ظلت ازمة انقطاع التيار الكهربائي في صدارة المشهد الداخلي في ظل توجيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كتابا إلى رئيس هيئة التفتيش المركزي لاجراء تحقيق فوري في موضوع الانقطاع الكليّ للتيار الكهربائي الذي بدا واضحاً أن رئيس الحكومة يحمّل المسؤولية الأساسية فيه إلى رئيس مجلس الإدارة المدير العام للمؤسسة كمال حايك.
وقد أفاد ميقاتي في كتابه إلى التفتيش أن مجلس الوزراء كان وافق على كتاب ورد من وزير الطاقة يعلم به مجلس الوزراء عن الخطوات التي تنوي الوزارة القيام بها في سبيل تجنب الوقوع في العتمة الشاملة، ورغم ذلك “وبدلاً من تجاوز الأزمة بفعل التجاوب المطلق مع طلب وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان تفاجأت بأن مجلس إدارة المؤسسة لم ينعقد بسبب غياب المدير العام لا بل قطع التواصل مع الجميع ولم يفوّض أياً من أعضاء المجلس بالصلاحيات لا سيما منها المالية…
ولم يبادر مجلس إدارة المؤسسة إلى القيام بواجباته ولم يجتمع لاتخاذ القرارات اللازمة بغياب أي دعوة من رئيسه حتى تاريخ الأحد 18 آب (أغسطس) الجاري، وذلك بعد أن حصلت العتمة الكاملة… وبعد أن تبيّن أن التقصير بعدم دعوة مجلس إدارة كهرباء لبنان للانعقاد أدى الى وقوع أزمة كان من الممكن تفاديها ما يقتضي مساءلة المسؤولين عنها، نطلب إليكم بالسرعة القصوى إجراء التحقيقات اللازمة مع الأشخاص المعنيين بهذه المسالة جميعهم من دون استثناء”.
واجتمع ميقاتي أمس مع وزير الطاقة والمياه وليد فياض الذي مضى في التبرؤ من الأزمة وإطلاق المواعيد والوعود، فقال في موضوع تجديد الالتزام العراقي، “إن العراق، قيادة وشعباً، يؤكد وقوفه إلى جانب لبنان وإعادة التزامه تزويد لبنان بمادة زيت الوقود الثقيل وتمديد الاتفاقية وتجديدها، كذلك التزامه بزيادة الكميات خلال هذا الشهر ليصبح 125 الف طن بدلاً من 100 الف طن ويفترض تحميلها من العراق في السادس والعشرين من الشهر الحالي”.
وأعلن “أننا بصدد تنفيذ اتفاقية تبادل “كرود أويل” من العراق والذي من خلالها نستحصل على زيادة الكمية، والعراق اكد التزامه بذلك، وأمس أجريت اتصالاً مع الوزير حيان عبد الغني ومع رئاسة الحكومة العراقية ولديهما الرغبة بالسرعة في تنفيذ هذا الموضوع كي يكون لدينا مصادر عدة للفيول، وليس مصدراً واحدا”.
أضاف: “ما حصل معنا استراتيجياً خلال هذه الأزمة منبثق من اعتمادنا على مصدر واحد، بينما الاتكال على مصادر عدة هو الأفضل، ولدينا استعداد منذ فترة للاستحصال على “سبوت كارغو” وتحدثنا في السابق أن العراقيين قد ينزعجون من هذا الموضوع.
وكان المدير العام للكهرباء طلب تغطية من الرئيس ميقاتي بقرار خطي، لكن على العكس من ذلك كي يكون لدينا مصدر آخر لاستيراد الفيول حتى لا نقع بالعتمة، علماً أننا أجرينا المناقصة في حزيران (يونيو) الماضي وتم تلزيمها موقتاً في أوائل تموز (يوليو)، وانتظرنا أكثر من عشرة أيام للتلزيم النهائي كي تكون شركة الكهرباء مستعدة لتسلم البضاعة ولكنها ربطت قرارها بمجلس الوزراء أو بقرار مكتوب من الحكومة ما أدى الى تأخر الموضوع”.
وفي غضون ذلك، كان وزير الخارجية عبدالله بوحبيب يشيد خلال استقباله سفير الجزائر لدى لبنان رشيد بلباقي، بـ”المبادرة الأخوية المقدّرة جداً لفخامة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تزويد لبنان بشكل فوري بالفيول لسدّ حاجته في قطاع الكهرباء”. ونقل للقيادة الجزائرية “إمتنان الحكومة اللبنانية وتقديرها الكبيرين لقرار الرئيس تبون، وهو قرارٌ ليس مستغرباً أن يصدر عنه وعن دولة الجزائر الشقيقة التي لطالما وقفت إلى جانب لبنان وشعبه ودعمتهما في أصعب الظروف التي مرّت ولا تزال عليهما”.
وفي الوقت نفسه، نفى المتحدث الرسميّ باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، ما يشاع عن توقف العراق عن تزويد لبنان بالوقود وأوضح “أنّ التأخير حصل لأسباب فنية ولوجستية تتعلق بالنقل والشحن”. وقال “إنّ العراق ملتزم الاتفاق، الذي وُقّع بين بغداد وبيروت، والأهم والأصدق هو الالتزام الاخويّ والقوميّ والإنسانيّ من الحكومة العراقية والشعب العراقي تجاه اشقائنا في لبنان في الأوقات العصيبة الحالية”. وأكد أنّ الشحنة الجديدة ستحمّل خلال الايام المقبلة.
وكتبت” النهار”: نصحت أوساط معنية بمتابعة هذا الملف السلطة، الإسراع في طي أزمة التعتيم الشامل ومعالجة الأمر بروية مع الدولتين اللتين تساعدان لبنان وعدم التسبب بمزيد من انكشاف التخبط الفضائحي في إدارة أزمة الكهرباء، تبين أن تردّدات الأزمة الأخيرة باتت عند مشارف انفجار داخلي أي داخل المؤسسات المعنية بمجريات ما أدى الى الانقطاع الكامل للتيار الكهربائي بحيث لم يعد في إمكان الحكومة الاستمرار في عدم التحرك للمحاسبة بعد انفجار فضيحة التلكؤ عن تامين الفيول.
وكتبت” الاخبار”: وفق التجارب التي مرّت في السنوات الماضية يفترض السؤال: كم مرّة وقع لبنان في العتمة الشاملة منذ عام 2020 حتى عام 2024؟ تجيب مصادر «الأخبار» في مؤسسة كهرباء لبنان: «لبنان وصل 3 مرات إلى العتمة الشاملة لأسباب تعلقت بمخزون الوقود أعوام 2021 و2022 و2023، ومرّتين بسبب توقف المشغّل المسؤول عن معملَي الزهراني ودير عمار عن العمل لعدم دفع الحكومة نفقاته التشغيلية بالدولار في عامَي 2022 و2023». وتضيف المصادر: «انفصلت الكهرباء عن الشبكة، بعد عام 2020، عشرات المرات بسبب تدنّي القدرة التشغيلية للمعامل لحدود 300 ميغاواط، ما كان يضع الشبكة تحت ضغط عالٍ يؤدي إلى انفصال الكهرباء عدّة مرات في اليوم الواحد». وبسبب الاعتماد على الفيول العراقي حصراً «تأثّرت التغذية بشكل سلبي، وانخفضت من معدّل 1500 ميغاواط عام 2019، حتى 450 ميغاواط الآن، علماً بأنّ هناك مجموعات توليد لا تعمل بسبب عدم وجود وقود لتشغيلها مثل المحركات العكسية في معملَي الجية والذوق»، تقول المصادر.