نشرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية تقريراً قالت فيه إنَّ “حزب الله” يخشى “خوض حرب” ضد إسرائيل وذلك لسبب مغاير للأسباب التي يتم الحديث عنها، موضحة أن ذاك السبب يرتبط بالمكاسب التي حققها الحزب إقليمياً خلال السنوات الماضية.
ويقول التقرير الذي ترجمهُ “لبنان24” إنَّ أحد الأسباب التي تدفع الولايات المتحدة إلى العمل الجاد من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، هو منع تبادل إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله من التوسع إلى حرب شاملة.
وأوضح أرمان محموديان، الباحث في شؤون روسيا والشرق الأوسط في جامعة جنوب فلوريدا وفي “معهد الأمن القومي العالمي” (GNSI)، أنه في “بداية عام 1982، كانت المهمة الرئيسية لحزب الله في جنوب لبنان تتركز ضدّ الجيش الإسرائيلي”، وأضاف: “مع مرور الوقت، أصبح حزب الله اللاعب الأقوى في لبنان بشكل خاص وفي المنطقة بشكل عام. لقد نما حزب الله نتيجة لحرب الولايات المتحدة على الإرهاب، وتحديداً غزو العراق واحتلاله عام 2003. إن الوجود الأميركي في العراق، ذو الموقع الاستراتيجي بين إيران وسوريا، زاد من شعور البلدين بالضعف، مما جعلهما يزيدان من قدرتهما على إيذاء الأميركيين. كذلك، فقد سمحت سوريا للبعثيين والنشطاء السابقين في تنظيم القاعدة بتنفيذ عمليات ضد الولايات المتحدة من أراضيها، في حين عملت إيران على زيادة شبكتها من الوكلاء الإقليميين، وفي المقدمة حزب الله”.
وأردف: “بعد الغزو الأميركي للعراق مباشرة، أنشأ حزب الله قوة جديدة تعرف باسم الوحدة 3800 للإشراف على العمليات ضد الجيش الأميركي. لقد قام عددٌ صغير من قوات النخبة بتدريب المقاتلين العراقيين على تنفيذ عمليات الاختطاف والعمليات التكتيكية، كما تعلم هؤلاء استخدام الأجهزة المتفجرة المرتجلة المتطورة، مستندين إلى الدروس المستفادة من العمليات في جنوب لبنان”.
وذكر محموديان أنَّ “حزب الله قدّم الأموال والأسلحة لهؤلاء المقاتلين”، موضحاً أنه “قام على نحو السرعة بتوسيع علاقاته مع المجموعات المسلحة العراقية، بما في ذلك فيلق بدر وسرايا الخرساني والمهدي”.
وتابع: “بالإضافة إلى المساعدات العسكرية، دعم حزب الله المجموعات الشيعية العراقية والأحزاب السياسية من خلال حضور إعلامي كبير. جاءت المرحلة الثانية من توسع حزب الله خلال الربيع العربي، بدءاً من نهاية عام 2010، وسمحت الفوضى وعدم الاستقرار لحزب الله ليس فقط بزيادة وجوده في العراق وسوريا ولكن أيضاً بالتوسع في اليمن والبحرين. ومع احتدام الحرب الأهلية في سوريا، نشر حزب الله آلاف المقاتلين لدعم الرئيس السوري بشار الأسد”.
وأكمل: “لقد لعب مقاتلو حزب الله دوراً حاسماً في المعارك الكبرى، مثل معركة القصير عام 2013، والتي كانت حاسمة في استعادة الأراضي من قوات مسلحة. بالإضافة إلى ذلك، قدم حزب الله التدريب والمشورة الاستراتيجية للقوات الحكومية السورية، مستفيداً من خبرته في حرب المدن وتكتيكات حرب العصابات. وبحسب مصادر إقليمية، كان حزب الله، حتى عام 2021 على الأقل، يعمل في 116 موقعاً، من عمق جنوب سوريا في درعا إلى شمالها في حلب”.
