منذ أن أعلن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله أنّ استهداف العدوّ الاسرائيلي للمدنيين سيُواجه بتصعيد من قِبل المقاومة، وواقع الجبهة الجنوبية متوتّر للغاية، إذ إن تصعيداً وإن كان محدوداً بدأ يطغى على الأوضاع جنوباً بشكل يومي بالرغم من عدم قيام العدوّ بأي استهدافات ضدّ المدنيين باستثناء استهداف وحيد حصل بعد تهديدات السيد نصر الله.
هذا الاستهداف الذي أدّى إلى وقوع إصابات من بينهم نازحون سوريون، ترافق مع ردّ من “حزب الله” وسّع من خلاله مساحة المستوطنات المستهدفة وقصف مستوطنات لم يكن قد استهدفها من قبل. لكنّ الردّ الاسرائيلي جاء بقصف ما قيل أنه مخزنٌ للسلاح تابع “للحزب” في منطقة بعيدة عن الحدود، وذلك بهدف ردعه ومنعه من استهداف أي مستوطنة جديدة، غير أن “الحزب” ردّ باستهداف مضادّ طال مستوطنات جديدة أيضاً مكرّساً بذلك هذه المعادلة.
حتى اللحظة لا يبدو أن “الحزب” يرغب في التصعيد، لكنّ الموضوع ليس مرتبطاً فقط بالساحة اللبنانية وباستهداف المدنيين فيها وحسب، انما بشكل واضح بالتطورات في غزّة، إذ يبدو أن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو ينسحب بشكل سريع ونهائي من أي مفاوضات وتسوية كانت متوقّعة في المرحلة المقبلة، وعليه فإنّ الحرب في غزّة ستستمرّ وعلى القوى المعنية أن تُعيد حساباتها وفقاً لهذا الامر.
من هُنا فإن تقييم عملية التصعيد أو توقّعها سيكون مرتبطاً بما سيقوم به نتنياهو في الولايات المتحدة الاميركية التي بدأ زيارته اليها، وربّما يصبح التصعيد محسوماً في الايام والاسابيع المقبلة، إذ إن حظوظ التسوية تتراجع بشكل متسارع، وهذا ما يشكّل خطراً جديًا على المنطقة التي باتت تستعدّ جدياً لهذا التصعيد.
لكن كل ذلك لا يعني الحرب الشاملة، خصوصاً أن جميع القوى لا مصلحة لها بها وتحاول تجنّبها تماماً، حتى نتنياهو الذي يتّجه الى التصعيد بهدف تمرير الوقت بانتظار وصول الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب الى البيت الأبيض لا يريد حرباً شاملة، إنما مجرّد تصعيد محدود على بعض الجبهات الاساسية، ورغم ذلك، فإنّ كل هذه الامور تبقى خاضعة للتطورات المفاجئة التي قد تؤدي الى تدحرج غير محسوب وبالتالي الى التصعيد الكبير.