هدنة المفاوضات الى تمدد وجبهات الضغط تستعد

20 أغسطس 2024
هدنة المفاوضات الى تمدد وجبهات الضغط تستعد


قبل ايام من جولة جديدة من المفاوضات، يُرتقب ان تُعقد في القاهرة بمسعى للدفع قدما باتجاه وقف اطلاق نار في غزة، وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الى اسرائيل للضغط على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، للسير بالاقتراحات الموضوعة على الطاولة، والتي تم تعديلها خلال الاجتماعات التي عُقدت مؤخرا في الدوحة.

وكتبت” النهار”: عوّلت مصادر ديبلوماسية بارزة على ما سمّته “هدنة المفاوضات” المعني بها الجولة التالية المقبلة من مفاوضات ممثلي الدول الوسيطة الثلاث، الولايات المتحدة الأميركية ومصر وقطر وإسرائيل في القاهرة في منتصف الأسبوع الحالي لاستكمال جولة الدوحة التي عقدت الأسبوع الماضي، وتوقعت تالياً أن يبقى الستاتيكو الميداني بين جنوب لبنان وشمال إسرائيل على حاله من مدّ وجزر ميدانيين في تبادل الغارات والقصف تحت قواعد اشتباك غير معلنة لا تذهب نحو إشعال حرب واسعة في انتظار نتائج المفاوضات من جهة ومصير الردّين اللذين تتوعد بهما إيران و” حزب الله” على إسرائيل من جهة أخرى، علماً أن وسائل إعلام إسرائيلية أفادت أمس أن التقدير في إسرائيل أنّ “حزب الله” سيهاجم وهو فقط ينتظر أزمة في المفاوضات وسيطلق النار نحو تل أبيب.
وقالت المصادر الديبلوماسية نفسها ان الأيام السابقة، كما الأيام المقبلة التي ستليها، شهدت وستشهد “تصعيداً” غير مسبوق في الضغوط الديبلوماسية لا سيما منها الغربية، وتحديداً الأميركية، لمنع أي عبث حربي بالمفاوضات من شأنه أن يقوّضها ويدمّر المحاولات المتقدمة لإحداث اختراق إيجابي فيها يوقف دورة الحرب في غزة وينسحب تبريداً تلقائياً على جبهة الجنوب اللبناني. وأشارت إلى أن الضغط المماثل الذي ترجمته جولة وزيري الخارجية البريطاني ديفيد لامي والفرنسي ستيفان سيجورنيه عكس في الجهة التي تعني لبنان أن الدفع لإنجاح المفاوضات بات يضع لبنان أولوية مماثلة لأولوية وقف الحرب في غزة وهذا تطور بارز من حيث توحيد الخطاب الدولي في شأن لبنان.
وتدليلاً على ذلك كتب وزيرا الخارجية البريطاني والفرنسي مقالاً، نشرته صحيفة “أوبزرفر”، يشيران فيه إلى “كيف يمكن أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى إحراز تقدم تجاه حل الدولتين- والذي هو السبيل الوحيد لإحلال الأمان والأمن على المدى الطويل”، تطرقا فيه إلى لبنان، فأكدا أن “الحل السياسي هو وحده الكفيل بإحلال السلام الذي نحن في أشد حاجة إليه. لهذا السبب، فإن ما نريده ليس فقط وقف إطلاق النار في غزة، بل نحضّ أيضاً إسرائيل و”حزب الله” ولبنان على الانخراط في محادثات بقيادة الولايات المتحدة لتسوية التوترات بينهم بالسبل الدبلوماسية، استناداً إلى المبادئ التي ينص عليها قرار مجلس الامن الرقم 1701″.

