لم تُقفل دورة التراخيص الثالثة في 3 تمّوز الجاري، على ما كان يُفترض، لأنّ وزارة الطاقة، وفق ما أعلنت هيئة إدارة قطاع البترول “قررت تمديد الموعد النهائي للشركات لتقديم أعطيتتها، للحصول على حقوق التنقيب عن النفط والغاز في تسعة حقول بحرية (من أصل عشرة) الى 17 آذار من العام المقبل (2025)”. هذا التمديد كان متوقّعاً، سيما بعد أن أنهت شركة “توتال” عملها في البلوك 9 في 12 تشرين الأول من العام الفائت، مكتفية بالإعلان عن “وجود ماء وليس غاز فيه”، ومن دون أن تُسلّم حتى الآن تقريرها النهائي عن عمليات الحفر في حقل قانا ضمن البلوك المذكور.
Advertisement
وكتبت دوللي بشعلاني في” الديار”:مصادر سياسية مطّلعة تحدّثت عن أنّ الضغط الأميركي لا يزال مستمرّاً على الشركات النفطية الدولية لعدم المجيء الى لبنان، قبل إتمام “الاتفاق الشامل” الذي يشمل الرئاسة والحدود البريّة، واستكمال التنقيب عن النفط والغاز في البلوكات البحرية اللبنانية، وإعادة إنعاش الوضع الإقتصادي والمالي في البلد. كذلك فإنّ الوضع الأمني المتدهور في غزّة منذ 7 تشرين الأول المنصرم، وفي جنوب لبنان منذ 8 منه، لا يُشجّع الشركات على تقديم طلبات الإستثمار في البلوكات الحدودية البحرية التابعة للبنان. غير أنّ ثمّة 9 بلوكات معروضة حالياً، منها موجود بعيداً عن الحدود الجنوبية، يُمكن للشركات العمل فيها، لولا الحديث عن إمكانية توسيع الحرب على لبنان من قبل العدو الإسرائيلي.
ولو لم يكن الحصار الأميركي يُكبّل قطاع النفط والغاز في لبنان، على ما أضافت المصادر، لكانت سلّمت “توتال” التقرير النهائي عن نتائج عمليات الحفر في حقل قانا في البلوك 9، ولكانت تحدّثت على الأقلّ عن إمكانية وجود مكتشفات تجارية فيه، لو انّها استكملت الحفر على عمق 4000 أو 4400 م.، على ما كان يُفترض، بدلاً من أن توقف عمليات التنقيب على عمق 3900 تحت قعر البحر وتُعلن أنّها لم تجد سوى الماء، وتحزم معدّاتها وتُغادر لبنان.
وإذا كان الوضع الأمني المتدهور على الحدود الجنوبية لا يُشجّع الشركات الدولية النفطية، الكبرى أو المتوسطة، أو حتى الصغرى من المجيء الى لبنان، فما الذي يمنعها من الإستثمار في البلوكات الداخلية، على ما تساءلت المصادر نفسها، سيما وأنّ مساحة مجمل المياه البحرية في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان تبلغ 22,730 كلم2، مع وجود منطقة عازلة تمتد على طول الشاطىء اللبناني تصل مساحتها الى 1200 كلم، يُمنع فيها تنفيذ الأنشطة البترولية…
وهذه البلوكات بعيداً جدّاً عن الأوضاع الأمنية المتوتّرة خلافاً للبلوكات 8 و9 و10 الحدودية.
وتقول المصادر السياسية بأنّ كونسورتيوم الشركات الذي تقدّم الى دورة التراخيص الثانية للإستثمار في البلوكين 8 و10، لم يُوقّع أي عقد مع الدولة اللبنانية، كونه تقدّم بطلب لا يلتزم بدفتر الشروط، كما أنّه لم يوافق على التعديلات التي وضعتها وزارة الطاقة لتسهيل الموافقة على تلزيمه رخصة الحفر في البلوكين المذكورين. كذلك رغم اهتمامه بالبلوكات البحرية اللبنانية لم يتقدّم الى دورة التراخيص الثالثة، كون هدفه الأول تأخيرعمله فيها. ولهذا فإنّ عدم وجود شركات متقدّمة للاستثمار، أوجب على الحكومة تمديد مهلة التراخيص الثالثة حتى العام المقبل.
ويبدو واضحاً إذاً أنّ الدول الكبرى، على ما أشارت المصادر، تريد الاستثمار سياسياً في ملف النفط والغاز، كما في ملف النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، لكي “تسمح” للبنان بتغيير وضعه العام نحو الأفضل. غير أنّ التأخير لا يصبّ في مصلحة لبنان، سيما أنّ المراحل التي تمرّ بها الأنشطة البترولية تتطلّب وقتاً طويلاً. وهي 6 مراحل وتأتي على النحو الآتي:
– أولاً: الاستطلاع أو القيام بالمسوحات الزلزالية، وهو يتطلّب بين سنتين وخمس سنوات.
– الثانية: مرحلة الاستكشاف وتمتدّ من 3 الى 6 سنوات.
– الثالثة: التقويم ويتطلّب من سنة الى سنتين.
– الرابعة: التطوير لمدة سنة و4 سنوات.
– الخامسة تتعلّق بالإنتاج وتمتدّ حتى 30 سنة.
– السادسة: الوقف الدائم للتشغيل.
وهذه الأنشطة، على ما يتبيّن أعلاه تتطلّب سنوات طويلة، على ما عقّبت المصادر، ما يجعل التأخير المتواصل، يؤجّل استفادة لبنان من ثروته النفطية لسنوات إضافية عديدة…