كتب مجد بو مجاهد في” النهار”: استحضار حال الاحتدام القتالي الناشب على الحدود اللبنانية الإسرائيلية بـ”التلسكوب السياسيّ” الخاصّ بمساعد وزير الخارجية الأميركية السابق لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، كما مناخ الأجواء الملبّدة بدخان القنابل المتفجّرة، يتزامن مع مرحلة لا تتبدد فيها الهواجس من اشتعالٍ حربيّ لاذع، ولو متأخّرا، لا يكون في المقدور السيطرة خلاله على ما تبتلعه النيران التي قد تنشب بشراهة غير محدودة وغير منحصرة… وستكون عندها بداية الحرب الشاملة. للمحاولات التوسّطية والمقترحات الخارجية الهادفة إلى الحلّ الديبلوماسيّ الصافي لإنهاء المعارك وإعادة الاستقرار، موضعها أيضاً. عندما يتصفّح شينكر أوضاع المنطقة من منظاره المتقن والمتمرس، ومواكبته الحالية لتطوّرات المعارك من مركزه البحثيّ والإداريّ في معهد واشنطن، يقول في حديث خاصّ لـ”النهار” إنّ “إسرائيل وحزب الله لا يسعيان إلى الحرب. بعد السابع من تشرين الأول عندما سرقت حركة حماس صفحة من خطّة حزب الله الحربية، قرّرت إسرائيل أنها لم تعد قادرة على التسامح مع الوضع الراهن الذي يعيش فيه نحو 10 آلاف من قوّات الرضوان التابعة للحزب على طول حدودها. من جانبه، بعد سنوات من الخدمة كفيلق أجنبي لإيران في سوريا والعراق واليمن، رأى حزب الله من الضروري أخيراً محاربة إسرائيل مرّة أخرى، فانخرط في مقاومة أداء ضدّ العدوّ”.
في متناول شينكر أيضاً “مجهرٌ تحليليٌّ” للمناوشات المتفاقمة على مدى الأشهر الماضية، حيث يرصد أنّ “التبادلات تصاعدت بشكلٍ كبير. يقول الحزب إنّه لن يوقف عملياته حتى يكون هناك وقف للنار بين إسرائيل وحماس. وتعتزم إسرائيل إنهاء العمليات القتالية الكبرى في غزة في الأسابيع المقبلة، ولكن من غير المرجّح أن يكون هناك وقف إطلاق نار رسمي. حين تتراجع إسرائيل عن عملياتها العسكرية في غزة، فإنّ الكرة ستصبح في ملعب حزب الله. فإما أن يوقف ناره ويدخل في مفاوضات فصل القوات، وإما أن تكون هناك حرب. وفي حين أنه من الممكن أن يتوصّل الحزب وإسرائيل إلى تفاهم هادئ – مثل الصفقة التي توسّط فيها وزير الخارجية وارن كريستوفر عام 1996 في أعقاب عملية “عناقيد الغضب” الإسرائيلية – فإنّ الوقت ينفد. من شأن الحرب أن تلحق خسائر فادحة بكلّ من إسرائيل ولبنان، ولكن يبدو أنّ “حزب الله” ورعاته في طهران مرتاحون إلى معركة الاستنزاف الحالية المتوسّطة الشدة. لن تتسامح إسرائيل مع هذا الوضع إلى ما لا نهاية”.
إذ تسعى واشنطن إلى حلّ ديبلوماسيّ يكبح جماح الصراع بين “حزب الله” وإسرائيل لتجنيب لبنان الحرب الشاملة، تطرح استفهامات حول مدى نجاح الجهود الديبلوماسية. يسرد ديفيد شينكر أنّ “المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين طرح اقتراحاً يمكّن الطرفين من إعلان النصر، وتأخير الحرب موقتا على الأقل. سوف “يحرّر” فريق حزب الله الأراضي اللبنانية على طول الخط الأزرق – بما في ذلك قرية الغجر – من خلال مفاوضات تتم عبر الوساطة، وستحصل إسرائيل على موافقة الحزب على سحب تشكيلاته العسكرية على بعد كيلومترات حدوديّاً، ممّا سيسمح لـ70 ألفًا من مواطنيها النازحين بالعودة إلى ديارهم. هناك قليل من الثقة بأنّ هذا الاتفاق سيدوم، لكنّه من شأنه أن يؤخّر ما قد يكون بلا شكّ حريقاً مكلفاً للغاية. من الممكن أن تنجح الجهود الأميركية والفرنسية، لكنّ الوقت قصير”. وعن تعامل لبنان الرسمي مع الوضع جنوب لبنان، يردف أنّ “الدولة اللبنانية هي قناة المفاوضات غير المباشرة بين إدارة الرئيس جو بايدن وحزب الله. في الواقع، الدولة ليست ذات أهمية.
هل لا يزال القرار الدوليّ 1701 يشكّل الحلّ على الحدود بين دولة لبنان ودولة إسرائيل؟ يجيب شينكر: “كان قرار مجلس الأمن رقم 1701 مبادرة حسنة النية ولم تنفّذ. ومن غير المرجّح أن ينفّذ القرار الآن. لم يكن الـ1701 “حلاً”، لكنّه احتوى على بعض البنود التي كان يمكن أن تؤدي إلى تهدئة التوترات على طول الحدود. في نهاية المطاف، فإنّ وجود فريق من “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني (أيّ حزب الله) المنتشر على حدود إسرائيل لا يشكّل وصفة للسلام والهدوء”.