وكتبت” الاخبار”: «الكلام عن المفاوضات شيء، وكلام المفاوضات شيء آخر». هذا التوصيف لمرجعية معنية بالمحادثات الجارية منذ نحو أسبوعين، تحت عنوان «البحث عن صفقة قابلة للحياة» في غزة. وتعتقد المرجعية نفسها بأن التحفّظ الظاهر في مواقف حركة «حماس»، حتى قبل اجتماع الدوحة الأخير، مردّه إلى نتائج المشاورات والأفكار التي أظهرت أنّه ليس هناك من جديد، سوى تغييرات لمصلحة العدو، وهو ما كشفته الأوراق الأولى التي أعدّها وقدّمها الجانب الأميركي، علماً أن الجانبين المصري والقطري لا يخفيان أنهما يواجهان ضغوطاً كبيرة من الولايات المتحدة والدول الغربية لإلزام «حماس»، لا إقناعها، بالورقة الأميركية المقترحة.وبحسب المرجعية، فإن «حماس» توصّلت منذ وقت طويل إلى قناعة بأن العدو لا يريد وقف الحرب، وهي تتأكد مرة بعد أخرى أن الجانب الأميركي لا يمارس الضغط المطلوب على إسرائيل. وهذا ما جعل الحركة حذرة ومتشكّكة في ما يجري تداوله، وكان قرارها عدم المشاركة المباشرة في المفاوضات لعدم التورّط في لعبة الأخذ والرد، تاركة للوسيطين، المصري والقطري، إدارة النقاش مع الجانبين الأميركي والإسرائيلي.

وتوضح المرجعية أن الجديد في جولة المفاوضات الأخيرة يقتصر على الدعاية الهائلة من جانب الأميركيين. كما أن «حماس» التي تعرّضت لضغوط كبيرة من أجل المشاركة بوفد يملك تفويضاً باتخاذ القرار، عمدت بعد اغتيال الشهيد إسماعيل هنية إلى إبلاغ الوسطاء، بأنها لن تتوقف عن المشاركة في أي مسعى يهدف إلى وقف الحرب، لكنها ستغيّر من طريقة تعاملها مع الأمر. وعندما جاء قرار شورى الحركة باختيار قائد غزة يحيى السنوار خليفة لهنية، كان الأمر بمثابة رسالة إلى الوسطاء بأن الحركة لن تعمل تحت الضغط، وأن الأمر الوحيد الذي يحفّزها على السير بأي صفقة، هو تلمّس وجود مشروع أميركي حقيقي لفرض وقف الحرب على حكومة الاحتلال.
لكنّ المرجعية أشارت إلى وجود عناصر جديدة دخلت على الخط، إذ عبّر القطريون والمصريون، صراحة، عن أن قرار إيران وحزب الله و«أنصار الله» الرد على الاعتداءات والاغتيالات الإسرائيلية جعل الجميع ينهضون من مقاعدهم، ويتحركون من أجل ما يطلقون عليه «منع الانزلاق نحو حرب إقليمية واسعة». ولذلك، تلفت المرجعية نفسها، إلى أن الوسيطين القطري والمصري، يحاولان القول إنه يجب إقناع محور المقاومة بعدم الرد، أقله الآن، خشية أن تتذرع إسرائيل بالرد للهروب من أي التزامات تخصّ غزة.

