نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية تحليلاً جديداً قالت فيه إنَّ الضربات الإسرائيلية الأخيرة المتمثلة بالاغيالات التي طالت القيادي في حركة حماس اسماعيل هنية والمسؤول الكبير في حزب الله فؤاد شكر، تشير إلى أنَّ تل أبيب تتحرّر من القيود العسكريّة والدبلوماسية المُستحيلة التي سعت واشنطن وغيرها إلى فرضها عليها”.
واعتبر التحليل الذي ترجمهُ “لبنان24” أن “إسرائيل بدأت تتخلّص من الوضع المأزوم على المستوى الإستراتيجي، ويبدو أنّ القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيليّة أدركت أخيراً أنّ الدولة اليهودية ليس لديها خيار سوى مواجهة الحرب الإيرانية المُستمرة منذ 40 عاماً والتي تتصاعدُ بسرعة ضدها”.
وذكر التحليل أنَّ “الواقع الاستراتيجي الصارخ هو أنَّ إيران تسعى للهيمنة على الشرق الأوسط وخنق إسرائيل عبر حزب الله في لبنان وحركة حماس في قطاع غزة وجماعة الحوثي في اليمن، وأيضاً من خلال هجومها الصاروخي الهائل على إسرائيل مباشرة من الأراضي الإيرانية خلال نيسان الماضي بالإضافة إلى قدرتها الوشيكة على امتلاك الأسلحة النووية”.
وأكملت الصحيفة في تحليلها: “على سبيل المثال، تذكروا أن حزب الله لا يزال يمتلك 180 ألف صاروخ وقذيفة وطائرة من دون طيار في لبنان موجهة نحو إسرائيل، وأن شمال إسرائيل أصبح خالياً من السكان ومدمراً، ولم يعُد من الممكن انتظار أو تجاهل هذا”.
وتابعت: “إن القدرات الاستخباراتية والعملياتية المذهلة التي تجلت هذا الأسبوع في اغتيال اثنين من الأعداء الرئيسيين تشكل علامة مهمة في الجهود الرامية إلى استعادة موقف الردع الإسرائيلي بعد انهيار السابع من تشرين الأول. لكن عمليات القتل المبررة والناجحة لا تغير الصورة الاستراتيجية الشاملة، ولن تكون الضربات وحدها كافية لإبطال الهجوم الإيراني الكبير على إسرائيل. كذلك، فإنّ اغتيال فؤاد شكر القيادي الكبير ضمن حزب الله في بيروت، يقترب من موعد تفعيل ترسانة التنظيم اللبناني”.
وأكملت: “إن أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن يترسخ في طهران و/أو في مختلف أنحاء العالم تصور مفاده أن إسرائيل عالقة في طريقها ولا تتحرك إلى الأمام، في سحق حماس في غزة، وفي مواجهة حزب الله في لبنان، وفي قمع الخلايا المسلحة في الضفة الغربية، وفي استهداف مواقع الحرس الثوري الإيراني في سوريا، وفي تخريب المنشآت النووية في إيران”.
وأردفت: “للأسف، أصبحت الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل محدودة للغاية في العقود الأخيرة، بعد أن أعاقتها عملية أوسلو الفاشلة للسلام مع الفلسطينيين وعملية الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما الفاشلة للسلام مع الإيرانيين. ونتيجة لهذا، وحتى في هذه اللحظة بالذات، تتعرض إسرائيل لضغوط من أصدقائها ضعاف القلوب لحملها على التخلي عن هدفها المتمثل في تصفية حماس؛ وإعطاء الأولوية بدلاً من ذلك للتموين الإنساني للسكان الأعداء؛ والموافقة على إطلاق سراح الفلسطينيين بما في ذلك أعضاء النخبة من حماس”.
ويستطرد التحليل: “تتعرض إسرائيل أيضاً لضغوط لحملها على امتصاص ضربات حزب الله المتواصلة والاكتفاء بتسوية دبلوماسية أخرى عديمة القيمة وسخيفة لن تؤدي إلا إلى إدامة التهديد الإيراني من جنوب لبنان والامتناع عن الانتقام التصعيدي لأي رد قد تلجأ إليه إيران الآن على الاغتيالات التي وقعت يومي 30/31 يوليو/تموز والتي أدت إلى تصفية فؤاد شكر واسماعيل هنية”.
وتابع: “إن تبني هذه السياسات من شأنه أن يشكل هزيمة استراتيجية كبرى لإسرائيل، ويضع بقاءها في خطر، ما يجعل قدرتها على الصمود كدولة مستقلة في الشرق الأوسط موضع شك. لو تبنت إسرائيل هذه السياسات، فإنها سوف تؤدي حتماً إلى تحطيم إسرائيل كمجتمع مرن ومزدهر واقتصاد يساهم كثيراً في العالم”.
وقال: “إن الحملة المستمرة التي تشنها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتأخير وثني ومنع المزيد من الغزو العسكري في غزة؛ وتأخير وثني ومنع المزيد من المواجهة مع إيران في نهاية المطاف مصحوبة بتهديدات مستمرة بمنع الدعم الدبلوماسي والأسلحة الإسرائيلية إذا لم تستجب القدس لتحذيرات واشنطن، تشكل وصفة للهزيمة الساحقة، وعلى هذا النحو، لابد من مقاومة هذا الأمر”.
وأردف: “عندما تخشى أميركا التصعيد أكثر من إيران، فإن الطريق نحو الهزيمة الغربية الكبرى يكون واضحاً. وإذا كانت إسرائيل تخشى التصعيد أكثر من إيران، فإن طهران ستسير حتى القدس بهجمات أعظم وأضخم. للأسف، هناك فجوة كبيرة بين الطريقة التي ترى بها إسرائيل الحرب الحالية والطريقة التي ينظر إليها العالم الخارجي للمعركة، والفجوة هائلة وخطيرة ومرعبة”.
وقال: “في مختلف أنحاء العالم، ينظر أغلب الزعماء إلى الصراعات الحالية باعتبارها حرائق خطيرة (ذات تكلفة إنسانية مروعة) يجب إنهاؤها بسرعة، مع العودة السريعة إلى الاتفاقيات الدبلوماسية (سواء فيما يتصل بالفلسطينيين، أو إيران، أو أي شيء آخر). ولكن بالنسبة لجميع الإسرائيليين تقريبا، فقد أدركوا أخيرا أن البلاد تقف أمام حرب استنزاف طويلة؛ حرب من أجل البقاء الوجودي؛ حرب على أعتاب صراع الحضارات، الحضارة الغربية ضد الهمجية كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في الكونغرس الأسبوع الماضي مؤخراً.. حرب مستمرة منذ عقود، والتي، مع الصعود والهبوط، والتوقفات ووقف إطلاق النار الهش، لابد أن تتصاعد من أجل سحق العملاق الإيراني”.
المصدر:
ترجمة “لبنان 24”