نشر موقع “n12” الإسرائيلي تقريراً جديداً تطرق فيه إلى أبعاد اغتيال رئيس المكتب السياسيّ لحركة “حماس” إسماعيل هنية في إيران قبل نحو 10 أيام.
واعتبر التقرير الذي ترجمهُ “لبنان24” أنّ ما حصل في إيران، شكّل “ضربة قاسية لها”، وذلك بحسب ما يقول مئير بن شبات، الذي يرأس حالياً معهد مشغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية في إسرائيل.
وذكر التقرير أنه “في ذروة يقظة الإيرانيين، فإنه لم يعد أحدٌ مُحصنّ هناك”، وأضاف: “بينما يتعين على زعماء إيران أن يقرروا ما إذا كان عليهم خوض الحرب أو تهدئة الوضع، فإن إسرائيل تواجه سؤالاً استراتيجياً خاصاً بها: هل حان الوقت لتغيير قواعد اللعبة؟ على مدار عقدين من الزمن، ظلت طهران تضر بإسرائيل ومصالح الغرب في الشرق الأوسط وخارجه، وهي تفعل ذلك من خلال شبكة متفرعة من الوكلاء التابعين لها، من حزب الله في لبنان، مروراً بالحوثيين في اليمن إلى المجموعات في العراق. إذا كان هناك رد فعل، سواء من الجانب الإسرائيلي أو من الغرب، فإنّ الوكلاء هم من يمتصون الضربة، لا إيران ولا الإيرانيون”.
وأكمل: “لسنوات، كانت إسرائيل تعمل على تخريب الأهداف المتعلقة بالمشروع النووي الإيراني من دون أن تتجنب اتخاذ إجراءات جريئة على أراضي الجمهورية نفسها، على الرغم من المخاطر التي تنطوي عليها والتعقيدات التشغيلية. وفي الوقت نفسه، قوبل دعم طهران للتنظيمات المسلحة في أنحاء الشرق الأوسط بشكل أساسي بمهاجمة أهداف إيرانية في سوريا. ورغم أن الهجمات أدت إلى إنجازات تكتيكية، إلا أنها فشلت في كبح طموحات طهران الإقليمية”.
وتابع: “لكن لماذا تستثمر إيران الكثير في المنظمات الوكيلة؟ يقول بيني سباتي، الباحث في شؤون إيران في معهد دراسات الأمن القومي (INSS) إن هذه سياسة بدأت مباشرة مع الثورة وتم تعلمها من النظام السوفييتي، وهذا نابع من رغبة إيران في تصدير الثورة. لهذا، فإنها تحتاج إلى انشاء المزيد من الهيئات، والمزيد من المنظمات، التي من ناحية تصدّر الأيديولوجية ومن ناحية أخرى توسع حدود الجمهورية نحو أعدائها عبر وكلائها، فحزب الله ليس له حدود مع إيران لكنه يحميها، وفي الوقت نفسه له حدود مع إسرائيل، لكن إسرائيل ليس لها حدود مع إيران”.
وأردف: “بالنسبة لسباتي، ففي حين أن الهدف من دعم حماس وحزب الله هو الحفاظ على التهديد بالقرب من حدود إسرائيل، فإن دعم الحوثيين يهدف إلى ترسيخ نفوذ الجمهورية الإسلامية أيضاً. إن الإيرانيين يعيشون في وعي البقاء والخوف من الغزو، وهذا سبب قديم وتقليدي يفسر ضرورة توسيع الحدود باستمرار والهدف منه إبعاد العدو”.
من جهتها، قالت سيما شين، الرئيسة السابقة لقسم الأبحاث في الموساد والتي تشغل اليوم منصب رئيسة برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي: “إن الإستراتيجية الإيرانية هي نتاج استغلال الفرص. ترتكز طهران على المجتمعات الشيعية في المنطقة، وتقيم علاقات معها – على المستوى العسكري بشكل رئيسي، ولكن أيضاً على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. لقد بدأ ذلك بسبب رغبة إيران في تعزيز نفوذها في البلاد التي لديها مجتمعات شيعية كبيرة، وبالتالي ضمان أن هذه الدول لن تتحول أبدًا إلى معادية لإيران”.
وأكمل التقرير: “في السنوات الأخيرة، جرت محاولات في إسرائيل للتصرف بشكل أكثر عدوانية داخل إيران نفسها. ومع تشكيل الحكومة الإسرائيلية السادسة والثلاثين، طرح رئيس الوزراء نفتالي بينيت عقيدة الأخطبوط التي ركزت على إضعاف النظام في طهران بدلاً من المناوشات المستمرة مع وكلائه في المنطقة. كان نهج بينيت يدعو إلى الموت بألف جرح، وذلك عبر سلسلة من الإجراءات المتواصلة ضد إيران، بدلاً من توجيه ضربة حاسمة واحدة”.
وأردف: “في شباط من العام 2022، أطلقت إسرائيل طائرات من دون طيار واصطدمت بمصنع لتصنيع الطائرات من دون طيار في كرمانشاه، مما أدى إلى تدمير مئات الطائرات الإيرانية المُسيرة الجاهزة للإطلاق. وفي أيار من ذلك العام، قُتل العقيد حسن صياد خداي، أحد كبار القادة في الوحدة 840 التابعة للحرس الثوري، في طهران. وفي الأشهر التي تلت ذلك، تمت تصفية عدد من كبار أعضاء الحرس الثوري والعلماء في المجالات النووية والصاروخية والطيران. واستمر الاستعداد للعمل بشكل مباشر ضد طهران حتى بعد شهرين من عودة بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الوزراء في إسرائيل، عندما وقع هجوم بطائرات من دون طيار على منشأة عسكرية في أصفهان، نُسب إلى إسرائيل”.
بالنسبة لبساتي، فإن “طريقة القضاء على القادة هي الطريقة الوحيدة”، مشيراً إلى أنه كلما تمت عمليات تصفية القادة، كلما زاد اهتزاز النظام الإيراني، وأردف: “سنحتاج إلى الكثير من الصبر. في يوم من الأيام سنقضي على هذا الرقم الثاني، وغداً ذلك الرقم الثاني، ومن جهتي سنصل أيضاً إلى الرقم واحد في إيران. نقطة ضعف إيران هي اعتمادها على قادتها”.
ومع ذلك، لا تستطيع إسرائيل أن تواجه “حلقة النار” الإيرانية وحدها، وهنا يقول سباتي: “ليس لدينا البحرية الأميركية وليس لدينا القدرة على الإطاحة بالنظام الإيراني بالطائرات والحرب، مثلما أطاح الأميركيون بصدام حسين في العراق. لكن في الفترة الحالية، عندما تكون الولايات المتحدة أقل تورطا، يمكن لإسرائيل استغلال الفرص للتحرك”.
التقرير ذكر أيضاً أنه “من أجل قطع رأس الأخطبوط وعدم الاكتفاء بقطع ذراعيه، سيتعين على إسرائيل الاعتماد على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة”، مشيراً إلى أنّ “التهديد الإيراني يشكل تحدياً كبيراً لإسرائيل، ولكن ليس لها فقط، ولكن أيضًا بالنسبة للولايات المتحدة والغرب والمنطقة بأكملها”.