ماذا كشفت عمليات حزب الله ضد إسرائيل؟ باحثٌ يعترف!

20 يوليو 2024
ماذا كشفت عمليات حزب الله ضد إسرائيل؟ باحثٌ يعترف!

أكد شامير، الذي تولى سابقاً منصب رئيس قسم “عقيدة الأمن القومي” في وزارة الشؤون الاستراتيجة الإسرائيلية، والذي يُعدّ حالياً من الخبراء في حركات المقاومة والعقيدة القتالية، أنّ “إسرائيل أصيبت منذ الـ7 من تشرين الأول الماضي بخسائر بشرية فادحة، وهي خسائر أدت إلى أن يفقد الجيش قواتٍ بحجم لواء كامل، بين قتيل وجريح، بينهم مقاتلين من الوحدات الخاصة وقادة ميدانيين بارزين”، علماً بأنّ هذا لا يشمل احتساب الخسائر بين المستوطنين”.

وأشار شامير إلى أن حماس نجحت أيضاً في تقويض المجتمع الإسرائيلي وإحداث انقسامات داخله حول قضية الأسرى، كما أنها أوجدت صدمةً وزعزعةً واضطراباً شديداً في صفوف المستوطنين، بأبعاد مشابهة لتلك التي سبّبتها حرب تشرين عام 1973، بل “ربما أعمق”، بسبب الخسائر البشرية تحديداً، وفقاً له. 

ولفت شامير إلى أن الانقسامات والصراعات الداخلية في “المجتمع” الإسرائيلي، وبعد نحو 10 أشهر على “طوفان الأقصى”، تعود إلى الظهور حول قضايا مختلفة، وتخلق صدعاً بين مؤيدي الائتلاف والحكومة من جهة، وبين المعارضة ومجموعاتها المختلفة من جهة ثانية، إذ أُضيفت إلى القضايا السابقة المثيرة للجدل قضيةُ الأسرى ومسألةُ وقف الحرب، وذلك في أجواء “أزمة ثقة حادة بين قطاعات واسعة من الإسرائيليين، والتي لا تعتقد أن القيادة الحالية تفعل ما يكفي لإعادة الأسرى”.

“خسائر اقتصادية كبيرة”

تحدث شامير في دراسته أيضاً عن تضرّر وضع إسرائيل المالي بشدة، منذ الـ7 من تشرين الأول، لافتاً إلى أن الوضع المالي مستمر بالتدهور منذ ذلك الوقت، بحيث يواجه الاقتصاد الإسرائيلي تحدياتٍ صعبةً كنتيجة مباشرة للحرب والنفقات الكثيرة التي رافقتها.

 

وتنعكس هذه التحديات في قيام وكالات التصنيف بتحديث القوة الاقتصادية وتوقعات النمو في إسرائيل سلباً إلى الأسفل. كذلك، يعكس خفض التصنيف هذا مدى الصعوبة التي ستواجه إسرائيل في جمع القروض اللازمة من أجل تمويل العجز الناجم عن الحرب في المستقبل.

“تضرر صورة إسرائيل في الساحة الدولية”

الباحث في “معهد بيغن – السادات” أكد أن الهجوم الذي شنّته المقاومة الفلسطينية على إسرائيل وما تلاه من رد نجح في تعبئة جبهة دولية واسعة ومتنوعة مناهضة لـإسرائيل، معتبراً أنّ دولاً ومنظماتٍ غير حكومية مختلفة ومؤسساتٍ دولية تشنّ “حرباً” ضدها، بينما يتم تنظيم تظاهرات ضخمة ضد إسرائيل ودعماً لفلسطين المحتلة في العواصم الكبرى، ولاسيما في دول الغرب. 

إضافةً إلى ذلك، أشار شامير إلى أن الحملة القانونية التي تجري في محكمتي القانون الدولي في لاهاي، أي المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، حيث تُرفع دعاوى قضائية ضد إسرائيل وقادتها، هي حملة لها أضرار وعواقب بعيدة المدى على إسرائيل.

وأضاف شامير أن إسرائيل تواجه أيضاً تحدياً إضافياً في الساحة الدولية، وهو متمثل في تعبئة الطلاب في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا للاحتجاجات المناهضة ضدها، في احتجاجات لم يُشهد مثلها منذ الاحتجاجات الجامعية ضد حرب فيتنام. كما تواجه إسرائيل، وفقاً لشامير، حركة مقاطعة تتعزز ضدها.

وتحدث الباحث أيضاً عن حظر دول عديدة المساعدات العسكرية أو المساهمة في نقل مساعدات من أطراف ثالثة إلى إسرائيل، كما فعلت إسبانيا التي رفضت السماح لسفينة هندية محملة بمعدات عسكرية إسرائيلية بالرسو في موانئها.

“عودة القضية الفلسطينية إلى الواجهة”

أعادت حماس القضية الفلسطينية إلى الواجهة وإلى مركز الاهتمام الدولي، كـ”شرط لأي تسوية إقليمية”، وذلك عبر “طوفان الأقصى”، كما أكد شامير في دراسته، مشيراً إلى أنّ الحديث عن تقدم نحو تسوية إقليمية من دون تنازلات إسرائيلية في القضية الفلسطينية بات مستحيلاً اليوم. كما أدت هذه الحرب إلى تزايد الدعم العالمي للقضية الفلسطينية، بحيث أعلنت عدة دول الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وقال شامير أيضاً إن ثمة اعتقاداتٍ في إسرائيل مفادها أن الهدف الرئيس لـ”طوفان الأقصى” كان منع تعزيز التحالف بين إسرائيل والسعودية، لأن هذا الأمر “يغيّر قواعد اللعبة” في المنطقة.

