ترصد الأوساط اللبنانية المباحثات التي من المقرر أن يجريها اليوم في باريس المبعوث الرئاسي الأميركي الى لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين، لا سيما منها مع “نظيره” في الملف الرئاسي اللبناني المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، لما تشكل هذه المحطة التنسيقية الأميركية – الفرنسية من دلالات وأهمية في توقيتها الدقيق والحرج للغاية لبنانياً وإقليمياً. ومع أن الانطباعات الغالبة ترجح عدم التوصل الى أي تطور أو اختراق في الملف الرئاسي، فإن أوساطاً معنية برصد الاتصالات الديبلوماسية المتصلة بلبنان، لفتت إلى أن البارز في التنسيق الأميركي – الفرنسي المستمر أن الجانبين يبحثان ملفي خفض التصعيد في الجنوب والملف الرئاسي سواء بسواء على خلفية أولوية كل منهما ولكن بنوع من الترابط الضمني، وهذا عامل يعود إلى معطيات الجانبين حول لعبة الضغوط التي يمارسها الفريق اللبناني الذي يمعن في ربط الأزمات كما يربط ساحة الجنوب بغزة وبساحات الإقليم، وفق ما جاءفي افتتاحية”النهار”.
واستبعدت الأوساط أن يصدر أي اعلان مشترك عن لقاء هوكشتاين ولودريان أو أي لقاء آخر قد يعقده الموفد الأميركي مع مسؤولين فرنسيين آخرين، ولكنها توقعت أن تبلغ أجواء التنسيق بين الجانبين إلى مسؤولين لبنانيين وقوى لبنانية في حال أسفرت عن معطيات جديدة، علماً أن هذه الأوساط تشدّد على أن ملف منع تمدّد الحرب إلى لبنان صار متقدماً للغاية على ملف الأزمة الرئاسية.
وكشفت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» أن «هوكشتين نقل خلال زيارته الأخيرة لبيروت قبل أسبوعين أن إسرائيل ستنهي خلال أسابيع العمليات الكبيرة في غزة، حيث ستعيد نشر قواتها وتوقف الأعمال الحربية الكبيرة». وأشار إلى أن إدارة بلاده تعمل على إحياء مشروع الاتفاق مع حماس، رغم أن الضغط المصري والقطري لم ينتج تجاوباً من قبل المقاومة الفلسطينية.
وفي اجتماعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال هوكشتين: «نعرف أن الجبهة اللبنانية مرتبطة بالحرب في غزة، ولا مجال لأي ترتيب سياسي على الحدود قبل انتهاء الحرب هناك». وعليه، تناول المبعوث الأميركي النقاط التالية:
أولاً، أن يقدّم حزب الله، بحكم تحالفه مع حماس وعلاقاته القوية معها، المساعدة في العمل على وقف الحرب بإقناعها بالقبول بمبادرة الرئيس جو بايدن، بناءً على تعهد شخصي من الأخير في حال وقف إطلاق النار، بعدم عودة إلى الحرب.
ثانياً، في حال لم يكُن حزب الله في وارد التواصل مع حماس، فلماذا يريد إبقاء الجبهة اللبنانية مفتوحة في حال قررت إسرائيل وقف العمليات الكبيرة؟
ثالثاً، لفت هوكشتين إلى أن إسرائيل «تواجه أزمة كبيرة بسبب نزوح 100 ألف مستوطن، ولا أحد يمكنه منعها من القيام بأي عمل عسكري ضد لبنان، رغم أننا نرفض ذلك».
وسأل الموفد الأميركي: «ماذا لو قبل معنا الحزب بأن يعود، عندما تتوقف العمليات الكبيرة في غزة، إلى القتال الذي بدأه يوم 8 أكتوبر. أي أن يحصر المواجهة في مزارع شبعا المحتلة. وعندها يكون هناك وقف لإطلاق النار على طول الحدود، بما يسمح للنازحين اللبنانيين بالعودة إلى منازلهم وللمستوطنين بالعودة إلى قراهم في شمال إسرائيل، وبعدها نبحث في الترتيبات المناسبة لإدارة الوضع في الجنوب». وأكّد أن «الولايات المتحدة معنية بالمساعدة على تنشيط الاقتصاد المحلي في الجنوب وهي مستعدّة للدعم في حال تجاوب الحزب وأوقف إطلاق النار».
وردّ بري بأن «وقف العمليات الكبيرة في غزة، لا يعني وقف الحرب. وبالتالي فإن الجبهة هنا لن تتوقف ما لم يتوقف العدوان بصورة كاملة وتنسحب قوات الاحتلال من غزة، وتعلن المقاومة في فلسطين حصول وقف إطلاق النار». وأضاف: «لا أعتقد أن حزب الله في وارد البحث مع حماس حول ما تقوم به في إدارة المعركة ميدانياً أو إدارة المفاوضات سياسياً».
وتابعت ” الاخبار”: يُنتظر أن يركّز الموفد القطري «أبو فهد» الذي يُتوقّع أن يزور بيروت قريباً على الوضع في الجنوب وإمكان ملاقاة خفض وتيرة الحرب في غزة بتهدئة على الجبهة الجنوبية، علماً أن لا معطيات مؤكّدة حيال نجاح هذه المحاولات، في وقت تصر إسرائيل على منطقة عازلة بعمق بين 8 و10 كيلومترات تُفرض بالقوة أو بالحل الدبلوماسي، بينما لا تجد المقاومة نفسها مضطرة أو مأزومة للقبول بهذا الواقع.
كذلك أفادت معلومات عن احتمال زيارة وفد أمني مصري لبيروت لعقد اجتماعات خاصة مع حزب الله.
وأفاد مصدر وزاري لـ«البناء» إلى أن «الرسائل الدبلوماسية للضغط على حزب الله لوقف العمليات العسكرية أو خفضها بالحد الأدنى، لم تتوقف، وأكثرها رسائل أميركية أو وسطاء يوالون الأميركيين، والهدف فصل الجبهة الجنوبية عن جبهة غزة، لكن ردّ حزب الله كان واضحاً بألا نقاش قبل توقف العدوان على غزة، أما الردّ الرسميّ فكان تطبيق القرار 1701 من الجانب الإسرائيليّ قبل الطلب ذلك من لبنان، وإبعاد القوات الإسرائيلية عن الحدود ووقف الخروق الإسرائيلية والانسحاب من الأراضي المحتلة وأن لبنان مستعد للتوصل الى اتفاق ويجري تنفيذه فور وقف العدوان على غزة».
وكتبت” اللواء”: حسبما نقل عن قيادي بارز في حزب الله فإن المسألة بغاية البساطة: تتوقف حرب غزة، تتوقف جبهة لبنان، ويعود المستوطنون الى مستوطنات الشمال، ويبدأ البحث في تسوية تعيد الحقوق اللبنانية الى لبنان، ويطبق القرار 1701، بدءًا من وقف الطلعات والغارات والاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب وأهله، وعلى لبنان.