تصريحات جنبلاط مع تزايد التوتر.. نقلة استراتيجية

31 يوليو 2024
تصريحات جنبلاط مع تزايد التوتر.. نقلة استراتيجية

بالرغم من حصول الضربة الاسرائيلية في الضاحية الجنوبية امس فإن اسرائيل خسرت جزءا كبيرا من شرعية تنفيذ اي عمل عسكري في لبنان بعد حادثة مجدل شمس، ولعل السبب الاساسي لهذا الامر يعود الى تصريحات ومواقف النائب السابق وليد جنبلاط، الامر الذي ستكون له تبعات متعددة في المرحلة التصعيدية المقبلة.

أن يقوم الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله بإرسال رسالة الى النائب السابق وليد جنبلاط بعد مواقف الاخير خلال الحرب وتحديداً بعد حادثة مجدل شمس فليس امراً عادياً، اذ ان كثر من القيادات اللبنانية يعبرون عن مواقف داعمة للحزب ولمقاومته وهم في الاصل خصومه، لكن تخصيص جنبلاط له دلالات كبرى لا يمكن تجاوزها، ومرتبط بإشارات اراد نصرالله ايصالها الى جنبلاط اولاً والى الخصوم والحلفاء ثانياً، ومرتبط ايضاً بأهمية الحدث والاستحقاق الذي ساهم جنبلاط بشكل كبير بتجاوزه.

استطاعت إسرائيل خلال الدقائق والساعات الاولى من سقوط الصاروخ في مجدل شمس توجيه الحدث إعلامياً بشكل كامل ما احدث بلبلة كبيرة، وفتح الباب أمام اسئلة عن الواقع الدرزي وتموضع الشارع الدرزي في لبنان والمنطقة. احدثت تصريحات النائب السابق وليد جنبلاط تحولا في المسار الاعلامي المرتبط بما حصل في مجدل شمس، وبات الرجل الموجه الرئيسي لغالبية الشارع الدرزي في لبنان والجولان وحتى في الداخل الفلسطيني مستكملاً بذلك تموضعه إلى جانب رئيس الحزب “الديمقراطي” طلال ارسلان الثابت في دعمه للمقاومة ومحورها.

تصريحات جنبلاط ترافقت مع تصريحات موازية لرئيس حزب التوحيد وئام وهاب احد حلفاء الحزب، الذي إنفعل نتيجة بعض التغريدات على موقع “إكس” وتحول فجأة إلى ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، الامر الذي قد يكون احد اسباب رسالة نصرالله ليس لإظهار الانزعاج من وهاب فقط، انما لضيق الخيار الزعامات الدرزية بالنسبة لحارة حريك بين دارة خلدة والمختارة، من دون ان يعني ذلك قطيعة مع وهاب الذي تحدث في الساعات الماضية مع اكثر من شخصية داخل “قوى الثامن من اذار” لتوضيح موقفه.

احدث لقاء بيصور الذي تحدث خلاله ارسلان وجنبلاط وحددا الخطوط الوطنية العريضة لدروز لبنان، ازمة فعلية لدى بعض قيادات الطائفة الدرزية في الداخل الفلسطيني وتحديداً المتحالفين عضوياً مع اسرائيل وجيشها، اذ سرعان ما انتشرت صورة جمعت الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في الداخل الفلسطيني موفق طريف مستقبلاً رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، في ردّ واضح على صورة بيصور الجامعة، لكن الأقسى كان تصريحات جنبلاط بعد حادثة مجدل شمس.

لا ينهي موقف جنبلاط امكانية حصول فتنة في لبنان فقط، إنما يفتح باب النقاش حول تأثير موقف دروز لبنان على المسار السياسي لدروز المنطقة، وإذا كان الدروز في قرى الجولان يرفعون موقفاً مناهضاً لاسرائيل منذ عشرات السنوات، فإن إحداث تحول لدى الدروز في الداخل الفلسطيني يعتبر مواجهة مباشرة لإسرائيل التي تستفيد من دعم فئة واسعة من هؤلاء لتشكيل صورة غير يهودية لمعركتها في الداخل وفي المنطقة، وعليه فإن تصريحات طريف امس، والتي جاءت للرد على جنبلاط بشكل مباشر توحي بحجم الأزمة التي اصابت صناع القرار في تل ابيب بسبب ارتباط الموقف الدرزي مما حدث في مجدل شمس بمشروعية الردّ العسكري الذي تنوي اسرائيل القيام به.

اهمية موقف جنبلاط والوحدة بين الزعامتين الدرزيتين، دفعتا عددا غير قليل من السفراء والديبلوماسيين الغربيين الى التواصل مع خلدة والمختارة لمعرفة سقف الإندفاعة الدرزية الى جانب المقاومة في لبنان وما اذا كان هناك مساعي للتأثير بشكل مباشر او غير مباشر على الخطاب الدرزي العام في الجولان وفي الداخل الفلسطيني نظراً للاهمية الفائقة لموقف هؤلاء من الصراع عموماً ومن المعركة الحالية خصوصاً.