بدا لبنان في عز استنفاره تحسباً للتطورات الحربية إذ تكثفت بشكل كبير حركة المغادرين عبر مطار رفيق الحريري الدولي في الأيام الثلاثة الأخيرة، فيما تواصل اطلاق الدول الأجنبية والعربية الدعوات إلى رعاياها لمغادرة الأراضي اللبنانية على الفور وسط تصاعد التوتر بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي ورد تل أبيب المرتقب.
وأمس حضّت الخارجية اليابانية رعاياها في لبنان على المغادرة.
كذلك، دعت تركيا مواطنيها إلى مغادرة لبنان. وذكرت “النهار” أن المسؤولين الرسميين المعنيين تبلغوا من جهات دولية وعربية عدة إمكان بدء تفعيل عدد من الدول خطط ترحيل رعاياها من لبنان بحراً وجواً إذا تفاقمت الأمور وأصبحت خطط الإخلاء امراً لا بد منه.
وافادت “رويترز” أن ألمانيا تستعد لإجلاء رعاياها من لبنان بسبب القلق من تصاعد الصراع بين إيران وإسرائيل. وأشارت معلومات إلى أن بيروت ترصد بدقة المؤشرات الخارجية التي صدرت في الساعات الأخيرة والتي تدل على أن العدّ العكسي لبدء الرد أصبح في نهاياته ومن أبرز هذه المؤشرات ما نقلته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عن ديبلوماسي غربي لجهة تأكيده فشل جهود التهدئة مع إيران وتوقع رد خلال يومين، وقوله، “نستعد لأيام من تبادل الضربات في المنطقة”.
كما أن إيران أصدرت إشعاراً للطيارين وسلطات الطيران لتجنب مجالها الجوي، حسبما أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية. وكانت شركات طيران عدة أعلنت وقف رحلاتها إلى إيران وإسرائيل ولبنان، على وقع التوترات الأخيرة. وأمس أعلنت الخطوط الملكية الأردنية أنها ستسيّر 3 رحلات إلى بيروت لنقل الأردنيين لإتاحة الفرصة لمن يرغب منهم بالعودة إلى عمّان.
وجاء إخطار إيران أمس بعدما أبلغ وزير الخارجية الأميركي انتوني باينكن مكالمة هاتفية يوم الأحد وزراء خارجية مجموعة السبع، أن طهران يمكن أن تهاجم إسرائيل في غضون 24 إلى 48 ساعة، وفقاً لديبلوماسيين مطلعين على المكالمة. ولم يذكر بلينكن الشكل الذي يمكن أن يتخذه الهجوم. وأخبر بلينكن نظراءه أن الولايات المتحدة تبذل جهوداً لكسر دائرة التصعيد، وطلب من وزراء الخارجية الآخرين ممارسة ضغوط ديبلوماسية على إيران و”حزب الله” اللبناني وإسرائيل للحفاظ على أقصى درجات ضبط النفس. غير أن تقارير إعلامية من واشنطن أفادت لاحقاً أن البنتاغون لا يتوقع هجوماً إيرانياً خلال الساعات المقبلة.
وفي السياق، علّق مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك بشأن خطر اندلاع صراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط. وقال في بيان وزعه مكتب الامم المتحدة في بيروت: “أشعر بقلق عميق إزاء الخطر المتزايد لاندلاع صراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، وأناشد جميع الأطراف، إلى جانب الدول ذات النفوذ التحرك بشكل عاجل لتهدئة الوضع الذي أصبح خطيراً للغاية”. وشدّد على”وجوب أن تكون حقوق الإنسان، وأولاً وقبل كل شيء حماية المدنيين، على رأس الأولويات”.
وقال: “لقد تحمّل المدنيون، ومعظمهم من النساء والأطفال، خلال الأشهر العشرة الماضية ألماً ومعاناة لا يطاقان نتيجة للقنابل والأسلحة. وطالب بـ”بذل كل جهد”، وقال”أعني كل شيء ممكن، لتجنب تفاقم هذا الوضع إلى الهاوية التي لن تؤدي إلّا إلى عواقب أكثر فظاعة على المدنيين”.
وفي المواكبة السياسية للتطورات، تلقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاً من وزيرة خارجية كندا ميلاني جولي، جرى في خلاله البحث بالوضع في لبنان والتطورات في المنطقة. وكان تشديد على ضرورة وقف التصعيد واللجوء الى الحلول السلمية وتطبيق القرارات الدولية وفي مقدمها القرار 1701.
ومن جانبه، توجّه وزير الخارجية عبد الله بو حبيب في السادسة مساء أمس إلى مصر لعقد اجتماعات مع كبار المسؤولين ذكر أنها تتناول الأوضاع المتفجرة في المنطقة وكيفية إبعاد لبنان عن المواجهات العسكرية ولجم التوتر.