إذا كنتم تظنون أن الحروب والهزات الأرضية ومجموعة من جدارات الصوت المتلاحقة هي أسوأ ما قد نعيشه، فأيقنوا أن مسلسل الرعب لم ينتهِ بعد. مرض “جدري القرود” يلوح في الأفق، معيداً إلى الأذهان ذكريات بشعة جداً حفرتها جائحة كورونا في أذهاننا، وستبقى. الجديد في الأمر هو أن السلالة المستجدّة من “جدري القرود” دفعت بمنظمة الصحة العالمية إلى إعلان حالة طوارئ صحية عالمية. فأين لبنان من هذه الكارثة الصحية؟
معلومات عن “جدري القرود”
فرض هذا المرض نفسه كحدث لا يمكن المرور عليه مرور الكرام، وسط زحمة الأخبار والأحداث الأمنية والسياسية والإقتصادية العالمية. ولإحاطة شاملة بشأنه، كان لا بدّ من الحديث مع رئيس “التجمع الطبي الاجتماعي” وممثل الرابطة الطبية الاوروبية- الشرق أوسطية الدولية في لبنان وعضو نقابة الأطباء البروفسور رائف رضا، الذي سارع للتحذير من وصول مرض جدري القرود المعروف بـ Mpox إلى لبنان بعدما انتشر في القارة الأفريقية.
وقال رضا إن المرض بدأ في أفريقيا وتحديداً الكونغو، إلى أن أصبح حالة طوارىء صحية عامة في الاتحاد الافريقي منتقلاً بين دول عدّة من أبرزها مؤخراً السويد.
وعن التفاصيل الدقيقة بشأن مرض “جدري القرود”، اعتبر رضا أنه من الأساسي معرفة أن فترة الحضانة هي من 5 إلى 21 يوماً، ويبدأ المرء بالشعور بالأعراض وأوّلها ارتفاع درجة الحرارة، انتفاخ الغدد اللمفاوية ، ظهور بثور على شكل طفح جلدي تحتوي على قيح في الوجه أو الذراعين أو الساقين أو العين، والأعضاء الجنسية ما قد يسبب حالات عقم.
وعن سبب الإصابة ب”جدري القرود”، أكد رضا أن أبرزها الاختلاط بالقرود والجرذان بالإضافة إلى الزواحف، إذ أن التعرض لهم ينقل المرض إلى الإنسان، ومنه إلى شخص آخر عن طريق ملامسة أغراض الشخص المصاب، واللعاب أو الرذاذ والتنفس وملامسة الجلد للطفح الجلدي لشخص مصاب وعن طريق العلاقات الجنسية غير المحمية.
أما عن الوقاية، فأكد رضا أن عزل المريض نفسه عن محيطه هو أوّل خطوة يجب أن تتخذ سريعاً، فضلاً عن إيلاء أهمية كبرى للنظافة الشخصية عن طريق الإغتسال جيداً بالمياه والصابون، مشدداً على أهمية إيجاد لقاحات مخصصة ل”جدري القرود”، الأمر غير المتوفّر حالياً.
كما أكد رضا أن الفرق شاسع بين مرض جدري القرود وجدري المياه، إذ أن أعراض الأخيرة تستمر من 5 أيام إلى 4 أسابيع، ووفياتها تتراوح بين 3- 6%، ونادراً ما تصيب البالغين إذ أن أغلب المصابين هم أطفال تحت عمر السنتين، كما أن الطفح الجلدي الناجم عنها قد يكون مؤلماً خلافاً للطفح الخاص ب”جدري القرود”.
وفي حين دعا رضا لمراقبة الحدود كي لا يكون “المطار فلتان” خاصة أن الجاليات اللبنانية تأتي من بلدان فيها إصابات كأفريقيا، تساءل عمّا إذا كان هذا المرض مركّباً وعمّا إذا كانت منظمة الصحة العالمية قد خبّأت هذا المرض في وقت سابق وأعلنت عنه اليوم بهدف تشغيل مصانع اللقاحات؟
بيان لوزارة الصحة
أما على الصعيد الرسمي، فقد شددت مصلحة الطب الوقائي في وزارة الصحة العامة على أن الوزارة تتابع عن كثب كل جديد مرتبط بمرض بجدري القرود المعدي، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية واللجان العلمية، مؤكدة أنه لم يتم تسجيل أي حالة جديدة بالمرض في لبنان منذ شهر آذار الماضي.
وأكدت المصلحة أن الوزارة تقوم بتعزيز نظام الرصد من خلال الكشف المبكر عن الحالات وتشخيصها بالسرعة الممكنة، في حين لا توجد توصيات من قبل منظمة الصحة العالمية (حتى الآن) لاعتماد إجراءات خاصة على المعابر الحدودية.
وأضافت أن المرض يؤدي لدى فئات معينة كالأشخاص ضعيفي المناعة/أو الذين يعانون من أمراض مزمنة والأطفال والنساء الحوامل إلى مضاعفات خطيرة قد تصل أحيانا إلى الوفاة”.
أسئلة عدّة تدور في مدار هذا المرض الذي ظهر بقوة سابقاً ثم اختفى مع حلول العام 1980، ما يطرح علامات استفهام بشأن كيفية عودته اليوم. إلا أن السؤال الأبرز هو، هل العالم على موعد مع جائحة جديدة؟