خلال إحياء الذكرى الرابعة لإنفجار مرفأ بيروت، استرعت الاهتمام مشاركة المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت مع فوج الإطفاء تضامنا مع أهالي الضحايا، وإعرابها عن “رسالة واحدة هي ان العدالة يجب ان تتحقق في لبنان”، مثلما أعاد حضورها إلى الأذهان مآل تحرك أهالي الضحايا في اتجاه الأمم المتحدة العام الماضي بعد ١١ شهراً من توقف التحقيق العدلي بفعل طلبات الرد ودعاوى المخاصمة المقامة بوجه المحقق العدلي القاضي طارق بيطار في هذه القضية، مطالبين بإنشاء لجنة دولية لتقصي الحقائق ودعم تحركهم بعريضة نيابية موقعة من ٦٧ نائباً و١٨ منظمة حقوقية لبنانية ودولية بينها “هيومن رايتس ووتش”.
وكتبت كلوديت سركيس في” النهار”: عقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جلسة مناقشة في الخريف الماضي لينتهي إلى بيان مشترك موقع من ٣٨ دولة يحض السلطات اللبنانية على أن تسمح على وجه السرعة بإجراء التحقيق المحلي من دون أي تدخل سياسي. كما حض المجتمع الدولي على إنشاء بعثة دولية لتقصي الحقائق في الانفجار .
ويقول عرّاب العريضة النيابية وواضعها الوزير السابق المحامي كميل أبو سليمان ل” النهار ” إن الفرصة “لا تزال متاحة لتحريك هذا المطلب امام المجتمع الدولي”، متوقفاً عند التحرك العلني لممثلة الأمم المتحدة للمرة الأولى في الذكرى الرابعة للانفجار ، ومشيراً الى وجود صلاحية شخصية خاصة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تسمح له بتأسيس هذه اللجنة ، لكنه يحتاج الى دعم عدد من الدول الأعضاء المهمة لإحداثها ، كما يمكن ان تُنشأ بموجب التصويت عليها من الجمعية العمومية للأمم المتحدة، فضلاً عن توصية من مجلس حقوق الإنسان.
تحرك أبو سليمان في حينه صوب عدد من السفارات الغربية لدعم خطوة إنشاء هذه اللجنة، لكن تداعيات احداث السابع من تشرين الاول والحرب على غزة جمدتها . وفي رأيه ان الحاجة الى لجنة تقصي أكثر من ذي قبل من دون التوصل الى نتيجة حتى الآن، لكن الفرصة لا تزال متاحة، لافتاً إلى أن “طبيعة هذه اللجنة ليست محكمة إنما من شأنها تقصي الحقائق فحسب، ويمكن ان تتكامل مع التحقيق اللبناني، وهذا رأيي منذ اليوم الأول على الانفجار”.
وفي المقابل جدد النائب ملحم خلف عبر “النهار” تمسكه بالقضاء الوطني .ورأى عرٌاب مكتب الإدعاء في نقابة المحامين في بيروت عن أهالي ضحايا المرفأ أن “لجنة تقصي الحقائق ليست محكمة في النتيجة وليس من شأنها ان تصدر حكماً في هذه القضية. المحكمة التي نريدها هي المحكمة الوطنية التي لنا الحق فيها طبقاً للمواثيق الدولية”.
وبحسب مصادر قانونية متابعة ان المرحلة التي قطعها التحقيق المحلي في هذه القضية تخطت مرحلة التحقيق الذي يمكن ان تقوم به لجنة دولية لتقصي الحقائق بعد الإعلان قبل عام عن إجتيازه ٨٠ في المئة.
وذكرت ان لجنة التقصي في حال إنشائها ستستند الى التحقيق الذي يتولاه القاضي بيطار ، في حين ان ما يحتاج اليه هذا الملف هو مساعدة القضاء اللبناني لإنجاز مهمته وصدور حكم، وما عدا ذلك يكون كلاماً في السياسة ، “وما نريده هو ضغط دولي لرفع يد السياسيين عن القضاء وإتمام التحقيقات في ملف المرفأ”.
وتحدثت عن أن القرار الاتهامي الذي يمكن ان يصدر في هذا الملف سيكون مرحلياً للوصول الى هيئة المجلس العدلي ، وليس حكماً ، تمهيداً لوضعه على قوس التشريح أمام المجلس العدلي حيث يعود للأطراف المعنيين مناقشة وجهة نظرهم أمامه، للتأكيد ان ما شكل عائقاً دولياً أمام المطلب اللبناني لإنشاء لجنة تقصي حقائق في ملف المرفأ منذ إثارته لا يزال قائماً.