التحذيرات الدولية بين الاستخفاف المتمادي والجدّ المرتقب

29 يونيو 2024
التحذيرات الدولية بين الاستخفاف المتمادي والجدّ المرتقب


كتب جورج شاهين في” الجمهورية”: لا يمكن للمراجع السياسية والأمنية أن تتجاهل حجم موجة التحذيرات الدولية ومضمونها الموجّهة إلى مواطنيها في لبنان. وفي ظلّ عدم القدرة على نفيها، لا يمكن الاستخفاف بها. ذلك انّها قد تؤشر إلى ما هو متوقّع من أحداث تنفي حاجتهم للبقاء في لبنان. وعليه، لا يمكن إجراء أي قراءة متأنية سوى على خلفية خيارين لا ثالث لهما: إما للجم الخيارات العسكرية، وإما لتهيئة مسرح الحرب المقبلة.

فرضت بعض المحطات حراكاً دولياً عاجلاً قام به موفدون دوليون أمميون تقدّمهم الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين حاملاً مزيداً من التحذيرات لمنع توسع الحرب في أكثر من حادثة. وتحديداً بعد سقوط ضحايا لبنانيين مدنيين واستشهاد احد العسكريين اللبنانيين من دون ان يؤدي ذلك إلى أي موجة مماثلة دولية، فبقيت الرسائل على شكل نصائح تلقّاها المسؤولون اللبنانيون الكبار تمهيداً لنقلها الى قيادة “حزب الله”، بعدما تحوّلوا سعاة لنقل “البريد السريع” قبل ان يتبلغّوا رسائل السخرية من بعضها، وردّ أخرى بشروط ما لبثت ان تحولت واحدة من بنود “قواعد الاشتباك” وأبرزها الربط النهائي بين ما يجري في الجنوب بما يجري في غزة.
وبناءً على ما تقدّم، بقيت التحذيرات الأخيرة مطروحة على بساط البحث، في أجواء لم توح يوما بأنّ شيئا قد تغيّر. فالتهديدات الإسرائيلية بقيت على وتيرتها السابقة محتفظة بتقلّباتها المحكومة بالخلافات التي أودت بحكومة الحرب وشلّ العمل الحكومي امام تفرّد نتنياهو ببعض القرارات العسكرية ومعه وزير الدفاع يوآف غالانت. فكانت تل ابيب طوال هذه الفترة مربكة، تقدّم الخيارات الديبلوماسية والسياسية صباحاً لتؤكّد على العكس مساء. واختلفت صيغها ما بين ان يكون مطلقها متحدثاً امام تجمّع بعشرات الآلاف من اهالي الاسرى العسكريين، او في الكنيست كما على الحدود الشمالية، مصحوبة بموجات من التشكيك بقدرة الجيش على القيام بأي عملية عسكرية إن قادت الى تدخّل إيراني مباشر شبيه بالتجربة السابقة منتصف نيسان الماضي.
وعند النظر إلى حجم التحذيرات الاجنبية والدعوات إلى مغادرة بعض الرعايا الاجانب لبنان وعدم التوجّه إليه، رأت المراجع الديبلوماسية فيها حتى اللحظة نوعاً من الضغوط النفسية التي لم تؤثر في حركة مطار بيروت الدولي ولا في حركة المغتربين والسياح الأجانب. لكن ذلك قد لا يدوم طويلاً، ويمكن ان تتخذ منحى سلبياً في وقت قريب، يتزامن والخطوات الاسرائيلية المقبلة إن بقي نتنياهو مستمراً في مواجهة المبادرة الاميركية على عتبة الانتخابات الرئاسية، على وقع سيناريو بدأت تتسرّب معالمه إلى بعض المواقع العسكرية والديبلوماسية، وهو يقول بإمكان ان يحمل نتنياهو معه رسالة الحرب على لبنان في زيارته لواشنطن في 24 تموز المقبل إلى واشنطن، ليواجه بايدن عبر منبر الكونغرس مدعوماً من الجمهوريين، في تلك اللحظة الحرجة بمزيد من الأسلحة، وعندها يكون قد فات أوان الأخذ بهذه التحذيرات والاستخفاف بها من عدمه. وكل الخوف يكمن في ان تكون واشنطن قد أنهت استعداداتها لإخلاء الاميركيين من اسرائيل ولبنان في وقت قريب.