وأردف: “في اليمن، قام حزب الله بتهريب الأسلحة المفككة ودرّب المقاتلين الحوثيين على حرب العصابات والخدمات اللوجستية واستخدام الأسلحة المتقدمة، بما في ذلك تكنولوجيا الصواريخ. كذلك، شاركت قيادة حزب الله، في حملات دعائية لتعزيز قضية الحوثيين. وفي العراق، توسع دور حزب الله بشكل كبير حتى خلال الربيع العربي. وفي عام 2014، أنشأ التنظيم مركز قيادة للإشراف والتخطيط لكل العمليات في العراق، كما قام أيضاً بتسريع توريد الأسلحة وقدم تدريباً ودعماً مكثفين للمجموعات المسلحة العراقية بما في ذلك عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، وفيلق بدر. مع هذا، فقد شارك عناصر حزب الله في العمليات القتالية إلى جانب المليشيات العراقية ضد تنظيم داعش”.
وبحسب محموديان، فقد “كان القرن الحادي والعشرون فترة تحول أخرى بالنسبة لحزب الله تميزت بثلاثة أحداث رئيسية: مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، واندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، وأحداث 7 تشرين الأول. كان لمقتل سليماني عواقب وخيمة على عمليات حزب الله في العراق، فالقيادي الإيراني كان شخصية رئيسية تنسق شبكة البريد السريع الإيرانية. وخوفاً من فقدان قبضتها على العراق بعد مقتله، كلفت إيران حزب الله بسد هذه الفجوة”.
وتابع: “لقد زاد حزب الله من تدريباته للميليشيات العراقية، مع التركيز على التكتيكات العسكرية المتقدمة، وحرب المدن، واستخدام الأسلحة المتطورة. كذلك، تولى حزب الله دور توفير التوجيه الاستراتيجي للعمليات ضد القوات الأميركية وقوات التحالف، بما في ذلك تخطيط وتنفيذ هجمات على القواعد والقوافل العسكرية. وفي الوقت نفسه، زاد حزب الله من نفوذه على الفصائل الموالية لإيران في الحكومة العراقية لطرد 2500 جندي أميركي متبقين في البلاد”.
واستطرد: “أعطت الحرب في أوكرانيا دفعة لحزب الله من خلال تقويض دور روسيا في سوريا، وسحبت موسكو قواتها من سوريا، تاركة فراغاً في السلطة ملأه كل من الحرس الثوري وحزب الله. الأمر هذا لم يمنح حزب الله فرصة لتوسيع وجوده فحسب، بل سمح أيضاً للتنظيم بتقديم نفسه كلاعب ذي قيمة قادر على حماية المصالح الروسية”.
وتابع: “في حين سمحت الفوضى في الخارج لحزب الله بتوسيع نفوذه الإقليمي، فإن الفوضى الداخلية تخدم نفس الغرض. ويعيش أكثر من 80% من اللبنانيين في فقر بسبب الاضطرابات المالية في البلاد وانخفاض قيمة الليرة اللبنانية. لقد ساعدت هذه الظروف الصعبة قدم حزب الله العمود الفقري المالي له، جمعية القرض الحسن، قروضاً شخصية للبنان في مقابل الذهب والعملات الأجنبية، مما جعل حزب الله صاحب أكبر احتياطي من الذهب في البلاد”.
وأكمل: “بالإضافة إلى ذلك، قام حزب الله، عبر شبكته المالية العالمية، بما في ذلك مناجم الذهب في فنزويلا، بنقل العملات الأجنبية والذهب إلى لبنان. ونظراً لضعف قيمة العملة اللبنانية، فقد أعطى ذلك لحزب الله قوة شرائية هائلة ما أدى إلى توسيع وجوده الاقتصادي من خلال شراء العديد من مشاريع البناء والطاقة الشمسية”.
وختم بالقول: “الغنائم التي جمعها حزب الله قد تجعله حذراً من تصعيد تبادل إطلاق النار الحالي مع إسرائيل. على مدى العقود الأربعة الماضية، أظهر حزب الله قدرة ملحوظة على استغلال عدم الاستقرار والصراع الإقليمي، سواء خلال الحرب الأميركية على الإرهاب، أو الربيع العربي، أو الأحداث المضطربة لعام 2020. فعلياً، لقد أتاحت كل جولة لحزب الله فرصاً جديدة لتوسيع نطاق نشاطه”.
المصدر:
ترجمة “لبنان 24”