بضرورة تجنب المزيد من التصعيد في لبنان، غداة حديث أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، في خطاب له أن قادة مسلحين في إيران والعراق وسوريا واليمن ودول أخرى عرضوا في السابق إرسال عشرات الآلاف من المسلحين لمساعدة حزب الله، لكنه قال إن الجماعة لديها بالفعل أكثر من 100 ألف مقاتل.
من جهة أخرى، اتهم مسؤول إسرائيلي في تصريحات لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية يحيى السنوار، بالمماطلة في المفاوضات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، في انتظار نشوب حرب شاملة على الجبهة اللبنانية قبل التوصل إلى اتفاق.
وقال مسؤول دفاعي في المكتب الإعلامي في عمليات سلاح البحرية في البنتاغون، لسكاي نيوز عربية، السبت، إن حاملة الطائرات “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور” ستغادر البحر الأحمر وتتوجه إلى شرق البحر الأبيض المتوسط في مهمة لدعم أي عمليات عسكرية قد تفرضها التطورات بين لبنان وإسرائيل.
مكاسب للسنوار
يقول الخبير الاستراتيجي والعسكري اللبناني، العميد الركن المتقاعد هشام جابر: “أعتقد أن فتح جبهة لبنان ستكون لصالح السنوار وغزة لأنها ستخفف الضغط عليهما، وتدور اليوم أنباء تقول إن السنوار يتمنى فتح جبهة لبنان”.
لكن فتح جبهة لبنان، بحسب الخبير العسكري اللبناني في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية، “لا يتمناه أحد من اللبنانيين، وللإنصاف لا يريده حسن نصر الله ولا حزب الله”.
ويرى العميد هشام جابر، الذي يرأس مركز الشرق الأوسط للدراسات في بيروت، أن أسباب رفض حزب الله فتح هذه الجبهة تتعلق بأسباب داخلية خاصة بوضع بيروت المتأزم، وحرص نصر الله على عدم تحميله مسؤولية تدمير لبنان.
ويتابع المتحدث أن ثاني أسباب رفض نصر الله هذه المعركة تعود إلى أن حليفته إيران لا تريد فتح هذه الجبهة حالياً، لأنها ستكون حرباً إقليمية واسعة.
وباستثناء مكاسب السنوار، فلا إسرائيل ولا نصر الله سيكونان رابحين من هذه المعركة، فهي “كارثية على الطرفين”، يستطرد الخبير العسكري اللبناني.
ويرى أن إسرائيل في أزمة حالياً وتريد أن تحقق لها انتصارا، بدلا من حرب الاستنزاف الحالية شمال إسرائيل، متابعا: “لكن لن تستطيع الانتصار على حزب الله كما فشلت في تدمير حماس”.
ويعتقد أن من يبدأ الرصاصة الأولى في تلك الجبهة ستكون خسائره أكبر داخليا ودوليا، في ظل رفض الجميع للتصعيد في المنطقة.
حرب إقليمية
من زاوية قريبة لهذا الطرح، يرى أستاذ العلاقات الدولية في واشنطن، نبيل مخائيل، في حديث مع “سكاي نيوز عربية”، أن واشنطن ستكون داعما سخيا لحليفتها إسرائيل إذا اندلعت حرب مع حزب الله وستكون طرفا مباشرا.
ويضيف في المقابل، سنشهد انضمام محاور القتال في سوريا والعراق الداعمة لإيران في استهداف القوات الأميركية، وسنرى حرب غزة تتحول إلى حرب إقليمية تؤثر على الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وأشار مخائيل، إلى أن الحرب في لبنان لن تكون أيضا في صالح الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي لم ينجح حتى الآن في وقف إطلاق النار في غزة.