كرامات الناس ليست للتسالي وماذا فعلتم سوى تكرار مواقف لا تقدم ولا تؤخر بشيء

17 أغسطس 2024
كرامات الناس ليست للتسالي وماذا فعلتم سوى تكرار مواقف لا تقدم ولا تؤخر بشيء

لم يعتد موقع “لبنان24″، وهو المعروفة عنه مهنيته وحرفيته وموضوعيته في مقاربة القضايا التي يتطرق إليها، سواء في مقالات كتابه أو في أخباره الخاصة، أن يتناول بالشخصي أيًّا من المكونات السياسية، حتى ولو كان هذا السياسي أو ذاك الزعيم يحاول التطاول على ما يمثّله هذا الموقع من مبادئ مهنية ووطنية، ولكن أن يصل الأمر برئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع إلى حدّ إتهام الحكومة، التي يترأسها نجيب ميقاتي بما يكنّه هذا الرجل من احترام ولياقة في التعاطي مع الجميع على حدّ سواء، بأنها “ترتكب الخيانة العظمى”، وهو تعبير لم يكن ساكن معراب ليستخدمه لو أنه فكّر مليًا بينه وبين نفسه عمّا يعنيه هذا الاتهام الخطير، الذي لم يستعمله أحد آخر من قبله في الحياة السياسية اللبنانية، فـ “الخيانة العظمى” تستوجب لمن يرتكبها الاعدام حتى من دون محاكمة، خصوصا إذا كانت هذه التهمة موثقة بالمستندات الحسية عن هذا الجرم.

ولكن أن تُتهم الحكومة بهذه التهمة فهو أمر خطير لا يمكن السكوت عنه، أو تركه يمر مرور الكرام وكأن شيئًا لم يحصل. فكرامات الناس ليست شماعة عند أي كان حتى ولو كان رئيس تيار سياسي هو الأكبر حجما في الندوة البرلمانية.
فإذا كان الدكتور جعجع أو غيره لديهم مشكلة مع أحد مكوّنات الحكومة فلا يجوز لهم أن يستخدموا الحكومة ككل، وفيها وزراء لهم تاريخهم ويتمسكون بكراماتهم حتى بأسنانهم، أكياس رمال ليختبئوا وراءها، أو ليخبّئوا بها عوراتهم بعدما سقطت عنها أوراق التين.
ونسأل مع السائلين: ماذا فعلت المعارضة، وعلى رأسهم “القوات اللبنانية” حيال ما يجري في الجنوب سوى تكرار مواقف لا تقدم ولا تؤخر بشيء في المعادلات القائمة على أرض الواقع.
ولأن هذه المعارضة لأعجز من أن يكون لديها موقف موحد أقله بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية، تحاول ممارسة هواية القنص العشوائي، وهي لا ترى أمامها سوى الحكومة. فإذا كانت هذا الاتهامات هي من قبيل “فشة الخلق”، لأن جحا لا يستطيع الاستقواء سوى على خالته، فإن كل ما يصدر عنها من تصريحات يمكن استيعابها والتغاضي عنها، ولكن أن يصدر هذا النوع من التصريحات “الخنفشارية” عن الدكتور جعجع بالذات فهو أمر لا يمكن السكوت عنه أو وضعه في خانة المواقف العنترية لقاء خدمات غير مجانية غير متطابقة مع ما تحاول الحكومة الحالية القيام به على رغم إمكاناتها الخجولة.
صحيح أن “القوات اللبنانية” غير ممثلة في الحكومة الحالية بقرار انفرادي ذاتي، ولكن لا يمكن السماح بالضحك على عقول الناس والاستخفاف بها، خصوصًا أن ذاكرتهم لا تزال رطبة، وتذكر أن “القوات” قد شاركت في معظم الحكومات، التي أدى أداؤها إلى ما وصلت إليه البلاد من حال انهيار شبه شامل.
فتهمة “الخيانة العظمى” لا تُلصق بمن يحاول السير بين النقاط في محاولة منه لتقليل الأضرار التي هي نتيجة تكدّسات قديمة، أو تلك التي ستنجم عن أي اعتداء على لبنان.