تطوير القانون لحل اشكالات التطبيق

28 يونيو 2024
تطوير القانون لحل اشكالات التطبيق

“إن المخدرات آفة تقض مضاجع العائلات والمؤسسات والدول، والتوعية ضرورية لإبعاد هذه الآفة عن المجتمع وتحصين الأولاد بالمعرفة لإظهار خطورتها في العديد من المستويات منها العقلية والجسدية والاجتماعية والعائلية والأمنية”، يؤكد القاضي الحلو، “الا أن مسألة مكافحتها، تبقى الأساس وهي مسؤولية تقع على جميع من يعنيهم الأمر بدءًا من العائلة مرورا بالتشريع وصولا إلى العقاب”.

لقد راعى قانون المخدرات الصادر بتاريخ 1998/3/16 برقم 673أحكام اتفاقية 1961/1/30 المعدلة ببند بروتوكول 1972واتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971 واتفاقية الأمم المتحدة المكافحة الإتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988، متضمنا أهمية استعمال المخدرات لأغراض طبية واضعًا ضوابط للحد من سوء هذا الإستعمال وأهمية إحاطة المدمن بالعلاج، مع إشارة القاضي الحلو إلى ضرورة إدخال التعديلات الضرورية على القانون المعمول به وتطويره لحل الإشكالات الناجمة عن تطبيقه.

وجاءت المنشورات الحقوقية “صادر” في مؤلفها الحاضر تسهيلا للعاملين في الوسط القانوني والإداري وللباحثين والمنقبين في موضوع المخدرات وإغناء للمكتبة القانونية بإضافة مرجع يمكن رجال القانون والإدارات الرسمية والأجهزة الأمنية من الإطلاع عليه وتطبيقه في منهجية code annote وفي تبويب سهل متضمنا شروحات وآراء فقهية واجتهادات تشكل إضاءة على معاني وتفاسير نصوص قانون المخدرات وعلى الآراء المختلفة في الفقه والاجتهاد مما يظهر، كما يقول الحلو، العقبات التي اعترضت وتعترض تطبيقه وما قام به الإجتهاد من دور فعال في إكمال الغموض أو النقص فيه وما اعترضه من صعوبات واضعا المرجع الأول في اعتماد هذه المنهجية أي code annote مما يسهل تصفحه والبحث فيه مضيفا لبنة على المكتبة القانونية تزيدها رفعة، وشمعة تزيدها نورا وأثرا قانونيا يزيدها غني.

ويبرز الكتاب للقارئ مدى الجهد الذي بذله المؤلف والوقت الذي استغرقه في إبراز مختلف الآراء ومسار الإجتهاد القضائي المتعلق بالمخدرات مما يمكن القارئ والباحث ليس فقط من الإطلاع على نتيجة الإجتهاد بل على الأسباب العديدة التي أوصلت إليه.

أما المستشار لدى محكمة الجنايات في جبل لبنان الدكتور نضال الشاعر فقال إن محاكم الجنايات في لبنان تلعب دوراً حيوياً في معالجة قضايا المخدرات، وهي تتعامل مع هذه القضايا من خلال تطبيق قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف رقم 98/673 مع بعض النصوص الأخرى المتفرقة من قوانين أخرى.ولا بد في هذا السياق من التطرق الى عنوانين كبيرين:

أولاً: الواقع الحالي المحاكم الجنايات في قضايا المخدرات

ثانياً: تجربة المحاكم مع قضايا المخدرات.

وتحت العنوان الأول استعرض الشاعر ما يلي:

– التشريعات القانونية: تعتمد المحاكم على قانون المخدرات الذي ينص على عقوبات قاسية تصل إلى الأشغال الشاقة المؤيدة وغرامات مالية كانت تعتبر مرتفعة قبل حلول الأزمة الاقتصادية وما رافقها من ارتفاع في سعر صرف الدولار. ويتم التعامل مع قضايا تعاطي المخدرات ينوع من التفهم، حيث تركز القوانين أيضاً على إعادة التأهيل.

– البنية التحتية القضائية: تعاني المحاكم أحياناً من نقص في الموارد والقدرات البشرية الكافية لمعالجة الكم الكبير من القضايا بشكل عام ومنها قضايا المخدرات، لاسيما في محافظة جبل لبنان هذا النقص قد يؤدي إلى بطء في إجراءات المحاكمة وتأخير في إصدار الأحكام. ناهيك عن أن محاكم الجنايات مرتبطة بشكل أو بآخر بمسألة إحضار الموقوفين أمامها من قبل المولجين بذلك لدى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، الأمر الذي لا يحصل بشكل منتظم، ويؤدي الى تأخير في فصل الملفات وتكديس للقضايا، وهو ما ينعكس سلباً على عمل المحاكم والبت بالملفات بالسرعة المتوخاة.

– الزيادة المطردة في أعداد الملفات وقد ساهمت مشكلة النزوح السوري الى لبنان في السنوات الأخيرة في ارتفاع مؤشر الجريمة بحيث إن نسبة الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية تجاوزت الـ 35 وانعكس ذلك حكماً على زيادة في عدد الملفات العالقة أمام محاكم الجنايات بموضوع الإتجار بالمخدرات وترويجها.

