هل تلوح أزمة سياسية في الأفق؟سؤال جدّي يفرض نفسه للمرحلة المُقبلة، سيّما في ظلّ مؤشرات توحي بعدم انتهاء المعركة العسكرية في قطاع غزّة، وبالتالي في جنوب لبنان، لذلك فمن المتوقّع أن يكون استمرار المعارك مقدّمة تفتح الباب أمام واقع مرير في لبنان يُدخل البلد في أزمة سياسية عميقة وسط انقسام عمودي بين اللبنانيين حول واقع الجبهة الجنوبية.
من الواضح ان استمرار المعركة جنوبي لبنان يُحرج قوى المُعارضة، بالرغم من الحملات السياسية والاعلامية والشعارات المُكثّفة التي انطلقت منذ الثامن من تشرين الأول العام المنصرم في مواجهة “حزب الله” ودوره العسكري بُعيد اتخاذ “الحزب” قرارا بفتح جبهة الجنوب اسناداً للمقاومة في غزّة، إذ إن استمرار الحرب يعني أن كل قوى المعارضة باتت عاجزة عن التأثير على مجريات الأمور في لبنان، وغير قادرة على فرض عقد جلسة لمجلس النوّاب او انتخاب رئيس للجمهورية أو التحكّم في مجمل الاستحقاقات العالقة، وهذا الأمر يضع المعارضة في موقف حرج أمام الرأي العام عموماً وجمهورها على وجه التحديد.
كل ذلك من شأنه أن يدفع بالمعارضة باتجاه التصعيد السياسي الكبير، والذي سيورّطها بطريق لا رجوع فيه حتى وإن أقبلت التسوية السياسية الشاملة على لبنان، وبالتالي فإنّ الذهاب حتى النهاية من دون استدراك ضرورة التراجع بعض الخطوات الى الوراء سيدخل البلد في كباش سياسي طويل من الصعب اختراقه حتى لو تدخّلت الدول المؤثرة على الساحة اللبنانية، على اعتبار أن من يمون على المعارضة قد يكون مستفيداً من عدم تمكين “حزب الله” من”تقريش”انتصاره جنوباً.
أمام كل هذا الواقع يصبح التحدّي الأكبر ل”قوى الثامن من آذار” المتحالفة مع “حزب الله” يتركّز حول تأمين أكثرية نيابية جدية تستطيع من خلالها انتخاب رئيس جديد للبنان في مرحلة ما بعد الحرب، وهذا الأمر سيضع المعارضة في مواجهة أزمة جديدة تكمن في عدم مشاركتها في الحل، وتالياً تصبح أمام واقعين: إما التنازل والمشاركة أو البقاء خارج السلطة.
وترى مصادر سياسية مطّلعة أنّه في حال استطاعت”قوى الثامن من آذار”استقطاب “الحزب التقدمي الاشتراكي” سياسياً بالإضافة الى عدد كبير من النواب السنّة، ستتمكن من فتح ثغرة في الجدار ترفع عنها الإحراج من الذهاب الى اتخاذ قرارات شبه أحادية، وهذا الامر بدوره سيدخل البلد في أزمة سياسية تترافق مع شعارات مرتبطة بعزل بعض القوى السياسية وما يستتبعها من تصعيد اعلامي.