ما بعد التطورات الأخيرة وانفجار الضاحية الجنوبية لبيروت والتي باتت معها الأوضاع مفتوحة أكثر على سيناريوهات سلبية، لم يعد السؤال عن صحة ملف الرئاسة أولوية ولو بالحد الأدنى ذلك أن الانشغال بواقع جبهة الجنوب والخشية من تفلت الأمور هو محور تركيز المعنيين بالشأن العام.
لم يعد المناخ ملائما لأي بحث رئاسي، واصلا كان المناخ السياسي غير مناسب لحسم الملف. حاليا جمدت المساعي من جميع الأطراف، وتحول الأهتمام إلى ترقب مسار الأمور في ظل مضاعفة التحذيرات من الحرب. كل ذلك يدل على ان الصفحة الرئاسية طويت واستبدلت بمرحلة التأهب.
وفي هذا الإطار ، تفيد مصادر مواكبة للملف الرئاسي ل ” لبنان ٢٤” أن من خطوة نوعية مرتقبة ، وفي حال وجدت فأن مصيرها يشبه سابقاتها وبالتالي ما من كلام في الملف ، حتى أن التطورات الجارية لن تأتي بالرئيس ، ولذلك يكثر الكلام عن مواعيد متأخرة لهذا الأنتخاب، خصوصا في ظل انتظار مشهد الجبهات ، على أن اللاعبين المحليين ليسوا بصدد الانخراط مجددا في مساع فاشلة اقله الأن وهم على دراية بأن التوافق غائب، في حين أن وجود رئيس في هذه المرحلة المتأرجحة بين عدم الاستقرار وجهود التهدئة أكثر من ضروري، أما غيابه في وضع تتعرض فيه البلاد لأي عدوان أو حرب له انعكاساته. ومن جهة ثانية فإن أي سيناريو سلبي لا سمح الله يدفع بالمؤسسات إلى اتخاذ القرارات التي تتناسب والوضع ، ولعل خطة الطوارىء التي وضعت من قبل الحكومة والاجتماعات التي تعقد بين المعنيين من أجل الأبقاء الجهوزية قائمة دليل على المواكبة المطلوبة .
وتعرب هذه المصادر عن اعتقادها لأن الخلافات بين قوى المعارضة والممانعة لم تحل ، ما يعني أن طرح أي مبادرة حتى وان حملت عنوان الأنقاذ لن يسلك طريق التنفيذ ، اما فرض رئيس تحت ذريعة تفاقم الوضع فذاك دونه عقبات ومحاذير. وفي هذا السياق ثمة من يستبعد هذه الفكرة في هذا الوقت بالذات، لأن الأولوية لمواكبة الحراك الدييلوماسي لسحب فتيل تفجير حرب في المنطقة، وبالتالي فإن الدول الخارجية والمعنية بالملف الرئاسي تركز عملها ضمن هذه المهمة ، ومن هنا غياب البيانات والمواقف التي تذكر بأنجاز الأستحقاق الرئاسي. كذلك فإنه إذا صحت التوقعات بمتغيرات تطال المنطقة، فإن الرئيس الجديد قد يأتي ضمن المعادلة الجديدة ، وهذا يعني حكما تأخيرا إضافيا في عملية الأنتخاب، إلا إذا أظهرت الوقائع عكس ذلك.
وفي مجال آخر، تعتبر المصادر أن قوى المعارضة لن تغيب عن مشهد السعي إلى توحيد العمل في ملف الانتخابات الرئاسية من خلال حراكها المقبل وكذلك الأمر بالنسبة إلى تجنيب لبنان الدخول في أتون الحرب، وهي أن جمدت هذا الحراك فإنها لم تحذفه أو تلغه من المواكبة المستمرة، وهناك معطيات تعكس تزخيم العمل في الشق المتصل بالوضع الحالي .
وسط المخاوف من اندلاع الحرب، فإن الفكرة السائدة أو الغالبة اليوم هي المخاوف من حرب تدميرية في البلد فقط لا غير ، وباقي الملفات قد تصبح تفصيلا صغيرا ، ومن بينها طبعا ملف الرئاسة.