تقرير أميركي يوصي بوضع لبنان ..ويحذر من “الفراغ السني”

25 يونيو 2024
تقرير أميركي يوصي بوضع لبنان ..ويحذر من “الفراغ السني”
ترجمة: بيروت نيوز

في تقرير وتحليلي لكل من “حنين غدار” والدكتور “هارون زيلين”، وهما من أبرز الباحثين في “معهد واشنطن للدراسات”، حمل عنوان: “الإخوان المسلمون” يمنحون “حماس” موطئ قدم في لبنان”، تحدث الكاتبان عن وضع أهل السنة الراهن في لبنان، الذين يعانون من أزمة اقتصادية خانقة وفراغ سياسي، والتقدم الذي يحققه، بفعل ذلك، كل من “حماس”، و”حزب الله”، خاصة بعد عملية “طوفان الأقصى”.

ويشير التقرير الى التقدم الملحوظ الذي يحققه حزب الله في الساحة السنية عبر الدفع بالجماعة الاسلامية للظهور أكثر في ساحتها السنية تحت عنوان مناصرة غزة، وأن الاخيرة استعادت نشاطها العسكري والميداني من خلال “قوات الفجر”، وباتت تنسق عسكريا مع حزب الله في الجبهة الجنوبية لاسناد حليفتها حماس في غزة، والعمل قدر المستطاع على تشتيت قوة العدو العسكرية.

توظيف الجماعة بهدف التمدد سنياً

ويؤكد التقرير ان “الأهمية الأساسية للجماعة لا تكمن في قدراتها العسكرية أو ترسانتها، بل بالأحرى في الأهمية الحاسمة لها ولجناحها المسلح لكل من «حماس» و«حزب الله» لأنهما يوفران غطاءً لبنانياً جيداً، ويسمحان باعتماد تكتيك الإنكار المعقول بشأن بعض الهجمات، ولديهما وصول أكبر إلى المجتمع السنّي في البلاد، الذي أصبح بلا زعيم ومنفصلاً عن السياسة منذ أن غادر رئيس الوزراء السابق سعد الحريري الساحة في عام 2019”.

ويذكر الكاتبان ان حماس تسعى لتتمدد في لبنان عبر سيطرتها على المخيمات الفلسطينية، وكذلك من خلال السيطرة على الجسم السياسي والعسكري للجماعة الاسلامية خاصة بعد ان أصبح الشيخ محمد طقوش المقرب منها أمينا عاما للجماعة، وراحت معه تندمج اكثر واكثر في خط الممانعة.

ويرى الكاتبان أنه “يمكن أن يؤدي اكتساب «حماس» لقوة أكبر وهيمنة سياسية على جماعة «الإخوان المسلمين» اللبنانية، لمساعدة «حزب الله» بشكل كبير على التغلغل داخل المجتمع السنّي في البلاد – وهو الهدف الذي سعى إليه قادة «حزب الله» لسنوات، لا سيما منذ أن كشفت انتخابات عام 2022 عن ضعف حليفهم المسيحي جبران باسيل، ولأسباب انتخابية وسياسية، لطالما حاول «حزب الله» أن يمنح نفسه غطاءً غير شيعي من خلال استمالة الطوائف الأخرى، ونظراً لخسارته التدريجية للمجتمع المسيحي، يحرص الحزب الآن على استغلال ضعف الشارع السنّي.

العين على شمال لبنان…

ويشير التقرير صراحة الى منطقة شمال لبنان، على اعتبار انها المحافظة السنية الاكبر في لبنان، فيقول:”يضم شمال لبنان المجتمع السنّي الأكثر هشاشة بسبب الفقر المتفشي وانعدام الآفاق، وعلى الرغم من وجود «حزب الله» هناك، إلا أنه كان متردداً منذ فترة طويلة في الضغط بشكل منسَّق لتولي زمام السيطرة المحلية نظراً للاستياء السنّي العميق في المنطقة، والذي تزايد بعد أن اغتالت الميليشيا رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وتدخلت في الحرب السورية نيابة عن نظام الأسد”.

ويضيف: “وفي الوقت الحاضر، لا تتمتع «الجماعة الإسلامية» بالقوة الكافية لدعم مسعىً واسع النطاق لـ «حزب الله» في هذه المجتمعات، ولكن الإمكانية قائمة، ومن خلال اللعب على وتر التعاطف السنّي مع غزة واستغلال حاجة شمال لبنان إلى المساعدة المالية، بإمكان «حماس» و«الجماعة الإسلامية» أن تجدا آذاناً صاغية لرسالة «حزب الله».

وبالفعل، شهدت «قوات الفجر» و«كتائب المقاومة» التابعة لـ «حزب الله» زيادة في عدد المجندين السنّة الشباب منذ تشرين الأول/أكتوبر.”

ويحذر التقرير من عودة ما سماه “الاسلام العنيف” إلى الظهور في لبنان والتحالف مع الإسلاميين المتطرفين في المجتمعين الشيعي والفلسطيني، مشكلا اتجاهاً خطيراً، يمكن أن يتنامى وسط الانهيار الاقتصادي الذي يبدو أنه لا يمكن إيقافه في لبنان، مما سيؤدي إلى المزيد من زعزعة الاستقرار.

