خصوم حزب الله يكرّسون شرعيته…تلافيا للتصعيد

5 يوليو 2024
خصوم حزب الله يكرّسون شرعيته…تلافيا للتصعيد


بالرغم من تراجع الجامعة العربية عن تصريحات امينها العام المساعد حسام زكي حول إزالة “حزب الله” عن لائحة الارهاب العربية، الا ان مفاعيل تصريحات زكي، مهما كان سببها وخلفيتها، لا تزال قائمة، اذ ان المؤشر الواضح الذي اعطاه التصريح يؤكد المسار الذي يسير به المجتمع السياسي العربي وتاليا الدولي باتجاه الحزب الذي يفرض على خصومه ربطا بالواقعية السياسية، التواصل معه والاعتراف به وربما تعزيز العلاقات معه.

وحتى لو صحت للتسريبات من ان المملكة العربية السعودية انزعجت من تصريحات زكي، فهذا لا يعني ان الرياض تريد الاستمرار بمخاصمة الحزب لكنها لا تريد تقديم هدايا مجانية له وترغب بأن تكون المصالحة في توقيت معين يفرض على الحزب تقديم تنازلات مقابلة، وعليه فإن المسار العربي العام، قبل معركة “طوفان الأقصى”، كان ولا يزال يتجه نحو تطبيع العلاقات مع “حزب الله” ولم تكن زيارة رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا خارجة عن هذا السياق.

واذا كان التقارب العربي او اقله التطبيع مع “حزب الله” له اعتبارات لبنانية اقليمية، فإن ما يحصل من لقاءات واتصالات بين الحزب والدول الاوروبية له اعتبارات اخرى، خصوصا وأن التواصل لم يقتصر فقط على الفرنسيين الذين اعتادوا على تمتين قناة اتصالهم بحارة حريك غير آبهين بالفصل بين الجناح العسكري والجناح السياسي، الا ان التواصل شمل دولا عدة منها ألمانيا ألد اعداء الحزب في اوروبا والتي تصنفه ارهابياً.

اللافت ان التواصل مع الحزب من قبل الاوروبيين لا يتم حول الشأن السياسي الداخلي بل لوقف اطلاق النار او الاصح للتفاهم معه على ترتيبات المرحلة المقبلة بالتوازي مع الحرب، اي ان ما يحصل هو اعتراف كامل بالحزب كتنظيم عسكري يمكن التفاوض معه لتجنب الذهاب الى المجهول في الوقت الذي لا يمكن فيه التأثير على رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، وهذا ينطبق ايضا على الولايات المتحدة الاميركية التي تفاوض الحزب، وان بطريقة غير مباشرة من خلال، تواصل الموفد آموس هوكشتاين مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.

امام كل هذا المشهد، يعمل الحزب بشكل احترافي على الاستفادة من كل زيارة واتصال من جهة دولية او عربية، اذ وبالرغم من موقفه الحاسم من الحرب في غزة وربط الجبهات، ورفضه التام لوقف اطلاق النار في جنوب لبنان من دون وقف اطلاق النار في قطاع غزة، الا انه لا يفوت فرصة لقاء اي مبعوث غربي او وزير خارجية او مدير مخابرات او غيرهم ممن يصلون الى بيروت في محاولة للوصول الى حل وهدنة.

بات الحزب اليوم حاجة جدية لمعظم الدول المهتمة بلبنان لا بل للدول المهتمة بالشرق الاوسط والحرب المندلعة فيه ككل، من هنا وعند نهاية الحرب ستكون حارة حريك قادرة على التواصل مع معظم الغرب وجزء كبير من الدول العربية  التي كانت تقاطع الحزب وتقاطع لبنان بسبب حضور الحزب السياسي فيه. هكذا، واضافة الى المكاسب المرتبطة بالميدان والتوازنات العسكرية، من الممكن ان يحقق الحزب مكاسب جدية على صعيد علاقاته الدولية وصورته العامة.