نتنياهو يناور.. الأزمة طويلة ومؤجلة؟

17 يوليو 2024
نتنياهو يناور.. الأزمة طويلة ومؤجلة؟


حتى اللحظة، لا تزال العقد تسيطر على مسار المفاوضات بين حركة “حماس” وإسرائيل، اذ ان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو يصر على بعض المعادلات التي ستوحي ما اذا كان الرجل انتصر في المعركة التي بدأها قبل 10 اشهر ام انه هزم، وعليه فإن الكباش التفاوضي مستمر في ظل تعنّت اسرائيلي واضح وليونة حمساوية تهدف إلى إحراج نتيناهو امام الاميركيين الذي يرغبون بأن يحقق الرجل انتصاراً، وإن كان شكلياً، يؤمن له خروجا مرنا وآمنا من الحرب  ويوافق بالتالي على وقف اطلاق نار نهائي.

كل ما يرشح عن المفاوضات يؤكد أن الازمة اليوم تكمن في مَن سيحكم قطاع غزة بعد وقف اطلاق النار، اذ ان حماس تراجعت عن موقفها السابق الذي رفضت فيه اي تسوية او اتفاق لا يكون فيه اعلان اسرائيلي صريح بوقف الحرب نهائياً، لكن تل ابيب انتقلت الى النقطة الثانية المتمثلة بمن سيحكم غزة، في ظل مساعي لضرب حضور حماس المدني وليس فقط العسكري وسحب بساط السيطرة الشاملة، الامنية والإجتماعية، على القطاع منها، ما سيؤدي الى استنزافها وخسارتها اوراق قوة ونفوذ كانت تمتلكها في السابق.

تريد تل ابيب اضعاف قبضة حماس على قطاع غزة، ما يمكنها من خلق سلطة بديلة تشبه الى حد كبير سلطة رام الله او تابعة لها، وتمكنها مع الوقت من تأمين مصالح الغزاويين بشكل حصري، من غذاء وطاقة وغيرها من الامور، وهذا ما يجعلها المرجع الاساسي ويمكنها في الوقت نفسه من تشكيل قوة امنية من اهالي القطاع تتصادم مع مرور الوقت مع القوة العسكرية لحماس. وهكذا، وان لم تستطع هذه القوة انهاء حماس الا انها ستشغلها وتشتتها، وتخلق فوضى كبيرة داخل غزة لا تستطيع اسرائيل خلقها، لان استمرار وجودها العسكري داخل القطاع سيكون مكلفاً عليها.

بحسب مصادر مطلعة فإن حركة حماس قد تتنازل بشكل او بآخر عن حكمها لغزة، لكنها في الوقت نفسه لن تقبل بسلطة مشابهة لسلطة رام الله بل تريد حكومة منسجمة معها، وستسعى الى هذا الامر خلال التفاوض، في المقابل لا يمكن لاسرائيل القبول بحكم موال لحماس، لان الحركة ستتمكن من ابتلاع هذه السلطة الجديدة والسيطرة عليها نظراً لقدرتها التنظيمية والشعبية، مما سيشكل انتصاراً لحماس، اذ ستخفف الحركة اعباء السلطة ومشاكلها عنها ، وفي الوقت نفسه لن تخسر القدرة على السيطرة الامنية ما يخلق نموذجا مشابها لنموذج “حزب الله” في لبنان.

امام هذا الواقع، بات التفاؤل بقرب التوصل الى اتفاق امرا مبالغا فيه، اذ من الممكن ان يؤدي التواصل الحاصل بين الطرفين برعاية اميركية الى وضع خطوط عريضة للحل لكن اتمامه لم يعد امراً ممكناً في عهد الرئيس الاميركي الحالي الا في حال حصل ما هو غير متوقع من نتنياهو، اذ شكلت المحاولة الفاشلة لاغتيال القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام محمد الضيف صفعة لاسرائيل التي كانت تبحث عن انتصار يغطي لها التسوية السياسي امام الرأي العام فخرجت بإخفاق جديد جعلها غير قادرة على توقيع اتفاق بهذه السرعة.

كل ذلك سينسحب على الواقع اللبناني الذي عادت الجبهة فيه الى الستاتيكو القديم من دون اي تصعيد غير اعتيادي، لكن فشل التسوية في غزة قد يزيد من احتمال توسع المعركة خصوصاً اذا قرر “حزب الله” العمل على دعم حماس بشكل متصاعد لإلزام اسرائيل على تقديم تنازلات خلال المفاوضات، او اذا قررت تل ابيب فتح جبهة اوسع جنوب لبنان لمنع “حزب الله” من الاستمرار بعملياته العسكرية…