سباق محموم بين الجهود الدولية والتصعيد

27 يونيو 2024
سباق محموم بين الجهود الدولية والتصعيد


شكلت كثافة التحركات الديبلوماسية في بيروت والخارج المتصلة بالجهود التصاعدية لمنع تفجر حرب واسعة في لبنان مؤشراً متجدداً الى اشتداد السباق مجدداً بين الديبلوماسية والتصعيد الميداني، ولكن بدا أن الضغط الديبلوماسي لا يزال يلاقي مستوى مرتفعاً من الاستجابة ولو ظلت التهديدات الإسرائيلية بالحرب تثير مخاوف واسعة وتظلل مجمل هذه التحركات وترمي بثقلها على الواقع العام.

وأفادت مصادر معنية واسعة الاطلاع “النهار” أن الرهانات على الضغوط والجهود الديبلوماسية المؤثرة، وفي مقدمها الجهود الأميركية والفرنسية والفاتيكانية، تضاعفت في ظل ما شهدته الساحة الديبلوماسية من تطورات وتحركات ومواقف في الأيام الأخيرة.
ولفتت إلى أنه على رغم طغيان ملف الفراغ الرئاسي على زيارة أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين لبيروت منذ الأحد الماضي، فإن البعد والدلالات المتصلة برسائل الفاتيكان حيال حماية لبنان من تمدّد الحرب إليه كانت ماثلة للغاية لكل الافرقاء الإقليميين (ومن ضمنهم” جزب الله”)بدليل أن البيان الرسمي المعدّ الذي ألقاه أمس المسؤول الفاتيكاني في السرايا تناول في شقه الأساسي الآخر حرب غزة بما يعني أن أولوية الفاتيكان تمثلت بمنع تمدّد الحرب إلى لبنان أسوة بالحضّ على انهاء أزمته الرئاسية.
وأضافت المصادر نفسها أن ثمة تقاطعاً قوياً عكس عمق التنسيق الذي يحصل بين الفاتيكان وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية حول منع تمدد الحرب إلى لبنان، وهو الأمر الذي دفع مراجع وشخصيات لبنانية عديدة إلى مصارحة الزوار والموفدين بمخاوفهم من تراجع مجمل هذه الضغوط والجهود مع بدء الاستحقاقات الانتخابية في عدد من الدول المؤثرة وأبرزها فرنسا والولايات المتحدة.

ولذا يبقى الحذر الشديد متحكماً بالتوقعات والتقديرات المتعلقة بالواقع القائم على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية خصوصا في ظل الدعوات التي توجهها بعض الدول إلى رعاياها لمغادرة لبنان أو تجنب التوجه اليه. وكانت آخر هذه الدعوات صدرت أمس عن ألمانيا التي طلبت غداة زيارة وزيرة خارجيتها إلى بيروت من رعاياها مغادرة لبنان فوراً. كذلك حضّت الخارجية الهولندية مواطنيها على مغادرة لبنان “بسبب خطر التصعيد على الحدود مع إسرائيل”.

ولكن موقفاً بارزاً جديداً صدر أمس عن البيت الأبيض في واشنطن، إذ أعلن المتحدث باسمه “إننا لا نُريد أن نرى جبهة حرب جديدة بين لبنان وإسرائيل، ولا نعتقد أن ذلك يصب في مصلحة أيّ طرف”.

وأضاف: “نعمل جاهدين من أجل تهدئة الوضع على الحدود الشمالية لإسرائيل عبر السبل الديبلوماسيّة ونعمل على منع التصعيد في لبنان خصوصاً حول الخط الأزرق “. وأكد أن حماية الأميركيين في لبنان أولوية للرئيس بايدن، مطالباً الأميركيين في لبنان بتوخي الحذر.
وأشارت أوساط دبلوماسية لـ«البناء» الى أن «الجهود الدبلوماسية الأميركية والأوروبية نجحت الى حد ما باحتواء التصعيد ولجم اندفاعة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي من تنفيذ التهديدات ضد لبنان». ولفتت الأوساط الى أن الاتصالات الأميركية بالمسؤولين اللبنانيين لم تتوقف وكذلك الأمر الزيارات الدبلوماسية الأوروبية الى لبنان مستمرة وآخرها وزيرة الخارجية الألمانية التي شدّدت على ضرورة تجنّب التصعيد على الحدود والتزام كافة الأطراف مندرجات القرار 1701».
اضافت «البناء» أن التفاوض يدور الآن حول إمكانية التهدئة النسبية للجبهة الجنوبية وتخفيف العمليات من الطرفين عندما يخفض الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية ويُعيد تموضع قواته في غزة والانتقال الى المرحلة الثالثة التي تحدث عنها وزير الحرب في حكومة الاحتلال الإسرائيلي أي الانتقال الى العمليات الأمنية والضربات الموضعية التي تضرب أهدافاً محددة، لكن حتى بلوغ هذه المرحلة تتكثف الجهود الدبلوماسية لتخفيض التوتر لكي لا يؤدي أي خطأ من طرف ما الى الانزلاق لحرب شاملة».

وأكدت مصادر حزب الله» لـ «الجمهورية» أن وقف العمليات ضد العدو الاسرائيلي مرتبط بوقف العدوان الاسرائيلي، وطالما ان هذا العدوان مستمر فإن حزب الله» مستمر في إسنادهاللشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وردا على سؤال حول التهديدات الاسرائيلية بتوسيع الحرب، قالت المصادر: «حزب الله» حاضر للحرب ان ارادها الاسرائيلي، ومن يجب أن يخاف من الحرب هو الاسرائيلي، وليس «حزب الله» فالحزب ماض في مواجهته للعدو طالما انه لم يوقف عدوانه على غزة، وفي الوقت نفسه يعمل على تجنب الحرب بالتأكيد على ان مواجهة الحزبللعدو تتوقف بتوقف العدوان.وبحسب المصادر فإنه رغم تصعيد التهديدات والاعتداءات الاسرائيلية، فإن خيار الحرب الواسعة ليس أكيداً حتى الآن، خصوصا ان العدو يعرف ونحن نعرف ايضا انه لا توجد لديه اي فرصة لتحقيق إنجاز او هدف سياسي او غير سياسي من حرب على لبنان.

وعندما يقال للمصادر ان الاسرائيلي يقول انه يحضر لعمل عسكري لإبعاد حزب الله» الى ما بعد الليطاني، وتأمين عودة المستوطنين الى الشمال تسارع الى القول: في غزة، وعلى مدى تسعة اشهر من الحرب والقصف العنيف والدعم المنقطع النظير الذي تلقاه من الاميركيين وغير الاميركيين لم يتمكن من تحقيق اي هدف، بل بالعكس هو عالق في نقطة الفشل، ويعمق اكثر هذا الفشل. فكيف بالنسبة الى جبهة لبنان، حيث اقول لك بكل ثقة، إذا ما غامر الاسرائيلي بحرب على لبنان راح الشمال كلو».