وعلى الرغم من مرور 10 أشهر على حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة، لا تزال حماس الحاكم في القطاع، ولا يزال قادتها، كيحيى السنوار ومحمد الضيف، يعملان ويحتجزان عشرات الأسرى الإسرائيليين ممن هم على قيد الحياة، بحسب ما تابع شامير.

“تأكل الردع الإسرائيلي أمام محور المقاومة”

شامير شدد على أن أحد الإنجازات الاستراتيجية لـ”طوفان الأقصى” هو التفاف محور المقاومة حول حماس، ومساندته إياها. وتناول الباحث في هذا الإطار الدور الإسنادي الذي يؤديه كل من حزب الله في لبنان، والقوات المسلحة في اليمن، إلى جانب المقاومة الإسلامية في العراق.

وأكد شامير أن العمليات التي ينفّذها حزب الله ضدّ إسرائيل في شمالي فلسطين المحتلة “سبّبت أضراراً جسيمةً، وكشفت نقاط ضعف إسرائيل وعدم قدرتها على وقف نيران الحزب بصورة فعالة”.

 

وأشار أيضاً إلى شنّ القوات المسلحة اليمنية هجماتٍ على السفن المرتبطة بـإسرائيل في البحر الأحمر، وإطلاقها صواريخ ومُسيرات على إيلات (ويُضاف إلى هذا استهداف “تل أبيب” بنجاح في الـ19 من تموز الحالي، بمسيّرة “يافا”). وإضافةً إلى حزب الله والقوات  المسلحة اليمنية، تنفّذ المقاومة الإسلامية في العراق عمليات ضدّ إسرائيل.

ولفت شامير إلى أن الاستهدافات المستمرة التي تشنّها قوى المقاومة ضد إسرائيل تدل على حالة من تأكل الردع الإسرائيلي، إذ إنّ “إسرائيل لم تتمكن من استعادة قوة الردع الإقليمية”، على الرغم من قساوة الحرب التي تشنّها على قطاع غزة.

ورأى أنّ العمليات العسكرية اليمنية في البحر الأحمر، وعملية “الوعد الصادق” الإيرانية رداً على اغتيال قائد قوة القدس في سوريا ولبنان في استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، أثارت رد فعل “ضعيفاً نسبياً من الغرب”.

 

ووفقاً له، يُثير هذا الأمر القلق في إسرائيل، لأن له عواقب إضافية على ارتداع الغرب، على نحو ينعكس فيه ضعف حلفاء إسرائيل على إسرائيل نفسها.

أما الإنجاز الأعظم لمحور المقاومة فهو “إخلاء المستوطنات للمرة الأولى مرة منذ إنشاء إسرائيل عام 1948″، بحيث تم إجلاء نحو 200 ألف شخص من المستوطنات المحيطة بقطاع غزة وتلك المجاورة للحدود مع لبنان، بحسب ما أكد شامير في الدراسة. ونتيجةً لذلك، “حقق محور المقاومة إنجازاً بإخلاء مساحات كاملة من إسرائيل، وهذا ما لم يحدث منذ عام 1948”.

“خياران متاحان أمام إسرائيل.. أحلاهما مرّ”

شامير شدد على أن إسرائيل تخوض معركةً متواصلةً وصعبةً، تصعب رؤية نهايتها، وتعرّضت خلالها “قصة النجاح” الإسرائيلية في إبراز القوة الإقليمية والعسكرية والاقتصادية والسياسية لضربة قوية، إذ يلاحظ محور المقاومة الضعفَ الإسرائيلي، وهو يبحث عن الفرصة لضرب إسرائيل وإضعافها أكثر.

وأمام هذا الوضع، إسرائيل منقسمة حالياً حول خيارين رئيسين:

الخيار الأول هو إنهاء الحرب: بموجبه تعلن إسرائيل انتهاء حربها في قطاع غزة وتسحب قواتها منه، في مقابل إعادة جميع الأسرى الموجودين لدى المقاومة، وهذا الأمر سيتبعه حكماً حصول تسوية في الشمال. وبعد ذلك، تتفرّغ إسرائيل لاستعادة نفسها داخلياً ومكانتها الدولية خارجياً، إلى جانب تجهيز جيشها المنهَك لأي حرب مقبلة.

لكن هذا المسار تشوبه مخاطر عديدة، بحسب ما شدد عليه شامير، إذ سيُنظر إليه في المنطقة على أنه استسلام إسرائيلي وتنازل في الحرب، وانتصار هائل لحماس وجبهة المقاومة. إضافةً إلى ذلك، ستسارع حماس بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا إلى استعادة قدراتها العسكرية، بمساعدة إيران. أما إسرائيل فستجد صعوبةً كبيرةً في حشد الشرعية والدعم على المستويين المحلي والدولي لاستئناف الحرب ضد المقاومة في قطاع غزة.

أما الخيار الثاني فهو “جز العشب”: وهو الخيار الذي تنتهجه إسرائيل حالياً، وفقاً لشامير، بحيث “تمارس إسرائيل ضغطاً عسكرياً على حماس في قطاع غزة، في محاولة للتوصل إلى صفقة، وتعمل بالتوازي على بناء حكومة بديلة لحماس”. شمالاً، حيث المواجهات المستمرة مع حزب الله، قد تشنّ إسرائيل هجوماً محدوداً، على حدّ زعمه.

وهذا الخيار أيضاً مليء بالمخاطر، كما أكد الباحث، وهو “ليس خياراً بسيطاً على الإطلاق”، إذ لا نهاية واضحة له، كما أنه يحمل مخاطرةً بأن تجد إسرائيل نفسها متورطةً بحرب إقليمية، أو منغمسةً في حرب استنزاف طويلة الأمد في كل من قطاع غزة ولبنان. (الميادين نت)