نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيليّة تقريراً جديداً قالت فيه إنَّ الإفتقار إلى الملاجئ ما زال يُطارد سكان مناطق شمال إسرائيل المحاذية للبنان.
وذكرَ التقرير الذي ترجمهُ “لبنان24” إنَّ جولة بالسيارة حول مستوطنة كريات شمونة القريبة من جنوب لبنان، وسط هدوء المدينة المهجورة وأصوات الطيور المغردة، تكشف عن شعور بأن هناك الكثير مما يجب القيام به لتوفير الحماية اللازمة، ويضيف: “تطل على كريات شمونة حديقة بها برج مراقبة، تم بناؤه منذ عقود من الزمان، بالقرب من تحصينات يبدو أنها تعود إلى ستينيات القرن العشرين. في تلك الأيام، كانت كريات شمونة قريبة جداً من مرتفعات الجولان المحتلة من قبل سوريا. اليوم تسيطر إسرائيل على تلك المرتفعات ويمكن رؤية وادي الحولة بالكامل من نقطة المراقبة”.
وأكمل: “لقد تم إخلاء كريات شمونة منذ منتصف شهر تشرين الأول الماضي، وأصبحت الآن مدينة أشبح. إنها هادئة تماماً في يوم السبت، ولا يمكن سماع أي سيارة. فقط زقزقة الطيور هي التي تحدث ضجة هنا. وعلى نقطة المراقبة المطلة على المدينة، فإن الهدوء ليس سوى جزء من القصة. في وقت سابق من اليوم، دوت صفارات الإنذار طوال الصباح محذرة من هجمات مصدرها حزب الله الذي يسعى في كثير من الأحيان إلى استهداف إسرائيل بالطائرات من دون طيار والصواريخ، فيما لا تزال المنظمة اللبنانية تشعر أنها قادرة على مهاجمة إسرائيل دون عقاب”.
وأردف: “بشكل عام، ربط حزب الله هجماته على إسرائيل بحرب غزة، ويزعم أن له الحق في مهاجمة إسرائيل كلما حدث تصعيد في غزة. هذا يعني أن حماس أصبحت الآن تحرك خيوط حزب الله. إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، أو إذا هدأت الجبهة الشمالية مع حزب الله فجأة وتوقفت المجموعة المدعومة من إيران عن الهجوم، فسوف يكون هناك تساؤلات حول متى قد يعود الإسرائيليون إلى منازلهم في الشمال المحاذي للبنان. في الوقت الحالي، تم إجلاء ما بين 50 ألفًا و80 ألف شخص من المجتمعات الشمالية، مع إجلاء حوالى 20 ألف شخص من كريات شمونة فقط”.
وأردف:”إن القيادة حول هذه المدينة ورؤية الدمار الناجم عن الصواريخ التي ضربت المنطقة تكشف عن التحديات التي تنتظرنا. إذا عاد الناس إلى مناطق مثل كريات شمونة فسوف يحتاجون إلى الملاجئ والحماية التي تتمتع بها مدن مثل سديروت في الجنوب. فعلياً، فإن المدينة الأخيرة حصلت على حماية متزايدة بسبب التهديد الصاروخي الذي فرضته حركة حماس في غزة”.
وأضاف: “سديروت الآن أصبحت مزينة بمواقف الحافلات المدرعة، وهي مجهزة تجهيزاً جيداً للتعامل مع نيران الصواريخ. أما الشمال، فقد أُهمِلَ على مر السنين في هذا الصدد. ورغم أنه كان من المعروف على نطاق واسع أن حزب الله يشكل تهديداً أكبر كثيراً من حماس، إلا أنه يبدو أن التفكير في كيفية حماية المدنيين في الشمال كان أقل كثيراً، وقد أصبح هذا واضحاً بعد السابع من تشرين الأول عندما اتُخِذ القرار بإجلاء المدنيين”.
وأردف: “لقد تم ضخ الموارد لتوفير بعض الملاجئ في الشمال وتحسين الدفاعات. ومع ذلك، فإن 9 أشهر من الحرب تظهر مدى صعوبة هذا التحدي. وفي نهاية المطاف، سيكون الأمر متروكاً للسلطات المحلية والمدنيين لاتخاذ القرار بشأن ما إذا كان لديهم ما يكفي من الملاجئ”.
وقال: “إن التباين واضح بين الوضع في سديروت والمجتمعات المحلية الأخرى. فمدينة سديروت مثال على المدينة الحديثة المستعدة لمواجهة الصواريخ وغيرها من التهديدات، وقد تم إخلاء المدينة بعد السابع من تشرين الأول الماضي، لكن سكانها عادوا إليها”.
وأكمل: “إن التهديد الذي يشكله حزب الله كبير ويلوح في الأفق. هناك منشورٌ حديثٌ للجيش الإسرائيلي على وسائل التواصل الاجتماعي يقول إن حزب الله لديه 200 ألف صاروخ و100 ألف عنصر مقاتل. كذلك، يمتلك حزب الله طائرات من دون طيار وأسلحة أخرى. لقد أظهرت المنظمة اللبنانية طوال 9 أشهر من الحرب أنها قادرة على تنفيذ هجمات واسعة النطاق وعميقة بشكل متزايد داخل إسرائيل. كثيراً ما يتفاخر حزب الله بأهدافه ويتحدّث عن أنواع الأسلحة التي يستخدمها، وهو يلمح إلى حقيقة واضحة مفادها أنه يحتفظ بمعظم ذخيرته جاهزة ولا يكشف إلا عن جزء من قدراته”.
واستكمل “إن قرار إسرائيل بإخلاء التجمعات السكنية في الشمال ما زال يفتقر إلى الوضوح. ربما كان القرار منطقياً بعد السابع من تشرين الأول مباشرة، ولكنه اليوم أقل منطقية، فهو يبعث برسالة مفادها أن الإخلاء ضروري بسبب التهديد الذي يشكله حزب الله وعدم الرغبة في ردع هذا التهديد. عملياً، لم يحدث قط في تاريخ إسرائيل أن أخلت إسرائيل مدناً بأكملها لمدة تسعة أشهر. الأمرُ هذا يثير تساؤلات جدية حول ماهية الخطة طويلة المدى للشمال والتهديد الذي يشكله حزب الله. إن الحاجة إلى تأمين وحماية المجتمعات المحلية بالملاجئ وغيرها من الوسائل واضحة، وخلال تسعة أشهر من الحرب كان هناك متسع من الوقت للاستثمار في ذلك”.
وأضاف: “رغم بعض التحسينات التي طرأت، فإن جولة بالسيارة حول كريات شمونة، وسط هدوء المدينة المهجورة وزقزقة الطيور، تكشف عن شعور بأن هناك الكثير مما ينبغي القيام به، وذلك لأن أي شخص يقود سيارته أو يتجول في المنطقة يشعر بعدم وجود مكان يلجأ إليه بحثاً عن مأوى”.