في زحمة المساعي الرئاسية التي تارة تنشط وتارة يتراجع نشاطها وفقا للمناخ السائد، لا يزال مبدأ التفاهم بين القوى السياسية في البلاد على السير بمسعى واحد غير منجز ، وحتى وإن تم جمع هذه المساعي في إطار مبادرة واحدة واضحة النقاط . فالكتل النيابية التي قررت التحرك على صعيد ملف الرئاسة من “الاعتدال الوطني” الى “اللقاء الديمقراطي” ف”لبنان القوي” لم تعلن الاستقالة من حراكها ، وإن بدت هذه الكتلة أو تلك أكثر حضورا لناحية لقاءاتها وعرض الأفكار وحتى اطلالاتها الإعلامية.
اقتربت كتلتا” الاعتدال الوطني” و”الاشتراكي” من خطوة تقريب المسافات بين الأفرقاء، حتى أن مسعى “الاعتدال” كاد أن يشق طريقه نحو ترتيب التوافق المطلوب للأنتخابات الرئاسية، وكذلك فإن حراك “الأشتراكي” لم يجد له أي معترض، إنما الفكرة بحد نفسها والمتصلة بأقناع القوى على بعض التفاصيل اصطدمت بالرفض، فأستراح مسعى “الاعتدال” وأخذ مسعى “الأشتراكي” في مواصلة البحث عن كل ما من شأنه أن يحدث الخرق المنشود، ولغاية الآن التفاهم غائب والرئاسة مغيبة ومصير الأنتخابات مجهول بالتالي .
لا يبدي قسم من قوى المعارضة تحفظا على مبادرة “تكتل الاعتدال” ، وقد عكس رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع تأييدا لها، وفي خلال الحديث عن التشاور، ذكرها في مقاربته وعاد وكرر الأمر في مقابلة اعلامية وجاءت وفق ما اوردها في المقاربة الأولى للملف. فهل هذا من شأنه أن يدفع الى إعادة تعويم المبادرة التي حظيت عند طرحها بموافقة مبدئية من عدد لا بأس به من الكتل النيابية؟
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر في التكتل ل” لبنان ٢٤ ” أن اساس المبادرة لم يتغير وهو قائم على لقاء النواب في المجلس النيابي للمطالبة بجلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية والتشاور على هامشها في موضوع الرئاسة، وبالتالي فإن ما من شيء جرى تعديله حتى أنه عندما طرحت المبادرة أعلنت القوى السياسية قبولها بها، واليوم هناك من يعود ليطالب بالسير بها ، ما يعني أنها لم تسحب من التداول بأي طريقة من الطرق ، لكن هناك قناعة لدى غالبية أعضائها أن تطورات غزة والجنوب بدلت من مسارها ، معربة عن اعتقادها أن ما من عوائق أمام تحريكها وفي الأصل لا تزال قائمة.
وتشير هذه المصادر إلى أن مسعى “التكتل” لم يغب عن الساحة ، وظل نوابه يزورون باقي الكتل ويتبادلون الاراء وابدوا انفتاحا على أية أفكار يمكن اضافتها إلى المبادرة ، مذكرة بأنها لاقت استحسانا لدى “اللجنة الخماسية” ولذلك لا يزال رصيدها قويا حتى في عز الاشتباك السياسي بين قوى المعارضة والممانعة ، كما أن “التكتل” لا يرغب في نسف أي مسعى داخلي وهو على استعداد لأي تكامل معه شرط تحقيق الغاية الأساسية اي إجراء انتخاب الرئيس في القريب العاجل، بمعنى آخر أيضا أنها لا تسوق المبادرة لإفشال مبادرة أخرى أو أن “التكتل” يقول أن مبادرتي هي الأفضل، إذ أن المهم الترجمة والتطبيق.
وتعتبر المصادر نفسها أن “التكتل” يدرس مسألة استكمال مسعاه والإمكانات المتوافرة أمام إعادة تزخبمه خصوصا أن المعارضة وعلى لسان ابرز قادتها اشادوا بها ، على أن العائق الأكبر امام مواصلة هذه المهمة هو التوقيت أو ما يعرف ب ” اختيار الفرصة المناسبة ” كي لا يظهر” التكتل” وكأنه يحاول القوطبة على أي حراك رئاسي آخر، علما ان الأجواء لا تؤشر إلى ان المناخ الرئاسي اصبح أكثر ليونة ، وفي كل الاحوال هذا لا يمنع من عقد لقاءات تنسيقية مع الكتل النيابية .
لن تكون الساحة المحلية مقفلة امام لقاءات نيابية من أصحاب المبادرات حتى وإن لم يكن الفصل الرئاسي متاحا بعد ، فهذه الخطوة هي أفضل الممكن امام تقاذف الاتهامات ورمي المسؤوليات بشأن تعطيل إجراء الانتخابات.