البادل في لبنان: رياضة وجاهة وتمايز إجتماعي

5 يوليو 2024
البادل في لبنان: رياضة وجاهة وتمايز إجتماعي


قل لي عن هواياتك أقل لك من انت! هذه هي الحال في لبنان، حيث تشهد رياضة البادل اقبالاً كبيرة، في الآونة الأخيرة، لدى مختلف الفئات العمرية وخاصّة لدى “المقتدرين”. فالبادل هنا يميّز بين الأفراد ويضعهم في خانة “الهاي سوسايتي”، إذ ان هذه الرياضة مكلفة وليس بمقدار ذوي الدخل المحدود مزاولتها بشكل دائم.

Advertisement

 
“تراند” البادل والهوس المتزايد بها، ساهم في ازدياد عدد الملاعب بشكل كبير في مختلف المناطق اللبنانية. واستحدثت العديد من الأندية الرياضية والمنتجعات الصحية ملاعب خصّصت لهذه الرياضة الترفيهية والتنافسية في آن.. فما هو واقع البادل في لبنان؟
 
 شعبية واسعة لرياضة “مُكلفة”
تربّعت رياضة البادل هذا الموسم على عرش “التراند” وارتفع عدد لاعبيها نظراً لسهولة تعلّمها، قواعدها البسيطة وما تضفيه من متعة بالرغم من الجوّ التنافسي في الملعب؛ غير أنّها تعدّ من الرياضات الفاخرة في لبنان، حيث لا يزال الأفراد يترنحّون وسط تداعيات الأزمات ورياح الحرب. لممارستها عليكم في البدء استئجار ملعب والأسعار، كما هي الحال دوماً، تختلف من مكان لآخر وتتراوح بين 30 دولاراً أميركياً و50 دولاراً أميركياً في الساعة الواحدة.
 
بعد تأمين مكان اللعب المحاط بالجدران، عليكم الآن الحصول على معدات اللعبة أي المضارب الصلبة المثقوبة.. الأمر هنا شبيه باختيار قطعة “متميّزة” للعب أو لالتقاط الصور معها في الملعب ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. هذه المضارب أسعارها مرتفعة وقد يتخطى سعر المضرب الواحد المئتي دولار أميركي، إلّا أن روّاد ملاعب البادل لا يأبهون جداً للأسعار، بحسب ما يروي أحد التجار لـ”لبنان 24″، فاللعبة بحدّ ذاتها تصنيف للأفراد ولمكانتهم في المجتمع.
 
حتّى أن اختيار الأفراد للملابس الرياضية بات يميّز لاعبو البادل عن سواهم من مرتادي النوادي. ويقول التاجر إن هواة ومحترفي البادل في لبنان يرتدون سروالاً قصيراً و”تي-شيرت” وغالباً ما تكون ثيابهم من “ماركات” رياضية معروفة، ويضيف ضاحكاً: “التمييز بين لاعب البادل من غيره سهل جدًا”.
 
 
ما سبب هذا “الهوس” بالبادل؟
تعدّ لعبة البادل من الرياضات الممتعة والاجتماعية بامتياز، لذا تحظى في لبنان هذا الصيف بإقبال كثيف وتسابق على حجز الملاعب المخصصة لها. هذا عدا كونها سهلة وبسيطة وأكثر ليونة من لعبة التنس، ما يجعلها مناسبة لكل الأعمار والمستويات البدنية.
ولأنّ اللبنانيين يتقيّدون بـ”الترند”، أصبح ارتياد ملاعب البادل أمر أساسي لإظهار “مستوى” الافراد الاجتماعي بحسب معايير “مواقع التواصل”.
 
إضافة الى “وجاهة” اللبناني، للبادل فوائد جسدية ونفسية عديدة، ما يجعلها من الرياضات المفضلة للعديدين. كمعظم النشاطات الرياضية، تُساعد البادل على تحسين اللياقة البدنية بشكل عام، حيث تُقوي العضلات وتُحسّن من صحة القلب والأوعية الدموية. كما تحفّز على حرق السعرات الحرارية بطريقة فعّالة، إذ يمكن حرق ما يصل إلى 600 سعرة حرارية في ساعة واحدة.
 
كذلك، وفقاً للدراسات، تُساعد هذه الرياضة على زيادة كثافة العظام، مما يُقلّل من خطر الإصابة بهشاشة العظام. وتساعد أيضاً على تحسين المرونة والتوازن وتحسين نطاق الحركة.
 
زد الى ما سبق، المنافع النفسية لهذه الرياضة الحماسية التنافسية، فهي ونظراً لتصنيفها اجتماعية، تعززّ مهارات الأفراد في التواصل والعمل الجماعي كما تمّكنهم من تكوين صداقات جديدة عبر التعرّف على لاعبين آخرين.  
 
هذا بالإضافة الى كونها تؤمّن مساحة للترفيه والاستمتاع بعيداً عن ضغوط العمل والحياة، وهي بالتالي تساعد على تقليل التوتر والقلق وتحسين المزاج. كما تؤدي ممارستها مع الأصدقاء، الى تعزيز الثقة بالنفس وتحسين الشعور بالرضا عن الذات.
 
 
لمحة تاريخية عن البادل
يعتقد أن مصطلح “بادل” مشتق من الكلمة الإسبانية “pala” التي تعني “مجذاف”. وتعود نشأت هذه الرياضة، في أواخر ستينيات القرن الماضي، الى رغبة رجل الأعمال المكسيكي إنريكي كيركويرا في لعب التنس في منزله، غير أن المساحة لم تكن مناسبة لذلك. فقام بابتكار ملعب أصغر مُحاط بجدران، واستخدم مضارب مثقوبة ومختلفة عن مضارب التنس التقليدية.
سرعان ما اكتسبت اللعبة شعبية كبيرة في أكابولكو المكسيكية، ثمّ انتقلت الى الأرجنتين عام 1975 حيث نالت رواجًا هائلاً وأصبحت ثاني أكثر رياضة شعبية بعد كرة القدم.
من الأرجنتين وجدت هذه الرياضة لها هواة في إسبانيا وإيطاليا وزاد عدد لاعبيها في أميركا الجنوبية. وفي أوائل التسعينيات، وصلت إلى أوروبا، حيث اكتسبت شعبية كبيرة. ونظراً لكونها واحدة من أسرع الرياضات نموًا، عام 2005، تأسس الاتحاد الدولي للبادل (FIP) بهدف تنظيمها على المستوى الدولي.
أّمّا في لبنان، فشهد العام الماضي أولى موجات الإقبال على لعبة البادل وارتفعت نسبة محبيها وهواتها هذا العام مع توقعات بزيادة شعبيتّها نظراً لسهولتها وما تمنحه من ترفيه وتسلية و”تغيير للجو”.