ويضيف: “ان الشارع السنّي في لبنان مكشوف جداً في الوقت الراهن، خاصةً في الشمال الفقير. وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي هو من مدينة طرابلس التي تُعد مدينة رئيسية في شمال البلاد، إلا أن فترة ولايته لم تشهد سوى القليل من الجهود المؤسسية لمعالجة المشاكل المزمنة في المنطقة، وفي الواقع، تعاملت السلطات اللبنانية تاريخياً مع أزمات الشمال بعد وقوعها، وليس قبلها”.

ويقدم التقرير جملة من التوصيات للادارة الاميركية أبرزها:

أولاً، يجب أن تحث الحكومة اللبنانية على إيلاء اهتمام أكبر بشمال البلاد. فهناك حاجة إلى مشاريع تنموية واقتصادية جديدة لتزويد الشباب السنة المحليين بالبدائل، وبطبيعة الحال، أن الاقتصاد اللبناني في حالة يرثى لها، والدولة لا تملك المال لتنفيذ مشاريع تنموية وتعليمية جديدة في الوقت الحالي. ومع ذلك، فسابقاً كانت عائلة الحريري الثرية على استعداد لتمويل مثل هذه المبادرات بدعم من المملكة العربية السعودية، لذلك يجب على واشنطن متابعة هذا الخيار من جديد.

لا حل في لبنان الا بعودة السعودية سياسيا واعتدالا

ثانيا: قبل سنوات، أبعدت الرياض نفسها عن المشهد السياسي اللبناني وخفضت دعمها المالي بشكل كبير – ويرجع ذلك جزئياً إلى تغير أولويات المملكة، ولكن أيضاً بسبب استمرار القوة المحلية لـ «حزب الله» في النمو. وعلى الرغم من هذا التحول، يعد الوقت الحالي فترة حاسمة بالنسبة لواشنطن لإقناع السعوديين بإعادة الانخراط في الموضوع. ففي النهاية، لا يمثل التهديد الحالي مجرد مشكلة بيروت فحسب – فانتشار التطرف السنّي على نطاق واسع في لبنان سيؤدي حتماً إلى تغذية التطرف في جميع أنحاء المنطقة، مما يجعل القضية مسألة تتعلق بالأمن القومي السعودي.

ثالثا: وفيما يتعلق بالقيادة الدينية والأيديولوجية، لا يزال جزء كبير من المجتمع السنّي في لبنان يفضل الاعتدال السعودي النسبي على الآراء المتطرفة التي تتبناها الجهات الفاعلة الأخرى. ومع ذلك، فإن غياب الرياض التام عن المشهد في السنوات الأخيرة قد فتح مجالاً أمام «الجماعة الإسلامية» وغيرها من المتطرفين. ومن شأن أي علامة على تجدد الاهتمام السعودي أن تسهم بشكل كبير في الحيلولة دون محاولة جهات مثل «الجماعة الإسلامية» و«حماس» و«حزب الله» السيطرة على الوضع. وبناءً على ذلك، يجب على المسارين الأمريكي-السعودي والفرنسي-السعودي في لبنان إعطاء الأولوية لعودة الرياض، مع التركيز على التأكد من عدم تحوّل المجتمع السنّي الموالي تاريخياً للسعودية إلى جهة “حزب الله”.

رابعا: فضلاً عن ذلك، يجب على واشنطن أن تشجع الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى على إعادة النظر في نهجها تجاه الاضطرابات في هذا المجتمع. وفي الوقت الحالي، يتمثل رد هذه المؤسسات والجيش اللبناني على الاشتباكات أو غيرها من الحوادث الأمنية في هذه المناطق في احتجاز الشبان السنّة وتأخير محاكماتهم، و/أو تنفيذ اعتقالات شاملة تطال أفراداً سلميين. وسيكون من الأفضل للجيش اللبناني أن يستهدف أولئك الذين يحرّضون على العنف، ويوفرون الأسلحة، ويُنَظِّمون الخلايا المتطرفة المحلية، بينما تسعى السلطات الأخرى إلى معالجة المشاكل الجذرية في هذه المجتمعات الفقيرة.

“قوات الفجر” على لائحة الارهاب؟

وأخيراً، يتعين على الحكومة الأمريكية النظر في تصنيف «قوات الفجر» رسمياً على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية إذا شنت المزيد من الهجمات أو وسَّعت أنشطتها. وعلى أقل تقدير، قد يؤدي ذلك إلى قطع أي صلات محتملة للجماعة بالمؤسسات المالية العالمية وتوجيه رسالة مفادها أن استهداف المدنيين عشوائياً أمر غير مقبول.

لقراءة التقرير كاملا

الإخوان المسلمون يمنحون حماس موطئ قدم في لبنان | معهد واشنطن (washingtoninstitute.org)

المصدر معهد واشنطن