الاستقرار والتقدم مستحيلان من دون عدالة

5 يوليو 2024
الاستقرار والتقدم مستحيلان من دون عدالة

 

 

رحب النقيب محمد صافي بالاطباء العرب في عاصمة الثقافة العربية، لافتا الى ان “الاحتفال بإعلانها تخلله حدث مشاركة دولة فلسطين وتوقيع توامة مع مدينة القدس”، مشيرا الى أن “تاريخ منطقتنا الحديث، ومعاناته مع فساد عصابة صهيونية، لا تعترف بشرعة إنسانية ولا دينية بتغطية من مجموعة دول راعية، والى ان العصابة تستمر في توسيع شرها وتعميق المشاكل في دولنا جهلا ومرضا وفقرا، وان المطلوب من النخب العربية الوعي وعلى رأسهم الاطباء العرب وهم في الصفوف الاولى وينتشرون في بقاع مجتمعنا العربي، يحفظون الأمن الصحي في بلادنا وقد استشهد جزء منهم في مواجهة كورونا”.

 

وكانت كلمة للوزير الأبيض قال فيها: “انه لشرف لي ان أمثل دولة رئيس مجلس الوزراء، الأستاذ نجيب ميقاتي، وأرحب بكم في طرابلس، عاصمة الثقافة العربية لعام 2024. وإنها لسعادة كبيرة أن نجتمع هنا في هذه المدينة التاريخية، منارة التراث والثقافة، لنحتفل ليس فقط بماضيها الغني ولكن أيضاً بمستقبلها الواعد بإذن الله. وأوجه ترحيبًا خاصًا بجميع ضيوفنا المميزين، وخصوصاً الأطباء الكرام الذين يشكلون مستقبل الرعاية الصحية في العالم العربي بتفانيهم وخبرتهم. نقف اليوم كعاملين صحيين عند مفترق طرق، حيث تواجه مهنة الطب تحديات هائلة”. 

 

أضاف: “إن التقدم السريع في التكنولوجيا والعلوم الطبية يفرض علينا التأكد من أن نظمنا الصحية قادرة على مواكبة هذه التطورات باكلافها العالية، من غير ان نستبعد أي فرد من أفراد المجتمع، وخاصة من الشرائح الهشة.  وفي عصر الكورونا والكوليرا والاوبئة العابرة للحدود، لم يعد من أدنى شك حول مدى ترابط الأمن الصحي وحتمية العمل المشترك والتعاون بين أبناء ومكونات بلداننا. كما أن الاستقرار والتقدم مستحيلان من غير تحقيق العدالة في التنمية والوصول إلى الخدمات الطبية، بحيث يستفيد الجميع من التقدم، وليس فقط قلة محظية”.

 

تابع: “لبنان، وطننا الحبيب، ايضا يمر بمرحلة حرجة. فالتحديات الصحية، والاقتصادية والسياسية، والعدوان الاسرائيلي، كلها عوامل تتضافر لتهدد نسيج مجتمعنا. وهذا ايضا ما يشهده عالمنا العربي في زمن غطرسة القوة، وغياب الرؤية الوحدوية الجامعة، وغلبة ثقافة الغلو والتخوين على ثقافة الاعتدال و حسن ادارة الاختلاف. والسؤال الكبير هو: هل يواجه العالم العربي هذه التحديات متحدًا أم متفرقًا؟ فكم نحن بحاجة إلى توحيد الجهود والتعاون بشكل أعمق لمواجهة التحديات المشتركة، ومنها التحديات الصحية، التي تعصف ببلداننا.  ولعل الثقافة تلعب دورًا حاسمًا في هذا السياق، فهي الجسر الذي يربط ماضينا بحاضرنا ويضيء طريقنا نحو المستقبل. فنحن لسنا أول مجتمع يواجه الصعوبات، وان تاريخنا مليئ بآثار تحديات سابقة، تجدونها منتشرة في ارجاء هذه المدينة العريقة، وفي ربوع هذا الوطن. لكن مجابهة التحديات تتطلب المقاربة السليمة التي تستند إلى ثقافة فيها الكثير من التفكير العلمي السليم، الموضوعي، المدعم بالأدلة، ترفده أخلاقيات رفيعة، وحس مع الآخر، وهم جماعي، وإدراك لمدى الترابط بين أفراد المجتمع، واهمية كل ذلك في بناء الأمم والشعوب على أسس سليمة، مع همة عالية، وإرادة وعزيمة في وجه المخاطر، واستعداد للتضحية إذا لزم من اجل الآخرين، وكل هذا ما ميز ويميز مهنتكم زملائي الكرام. فالطبيب يلعب دورًا رئيسيًا كأحد أهم مثقفي المجتمع. ودوره لا يقتصر فقط على تقديم الرعاية الصحية، بل يمتد ليشمل توجيه المجتمع نحو التفكير النقدي والحكمة في مواجهة التحديات. والأطباء يحملون على عاتقهم مسؤولية كبيرة في تثقيف المجتمع وتعزيز الوعي بأهمية التعاون والتكافل، ولذلك استحق الطبيب في منطقتنا أن يدعى بالحكيم، وان يتبوأ مكانة عالية في مجتمعه، وان يكون ملح الأرض، يصلح المجتمع بصلاحه، ويفسد بفساده”. 
 

ختم: “دعونا نعود فنذكر أهمية الإرادة والعزيمة في مواجهة التحديات. وإن اجتماعنا هنا اليوم، رغم الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، وغزة العزيزة الأبية، وغيرها من اوطاننا، يشكل رسالة مهمة للتضامن العربي ووحدة الهموم والتطلعات. ونحن نؤمن انه بإرادتنا المشتركة، يمكننا أن نتغلب على أي عقبة. وكما قال الشاعر: “إذا الشعب يوماً أراد الحياة. عشتم، عاشت طرابلس، عاش لبنان”.