وكتبت” الديار”: وقالت مصادر مطلعة على المحادثات الحاصلة في المنطقة، ان «محور المقاومة غير متفائل بوصول جولة المحادثات الجديدة الى نهاية سعيدة»، مرجحة في تصريح لـ» الديار» ان «يواصل نتنياهو المماطلة وسياسة التمييع، مستفيدا من الوقت المستقطع اميركيا حتى انجاز الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الاميركية».
واضافت المصادر: «الطرفان الاميركي و«الاسرائيلي» يعتقدان ايضا انهما ببثهما اجواء من التفاؤل، يؤخران ردود ايران وحزب الله، حتى انهما يعولان على عدم حصول هذه الردود، بالمقابل يواصل المحور استعداداته لرد محسوب آت مهما تأخر».
وبحسب المعلومات، فان حزب الله لم يعط اي اجوبة لاي من الوسطاء العرب والغربيين، الذين زاروا لبنان مؤخرا، والذين دعوا لضبط النفس وعدم توجيه اي رد على «اسرائيل»، فيما جولة المفاوضات لا تزال قائمة بين الدوحة والقاهرة. وتشير المعلومات الى ان الحزب صحيح لم يرد خلال الاسبوع الماضي بالتزامن مع انطلاق الجولة، لكن لا شيء يمنعه من ذلك في اي وقت، بخاصة انه كان واضحا وحاسما لجهة ان الرد شيء وهو حاصل حاصل، ومسار المفاوضات شيء آخر تماما.
وكتبت” اللواء”: تستعد «فصائل المحور» الى جولات جديدة من المساندة، في وقت تسدّد فيه حركتا «حماس» و«الجهاد الاسلامي» ضربات محكمة لجنود وضباط وآليات الاحتلال ودباباته في القطاع.
وفي وقت استأنفت فيه المقاومة العراقية ضرباتها باتجاه مواقع الاحتلال في الجولان السوري المحتل، وسعت المقاومة الاسلامية في لبنان (حزب الله) من استهدافاتها لمستعمرات الجليل الاعلى، مؤدية الى اصابات في صفوف الضباط والجنود، اعترف بها جيش الاحتلال في بعض بياناته.
وتخوف وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت من العودة الى التصعيد العسكري في حال لم تؤدِ المفاوضات الى نتيجة توقف الحرب، وتسمح باسترجاع الرهائن.
وفي اطار تحرك الوسطاء الأميركي والفرنسي والمصري فإن هؤلاء لم يحملوا سوى الكثير من التمنيات بتلافي التصعيد حتى تمر مفاوضات غزة على خير بحيث لا يعرقل الرد المرتقب اجراءها، وعلى رغم بعض التسريبات التي تحدثت عن اشارة هوكشتاين في لقائه مع رئيس المجلس نبيه بري الى «وجود القطع البحرية العسكرية الاميركية في البحر المتوسط قبالة سواحل فلسطين المحتلة  وتمنّيه ان لا نضطر الى استخدامها»، فإن ذلك لم يغيّر شيئاً في طبيعة الموقف اللبناني، لا مع هوكشتاين ولا مع الموفدين الفرنسي والمصري، وجوهره ضرورة ممارسة الضغط الكافي على كيان الاحتلال الاسرائيلي لوقف حرب الابادة المجنونة التي ينفذها في غزة ووقف اعتداءاته على المدنيين في جنوب لبنان.  
وبحسب مصادر رسمية متابعة، هذه التطورات التي شهدتها المنطقة خلال الاسابيع الاخيرة، سواء بالتصعيد العسكري او استئناف مفاوضات الهدنة المؤقتة في غزة، جعلت الاستحقاق الرئاسي مؤجلاً الى اشعار آخر غير مسمّى، قد يطول الى ما بعد انتهاء المفاوضات– اذا نجحت- وبدء تطبيق ما يتم الاتفاق عليه في المرحلة الاولى تبعاً لإلتزام الكيان المحتل وعدم تنصّله منه. وهدنة الشهر ونصف الشهر المطروحة، تعني، اذا تم تنفيذها، وقف اطلاق النار مؤقتاً ايضاً في جبهة الجنوب، لكن تكون قد اقتربت الانتخابات الرئاسية الاميركية اوائل تشرين الثاني المقبل، والتي قد تجمّد البحث في امور الشرق الاوسط، كلها لحين ظهور نتائج الانتخابات ومعرفة توجهات الادارة الاميركية الجديدة التي تتسلم مهامها مطلع العام 2025، وعلى هذا كل شيء معلّق على ما ستسفر عنه مفاوضات الدوحة ومن ثم الانتخابات الرئاسية الاميركية، وعلى هذا قد يدخل لبنان إما في ربيع هادئ وإما متفجّر مجدداً.