الأنظار اللبنانية ستكون مشدودة في الساعات المقبلة إلى تطورين يعنيان لبنان مباشرة ومسرحهما الولايات المتحدة الأميركية. التطور الأول، يتمثل في الخطاب الذي سيلقيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الاميركي
والثاني يتصل بجلسة الإحاطة لمجلس الأمن الدولي حول المشاورات المتصلة بتنفيذ القرار 1701 اليوم حيث من المقرر أن تقدم إحاطتان لكل من المنسقة الخاصة للبنان جينين هينيس – بلاسخارت ووكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان – بيار لاكروا وهما إحاطتان ستعكسان الخطورة الكبيرة التي تظلل الوضع في الجنوب اللبناني وتشددان على ضرورة احتواء التصعيد والانزلاق إلى الحرب بتنفيذ القرار 1701.
وفي هذا السياق كتبت “النهار”: تُظهر الحكومة اللبنانية اطمئناناً مسبقاً إلى التمديد المضمون من دون تعديل لولاية القوة الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل” في مجلس الامن الدولي في منتصف آب المقبل، الأمر الذي كان موضع “تثبت” خلال زيارة وزير الخارجية عبد الله بو حبيب إلى نيويورك قبل أيام وأبلغ حصيلة ما استجمعه في لقاءاته هناك إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد عودته الى بيروت.
هذا المؤشر وإن كان متوقعاً، سيشكل بالنسبة إلى لبنان علامة إضافية على أن الاسرة الدولية لا تزال متمسكة بدور “اليونيفيل”، وتالياً العودة الى التزام تنفيذ القرار 1701 كوسيلة حصرية أساسية لوقف المواجهات الميدانية الجارية في الجنوب منذ تسعة اشهر. ولكن الاستعدادات للتمديد لليونيفيل لن تكفي لبنان وحدها لدفعه إلى النوم على حرير التمديد فيما يُسجل الوضع الميداني والمواجهات بين إسرائيل و” حزب الله مزيدا من التصعيد ومبارزات يومية في توسيع رقعة المواجهات والقصف والغارات وتعميقها.
ستكون الأنظار اللبنانية مشدودة في الساعات المقبلة إلى تطورين يعنيان لبنان مباشرة ومسرحهما الولايات المتحدة الاميركية. التطور الأول، يتمثل كما هو معروف ومنتظر في الخطاب الذي سيلقيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو امام الكونغرس الاميركي والمناخ الذي يغلفه، ومضمونه السياسي “والحربي” الذي من خلاله سيكون ممكناً إلى حدود بعيدة استشراف نيات إسرائيل حيال مسار الحرب في غزة وعبرها خططها حيال الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان، ولو أن كثراً من المراقبين يعتقدون أنه من غير الضروري أن تكتسب هذه المحطة طابعاً تقريرياً حاسماً للحربين في غزة والجنوب اللبناني لأن “الزلزال” الانتخابي السياسي الحاصل في الولايات المتحدة بعد تنحي الرئيس جو بايدن أثار إعصاراً مربكاً حتى في وجه نتنياهو لن يمكنه من استثمار زيارته على ما كان يخطط له قبل تنحي بايدن.
وقد برزت في هذا السياق دلالات خطيرة للمعلومات التي كشفت أن وزير التربية الإسرائيلي يوآف كيش أخطرَ رؤساء المستوطنات التي تم إخلاؤها على الحدود مع لبنان بإلغاء العام الدراسي المقبل في مستوطناتهم. وقال كيش لرؤساء السلطات المحلية في المستوطنات الشمالية إن “الطلاب من المجتمعات الشمالية التي تم إجلاؤها بسبب الحرب لن يتمكنوا من العودة إلى المدارس في مسقط رأسهم في شهر أيلول وسيواصلون بدلاً من ذلك الذهاب إلى المدارس في كل أنحاء إسرائيل، ويرجع ذلك إلى التعقيدات الأمنية في المنطقة، التي تتعرض لإطلاق صاروخي متواصل وهجمات بطائرات من دون طيار من قبل حزب الله”.
ووصف كيش قرار عدم بدء العام الدراسي في المستوطنات الشمالية المتضررة بأنه “مؤسف” ودعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى “التحرك الآن وبقوة ضد دولة لبنان”. واعتبر أنه “لا مفر من قرار شن حرب واسعة النطاق على لبنان من أجل استعادة السلام والاستقرار لسكان الشمال ومن أجل مستقبل دولة إسرائيل”.
وأشار المتحدث باسم اليونيفيل في لبنان، أندريا تيننتي إلى “أننا نعمل على خفض التصعيد على الحدود بين لبنان وإسرائيل”. وقال: “قواتنا تراقب الأوضاع على الحدود بشكل دائم، ومن الصعب توقع مسار التصعيد بين إسرائيل وحزب الله”.
وكتبت” البناء”: أشارت مصادر مطلعة إلى أن لبنان لن يقبل بأي تعديل على عمل القوات الدولية في الجنوب على غرار ما حصل في العام الماضي وبالتالي لن تتغير الصيغة الحالية لا سيما وأن التطورات الميدانية في الجنوب لا تسمح بأي تغيير بعمل اليونيفيل ولا بصلاحياتها وحركتها في جنوب الليطاني.
اضافت: يبدو أن المشهد السياسي والعسكري في المنطقة دخل في حالة جمود وترقب بانتظار الاستحقاق الانتخابي الأميركي وتسلم ادارة أميركية جديدة الامر الذي يزيد غموض المشهد اللبناني بشقيه الرئاسي والحدودي في ظل تضارب الانباء والمعلومات وتصاريح المسؤولين الإسرائيليين حول احتمال التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار في غزة وانسحابه على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة.
وفي حين يؤكد أكثر من مصدر دبلوماسي غربي لـ «البناء» «إحراز تقدّم في المفاوضات المستمرّة في القاهرة والدوحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأن الوسطاء الأميركيين استطاعوا في الأيام القليلة الماضية تذليل بعض العقد ما يُسهّل إنجاز الاتفاق». الا أن أوساطاً مطلعة على موقف المقاومة لفتت لـ «البناء» الى ان «المفاوضات مستمرّة لكن لا تزال أجواء المماطلة والمناورة والمراوغة والضياع والإرباك تسيطر على أداء الوفد الإسرائيلي ما يعكس استمرار رفض رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وقف إطلاق النار بسبب رهاناته على أحداث مقبلة اهمها الاستحقاق الانتخابي الأميركي».