أما تحت العنوان الثاني فتوقف الشاعر عند.

1- الإجراءات القضائية: وهي تتضمن القبض على المتهم، التحقيق الأولي، ومن ثم التحقيق الإبتدائي. لينتقل بعدها الملف حكماً إلى الهيئة الإتهامية من ثم يُحال المتهم الى محكمة الجنايات للمحاكمة التي يتم خلالها تقديم الأدلة ومناقشتها بهدف تجريم المتهم أو عدم تجريمه، وهذه الإجراءات تستغرق وقتاً قد يطول أحياناً ما يؤخر البت بالقضايا العالقة.

2- الأحكام والعقوبات: يمنح المتهمون عادة أسباباً تخفيفية، ويكون الحد الأدنى للعقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات، إضافة إلى غرامة مالية لا تتعدى المئة مليون ليرة لبنانية، لتصل في الحكم الغيابي إلى الأشغال الشاقة المؤبدة بالإضافة الى غرامة مالية.

3- التوجه نحو إعادة التأهيل: ساهم قانون المخدرات بفتح ثغرة في جدار العقوبات عن طريق إبطال التعقبات بحق كل متعاط يخضع للعلاج لدى أحد المراكز المعتمدة وذلك بواسطة لجنة مكافحة الإدمان على المخدرات.

4- التعاون مع المنظمات غير الحكومية: لقد أصبحت قضية المخدرات تشكل خطراً دائماً على المجتمع الذي بات برمته معرضاً، فيات من الضرورة بمكان ألا يقتصر العمل وأسلوب المعالجة على المؤسسات الحكومية، بل أضحت الحاجة ملحة إلى التعاون مع منظمات غير حكومية أثبتت نجاحات في خوضها هذا المضمار

واثنى الشاعر على الدور الذي تقوم به وزارة العدل من خلال التعاون مع منظمات غير حكومية بهدف تقديم برامج تأهيلية ودعم نفسي واجتماعي للمدمنين، في سبيل إعادة إدماجهم في المجتمع.

أما عميد كلية الحقوق في جامعة الحكمة – الدكتور شادي سعد فأكد أن احتضان الحكمة لحفل توقيع كتاب القاضي الرئيس الحلو يشكل تجسيدا للنهج المعتمد من قبلنا.تبرز أهمية الكتاب أنه نابع من مسيرة طويلة لمؤلفه الرئيس الحلو الذي شغل مناصب متعددة في المحاكم الجزائية، هذه المسيرة التي سكب من خلاصتها كتاباً يمثل موضوعه أهمية كبيرة في زمننا، اذ بانت هذه الآفة تهدد سلامة المجتمعات واستقرارها، وإصرار الرئيس على تناول هذا الموضوع هو امتداد لنهجه المتميز بالعدل والرحمة، مع حرصه على اصلاح الفرد بدل الاكتفاء بمعاقبته. أما التعاون بين جامعة الحكمة ومنشورات صادر، فيعود إلى زمن بعيد. وأعلن سعد العمل في كلية الحقوق على خلق منصة تعنى بالقضايا التي تهم المجتمع سواء تلك المرتبطة بالأمن الاجتماعي، أو بحقوق المواطنين الأساسية، أو بتطوير وإصلاح النظام.

وكانت كلمة لمؤسس جمعية جاد شبيبة ضد المخدرات جوزيف حواط، فقال: “ان مكتب مكافحة المخدرات لا يمتلك أي إمكانات سوى 65 شخصا، في وقت يوجد أكثر من 7 آلاف حارس وسائق موزعين على الشخصيات السياسية والأمنية، في حين يجب تزويد ودعم المكتب من ألف إلى ألفي شخص حتى يستطيع القيام بمهمته ومواجهة هذه المشكلة. وأعلن الحواط أنه تبين من خلال العمليات التي يتم ضبطها، أن كل العمليات هي من خارج لبنان، ما يدل على أن صناعة المخدرات غابت عن لبنان ولكن أصبح هناك اسلوب جديد من خلال إقامة معمل داخل “فان” يتنقل في القرى بين لبنان وسوريا، لكن العمل مستمر من قبل المعنيين لضبط ذلك.

يبقى الاكيد أن صادر بين التشريع والاجتهاد ” علامة فارقة في المجتمع القانوني منذ نشر أولى أجزائها سنة 1996 حيث لاقت هذه المجموعة رواجاً على المستويات كافة تجاوزت كل التوقعات إذ أصبحت دون أي منازع المرجع الاول لأي بحث متعلق بموضوعاتها .

وكان رئيس مركز الأبحاث والدراسات القانونية (صادر)المحامي راني صادر تحدث عن دور أشخاص ساهموا في انطلاق صادر بين التشريع والاجتهاد، منوها بمثابرة المحامي نجيب عبد النور في عمله في “صادر” المستمر منذ نحو28 عاماً.